إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
في الذكرى ٢٦ للأستاذ محمود محمد طه
مطاردته للشياطين في أوكار الدجل والشعوذة
د. محمد محمد الأمين عبد الرازق
كثيرا ما نسمع الناس يقولون عندما يأتي أحد بإبداع متفرد وجديد، في أي مجال من المجالات، يقولون، إن مع المبدع شيطان!! وذلك لأنه أتى بأمر لم يكن في إطار تصوراتهم، فكأنهم يبالغون في التعبير عن إعجابهم، هذا في أغلب الأحوال، أما البسطاء فيصرفون المعنى إلى أن هناك حقيقة شيطان.. وقديما عندما استمع العرب إلى الشعر الرصين، البليغ من امرؤ القيس قالوا إن معه شيطان يوحي له هذه البلاغة المعجزة.. وفي تاريخ السودان، عندما ألقى اسماعيل باشا قنبلة بدائية في ذلك الوقت، وسط فرسان الشايقية في معركة كورتي، اندهش الفرسان، لهذا الجسم الغريب الذي يشاهدوه لأول مرة، وقد يكونوا داعبوها بحرابهم، فانفجرت القنبلة وقتلت منهم مجموعة بالرغم من أنهم بعيدون عن عدوهم!! فتشاور شيوخ القبيلة في دهشة غامرة، إذ أنهم لا يعرفون سبيلا إلى القتال غير الصراع المباشر.. وتوصلوا إلى أن ما حدث ليس له تفسير سوى أنه من فعل الشيطان، ولا يمكن لبشر أن يستمر في مقاتلة الشياطين، فسلموا بعد أن أبلوا بلاء حسنا واخترقوا الجيش التركي رغم السلاح الناري، ومعلوم أن تلك المعركة كانت أول مواجهة يتعرض لها الأتراك في السودان.. إن نقص العلم هو الذي دفع هؤلاء الشيوخ لذلك القرار، والمشكلة دائما تكمن في نقص المعرفة وبساطة التصورات.. وقد قال الشيخ جمال الكاشف لصحيفة الوطن 31/1/2010م: "وما كان للغربيين مثلا، أن يصنعوا الطائرات ولا المركبات الفضائية، ولا أن يكتشفوا عمليات دقيقة، ومعقدة جدا، مثل عملية الاستنساخ لولا دعم الجن والشياطين لهم!!".. إن هذا الشيخ خالي ذهن تماما من المعرفة بقدرات العقل البشري، وما وصل إليه العلم المادي من تطور، إذ أن الصناعة اليوم، انتقلت بالتعلم إلى جميع الدول: هل انتقلت معهاٍ الشياطين كذلك!!؟؟
أما السيد المكاشفي طه الكباشي، فقد سألته مجلة الدستور بتاريخ 24/6/2000م: "صف لنا محمود محمد طه وهو أمام المشنقة؟ أجاب: كان ثابتا ويتمتع برباطة جأش، ولكن كان لي تفسير لهذا.. إنه قد بدا لي أن لهذا الرجل شيطان، وتخيلت أن شيطانه قد وسوس له بأنه لن يموت أبدا"!! إذن لم يكن المكاشفي أفضل حالا من الأمثلة أعلاه، فهو عندما شاهد الثبات المنقطع النظير، والابتسامة المشرقة التي بدت على وجه الأستاذ محمود عندما كشف عنه القناع وهو يقف على المقصلة، قال: كان معه شيطان، والسبب، كما أسلفنا، هو أن هذا الموقف فاق تصور المكاشفي، ولعدم المعرفة ظن أن هناك شيطان!! فهو ليس لديه قدم في التوحيد، ولم يدر في خياله أن الفرح بلقاء الله عند الموحدين يمكن أن يصل بهم إلى هذه الدرجة من التعبير.. لقد كتب الأستاذ محمود عن الموت وقال أنه ميلاد جديد في حيز جديد، فيه حياتنا أكمل وأتم، لقربنا من ربنا، وقال عندما تتحقق للنفس المعرفة بحقيقة الموت يكون الموت "أحب غائب إلينا" ومعلوم أن النبي الكريم فضل الموت وكان يردد لحظة النزع: بل الرفيق الأعلى.. بل الرفيق الأعلى.. وقالت عنه السيدة عائشة: خيّر فلم يختارنا، وعندما قالت ابنته فاطمة الزهراء: وا كرباه لكربك يا أبي، لدى مشاهدتها شدة النزع، رد عليها: لا كرب على أبيك بعد اليوم!! إن السيد المكاشفي، كما هو واضح، لم يتذوق في حياته قط طعم التدين في تحقيق التوحيد، وليس أدلّ على ذلك، من حديثه الذي بين أيدينا حول موقف الأستاذ محمود، إذن السؤال هو: من الذي معه شيطان!؟؟
في عام 1975م أقام الجمهوريون معرضا بنادي الخريجين، بمدني واستخرجوا التصاديق اللازمة من الشرطة، وقد افتتح المعرض الأستاذ محمود بمحاضرة حول الفكر الجمهوري، ولكن عندما بدأت المحاضرة، فوجيء الجمهور بقوة من الشرطة يقودها السيد مالك أمين نابري مدير الشرطة آنذاك، تطلب من الأستاذ أن يوقف المحاضرة، فأوضح لهم أن المحاضرة مصدقة ولن نوقفها.. ثم عاد وأنذر بأنه سيفض التجمع بالقوة!! لم يرد عليه الأستاذ هذه المرة وواصل محاضرته، فانهالت أكثر من 30 قطعة من قنابل الغاز المسيل للدموع، على مسرح النادي، وحدث هرج وتفرق الجمهور بسرعة إلى الخارج.. وكان الأستاذ ثابتا في مكانه، لا عطس ولا دموع ولا شكوى، وبدا وجهه مشرقا كأن شيئا لم يحدث!! ولكنه كان يصيح في الناس، خاصة الجمهوريين: اجلسوا.. أجلسوا.. أجلسوا.. وعندما قدمت له إحدى الجمهوريات قطعة قماش مبللة، دفعها بعيدا عنه!! وكان هذا المشهد محيرا ومدهشا للغاية ليس للجمهور وحسب وإنما للجمهوريين أنفسهم..
