إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الاستاذ محمود في الذكرى الثالثة والعشرين
محاولة للتعريف باساسيات دعوته (٤)

خالد الحاج عبد المحمود


الإسلام كنظرية نقدية

الإسلام كنظرية نقدية
نقد الواقع


الإنسان أولا:


يقول الأستاذ محمود: "ويجمل بنا هنا أن نقرر حقيقة، كثيرا ما قررناها، ولكن تكرار تقريرها مرجو الفائدة دائما.. تلك الحقيقة هي: أن ليست هناك غاية في ذاتها إلا الإنسان.. وكل شئ في الوجود إنما هو وسيلته، بما في ذلك القرآن، والاسلام، والتشريع"..ويقول: "إن حكم الوقت يجعل آيات النفوس، أهم من آيات الآفاق". ويقول: "إننا نعيش في عصر العلم، والفكر - في عصر التكنلوجيا، وعصر الفضاء، وعصر دقائق العلم بخواص المادة، ونستقبل، كل يوم، مزيدا من دقائق العلم بكل أولئك - وليس هذا العلم هو حاجتنا بالأصالة، وإنما هو حاجتنا بالحوالة.. وما حاجتنا بالأصالة إلا للعلم بدقائق النفس البشرية.. نحن نبحث عن أنفسنا - نريد أن نجدها، وأن نعرفها، وأن نكون في سلام معها - هذا هو العلم الحقيقي الذي سيتوج العلم المادي الحاضر ويوجهه.."..إذا فالانسان أولا، وقبل كل شئ، وبعد كل شئ.. ومعادلة التغيير، التي تقتضيها تحديات الواقع، لا تكون سليمة إلا إذا اتجهت الى تغيير الانسان نفسه، قبل كل شئ، وأي عمل لايتجه الى تغيير الانسان، يكون عملا في معالجة أعراض المرض، دون المرض نفسه.. أو المحاولة لتقويم الظل، والعود أعوج!! يجب أن يكون هدفنا ومعيارنا الأساسي، في التغيير، هو العمل على تحقيق انسانية الانسان.. هذا هو واجب كل فرد، وواجب كل مجتمع.. وينبغي أن يكون هو المعيار الأساسي للتقدم.. إننا نتحدث كثيرا عن الحقوق، ولا نكاد نحقق شيئا مما نتطلع اليه منها، والعلة الأساسية في ذلك، هي أننا نهمل الواجب!! بل أن مجرد تصورنا النظري للواجب، قاصر أشد القصور.
هذا عرض عام، موجز، للأسس التي يقوم عليها تصور الاسلام للواقع، وللأساس الذي تقوم عليه قراءة الواقع، مع بعض النماذج الأساسية، لقراءة الواقع الحضاري السائد، وما يفرضه من تحديات أساسية.. والحديث على قصره، وتركيزه على القضايا الأساسية وحدها، إلا أنه، قي تقديري، كاف، لوضع الأساس، لنقد الواقع، وبيان ما هو متحول نحو الزوال، وماهو منتظر، أن تكون له السيادة، في الواقع الجديد المقبل، والذي يتشكل الآن في رحم الواقع الحاضر.. والتفاصيل ستتضح في الحلقات القادمة.. وما نحب أن نختم به هو، إن من لا يستطيع أن يقرأ الواقع قراءة صحيحة، يستحيل في حقه أن يستجيب لتحديات هذا الواقع، استجابة سليمة.. وهذا يصلح أن يكون اساسا، لنقد الأفكار، التي تطرح نفسها للتطبيق، في إطار الواقع القائم، أو التي هي مطبقة بالفعل.


خالد الحاج عبد المحمود
رفاعة في 25/5/2008