إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
الاستاذ محمود في الذكرى الثالثة والعشرين
محاولة للتعريف باساسيات دعوته (٤)
خالد الحاج عبد المحمود
الإسلام كنظرية نقدية
الإسلام كنظرية نقدية
نقد الواقع
وحدة الكوكب الأرضي ومقتضيات هذه الوحدة:
لقد تحدث الأستاذ محمود، عن وحدة الكوكب الأرضي، بوقت طويل قبل ظهور مصطلح (العولمة).. وعلى كل، هنالك اختلاف جذري بين رؤية الأستاذ لهذه الوحدة، ورؤية العولمة لها.
لقد جاء من كتاب الأستاذ محمود (رسائل ومقالات الأول) قوله: "هذا الكوكب الصغيرالذي تعيش فيه الانسانية، وحدة جغرافية، قد ربط تقدم المواصلات الحديثة السريعة بين اطرافه ربطا ألغى الزمان، والمكان، الغاء يكاد يكون تاما، حتى لقد اصبحت جميع اجزاء المعمورة تتجاوب في مدى ساعات معدودات للحدث البسيط يحدث في اي جزء من اجزائه.. يضاف الى ذلك ان هذا الكوكب الصغير معمور بانسانية متساوية في اصل الفطرة وان تفاوتت في الحظوظ المكتسبة من التحصيل والتمدين.. فينبغي والحال هذه، بل انه في الحقيقة، ضربة لازب ان تقوم فيه حكومة واحدة، تقيم علائق الامم على اساس القانون كما تقيم حكومات الامم - كل في داخليتها - علائق الافراد على اساس القانون.. فذلك امر مستطاع، بل هو امر لا معدى عنه.. فان المتتبع لتطور الحياة يعلم جيدا ان مسالة الوحدة العالمية مسألة زمن فقط".. وهذا المعنى ورد بصور مختلفة، في مواقع عديدة جدا، من كتابات الأستاذ، وأقواله، ونحن لا نحتاج لمتابعتها، ولكن يمكن ايراد بعض النماذج الأخرى، فقد جاء من كتاب (التحدي الذي يواجه العرب) الصادرة طبعته الأولى في سنة 1967 قوله: "بايجاز فإن التحدي الذي يواجه البشرية اليوم هو أن الكوكب الذي نعيش فيه قد اكتملت له الوحدة المكانية، وقد اصبح يتطلب من البشرية التي تعيش فيه، أن تحقق الوحدة الفكرية بين افرادها، حتى يستطيعوا أن يتعايشوا في سلام - إن لم نقل يعيشوا في سلام - مع اختلاف ألوانهم، ولغاتهم، وعاداتهم، وعقائدهم، فإن هم عجزوا عن ذلك فسيكون مصيرهم مصير كل الأحياء الذين عجزوا عن أن يوائموا بين حياتهم وبين بيئتهم - وقد جرت بذلك سنة الأولين .. وتوحد البشرية عن طريق الفكر - وليس هنالك من طريق سواه - يتطلب مدنية تعطي منزلة الشرف للفكر".. ولقد جاء من كتاب (مشكلة الشرق الأوسط) اكتوبر 1967 في الفصل الأول تحت عنوان (صور الأشياء) قوله: "هنالك ثلاثة امور لابد من استيقانها:-
أولها: أن حكم الوقت يقضي على هذه البشرية التي تعمر هذا الكوكب أن تتوحد
وثانيها: أن هذه البشرية لكي تتوحد، لا بد لها من السلام.
وثالثها: أنها من أجل السلام لا بد لها من المدنية التي تنشر حكم القانون العادل".. وقد جرت تفاصيل في كل هذه الجوانب، ويمكن لمن يشاء أن يرجع اليها.
ويقول الأستاذ محمود، عن مقتضيات وحدة الكوكب الأرضي، ما نصه: "بفضل الله، ثم بفضل هذه الكشوف، أصبحت الانسانية تعيش في بيئة طبيعية جديدة .. بيئة صغيرة موحدة.. ولكي توائم الانسانية بين مذاهبها الاجتماعية، وبيئتها الطبيعية هذه الموحدة، أصبح لزاما، أن تبرز الى حيز الوجود، مذهبية اجتماعية، عالمية، موحدة، أيضا، عندها تلتقي الانسانية جمعاء، التقاء اصالة، بصرف النظر عن اختلاف اللون واللسان والموطن.
وبنفس القدر الذي به اصبحنا نعيش في بيئة، واحدة، فقد وجب علينا أن نفكر تفكيرا جديدا، تفكيرا يتسم بالأصالة، وبالشمول، وبالدقة.. ووجب علينا أيضا أن نعيد النظر فيما تواضع عليه الناس، في العهود السوابق، من مفاهيم ومدلولات"