إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الاستاذ محمود في الذكرى الثالثة والعشرين
محاولة للتعريف باساسيات دعوته (٤)

خالد الحاج عبد المحمود


الإسلام كنظرية نقدية

الإسلام كنظرية نقدية
نقد الواقع


لغة الأحداث والاستجابات القاصرة:


إن الأحداث التي تجري في الواقع هي خطاب.. خطاب مباشر للعقل، وخطاب للعقل عن طريق النفس، عندما لا يفهم العقل مباشرة.. إن الواقع يفرض على الفكر البشري، وعلى الحياة البشرية تحديا يجعل من المستحيل أن يكون هنالك استقرار، ما لم تكن الاستجابة في مستوى التحدي.. فالاستجابات القاصرة، لا يمكن إلا أن تفشل، وهي لا تضيف للبشر إلا مزيدا من المعاناة، فمن الخير للبشرية أن تفشل سريعا.. ولقد تحدث الاستاذ محمود عن حتمية فشل بعض التجارب القاصرة، مثل الماركسية والقومية العربية والاسلام السلفي، وفي النهاية الحضارة الغربية بشكل عام.. ونحن هنا نورد بعض المقتطفات، في هذا الصدد.. فقد كانت حركة الجمهوريين، تعتبر الشيوعية الدولية هي الخطر الماثل، على السلام العالمي، ولذلك ركزت على كشف هذا الخطر تركيزا شديدا، كما ركزت على محاربة دعوة القومية العربية، كدعوة متخلفة، ولما تقوم به من دور في خدمة الشيوعية الدولية، خصوصا على يدي السيد جمال عبد الناصر في مصر.. وقد تحدث الأستاذ محمود، عن ذهاب عبدالناصر في كتابه مشكلة الشرق الأوسط 1967م، وضمن ما جاء من أقواله: "إن أعمال جمال عبدالناصر الآن، وكتابات محمد حسنين هيكل جميعها، تستهدف تبرير زعامة جمال بإيجاد كباش الفداء الذين يحملون وزر الهزيمة، ثم يمضي جمال زعيما كما كان.. فإن جاز هذا التضليل فإن العرب مقبلون على نكبة رابعة، ما من ذلك بد.. ولكن هذا التضليل لن يتم، ولن يجوز، لأن جمال عبد الناصر قد أنى له أن يذهب.. وهو ذاهب، ما في ذلك ريب، مهما شق هذا الأمر على الشيوعية الدولية، ومهما حاولت هذه الشيوعية أن تضلل الشعوب العربية عن حقيقة قصور زعامة جمال عبدالناصر.. جمال ذاهب لأن حكم الوقت الحاضر يتطلب ذلك.." .. "وجمال عبدالناصر، وهو داعي، ومفلسف للقومية العربية، يقف اليوم كأكبر عقبة في سبيل عودة الاسلام الى الأمة العربية - ذلك بأن باطل القومية العربية يشبه الحق و لا يسهل كشفه، ولا الاحتراز منه، وجمال بنى مجده، وبطولته، وشعبيته على باطل القومية العربية، ومن أجل ذلك أصبح ذهابه ضرورة تمليها مصلحة العرب خاصة، في المكان الأول، ومصلحة البشرية عامة، في المكان الثاني. فليذهب، وليبارك الله له وللعرب في ذهابه، وفي عواقب ذهابه.. فقد كان حسن النية، ولكن حسن النية وحده لا يكفي لاسعاد الشعوب. فلا بد من سعة الثقافة، ودقة الفكر، وقوة الخلق."
أما عن تصدع الاتحاد السوفتي، وانهياره، فققد جاء من كتاب (السادات) الصادر في يناير 1982م مانصه: "ويعمل السوفيت على التوسع والهيمنة، بدوافع خطيرة!! فهم لن يستطيعوا أن يصمدوا طويلا أمام الحرب الباردة، التي دخلوا فيها مع الغرب، والتي لم تخف وطأتها إلا لفترة الوفاق القصيرة.. وحال السوفيت في العجز عن الصمود إنما هو دائما حال الدكتاتوريات في مواجهة الديمقراطيات، حيث تفتقر الأوليات الي تماسك جبهتها الداخلية..".."ورد الفعل الطبيعي لتصدع السوفيت الداخلي هو اندفاعهم وبسرعة جنونية للسيطرة على مناطق النفوذ الاستراتيجية في العالم، وذلك مع غياب المسئولية الاخلاقية، عندهم، نحو السلام العالمي.. وذلك مما قد يعجل بالمواجهة المباشرة بينهم وبين الغرب.. غير أنهم مقضي عليهم بالإنهيار، سالموا أو حاربوا"!!
أما الفكر الاسلامي السلفي، والغرب الرأسمالي، والحضارة الغربية عموما، فسينصب جل نقدنا عليهما، ولذلك نرجيء الحديث عنهما، الى حينه.