وعند التحقيق فيما بعد مع الأستاذ سعيد الطيب شائب كبير الجمهوريين بمدني، بواسطة الشرطة، وقد كان الأستاذ سعيد معروفا لديهم بحكم عمله كرئيس حسابات بمديرية النيل الأزرق في ذلك الوقت، وبحكم قامته المسيطرة كأحد حكماء المدينة بصورة عامة، وهو الذي استخرج التصديق اللازم لحفل الافتتاح منهم.. سأله الضابط: يا أستاذ سعيد: انت محمود دا ملك والله نبي!! حاجة مدهشة!! البنبان دا كلو ما أثر فيهو!! الملاحظه هنا أن ذلك الضابط لم يضع احتمال الشيطان كما فعل المكاشفي، وإنما وضع احتمال الملائكة!! أو الأنبياء!! وهو يعبر عن دهشته بمبالغة في التعبير.. وفي تقديري أن السبب هو المعرفة اللصيقة بالأستاذ سعيد والجمهوريين، بالمدينة ودورهم الرائد في التوعية والالتزام بالقانون الذي لا ينكره إلا مغرض.. وتحضرني في هذا المقام عبارة الأستاذ محمود أن الشعب السوداني لا تنقصه الأصالة وإنما تنقصه المعلومات الوافية، وقد تضافرت شتى العوامل لتحجبها عنه، فهذا الضابط لعلمه لم يتهم الجمهوريين بشيطان..
ونقص العلم عانت منه الشياطين نفسها، عندما كانت مصفدة في الأغلال، وتحت عذاب مهين من النبي سليمان، فهي، أعني الجن، ظلت تحت العذاب لزمن طويل بسبب عدم معرفتها بموت النبي سليمان الواقف أمامها مستندا على عصاه.. قال تعالى: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خرّ، تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين).. يعني عندما خر علمت أنه مات، وذهب الخوف، فخرجت من العذاب المهين..
لقد أوردنا من كتابات الأستاذ محمود في هذا البحث، أن الأرواح الخيرة متعلقة بالروائح الطيبة، وأن الأرواح الشريرة تتواجد حيث الروائح الكريهة، وهذا هو السر في انتشار البخور الطيب والعطور في دور العبادة، والخلاوى وأضرحة الصالحين.. ويجب على الناس أن يحافظوا على هذا التقليد في بيوتهم، بإطلاق البخور للحفاظ عليها من تداخل الأرواح السفلية.. وقبل أن أغادر هذه النقطة، لا بد من التنبيه إلى خطورة تعاطي الصعوط أو التمباك، وقد كان الأستاذ محمود يحذر بلهجة شديدة، مدمني السفة من العواقب السيئة التي يمكن أن يتعرضوا لها من تداخل الأرواح السفلية، وقال إن مدمن السفة مقطوع من الطريق النبوي نتيجة لوجود مادتها الكريهة سارية في جسده.. أكثر من ذلك، فإنه كان لا يوافق على أن يذهبوا بالملابس للمكوجي إلا بعد التأكد من أنه لا يتٍٍعاطى الصعوط، والسبب في ذلك أن الغسال يرش الملابس بالماء من فمه، وهذا التصرف يجعل الملابس عرضة للتلوث ببواقي مادة الصعوط، في الفم، ومن هنا تأتي الخطورة!! والأخطر من كل هذا، فقد قال الأستاذ لأحد المشتكين من صعوبة التخلص من السفة حتى بعد أن صار جمهوريا، ذكر له أن مدمن الصعوط، عندما تاتيه لحظة الموت، فإن روحه تحاول لدى الخروج أن تلفظ مادة الصعوط إلى الخارج، فتتجمع الروائح الكريهة عند منافذ الجسد، وتجذب الأرواح الشريرة!! وهذا الوضع يجعل الإنسان معرض لأن تخرج روحه في زمرة الأرواح السفلية، فيموت على سوء الخاتمة!! وبعد هذه الحجة قذف المشتكي علبة الصعوط بعيدا، ولم يعد إليها حتى اليوم!!
أما بعد، فنتحول لنلقي الضوء على حكاية السيد عبد الجبار المبارك، فقد زار السيد عبد الجبار الأستاذ محمود أكثر من مرة، وناقش الأستاذ خالد الحاج من الجمهوريين، في مسجده لأيام، كما عقدت مناظرة بينه والأستاذ خالد بجامعة الخرطوم.. ولم يحدث في كل هذه اللقاءات أن تحدث السيد عبد الجبار عن حكاية الشيطان هذه!!
جاء في الكتاب الأول من (الفكرة الجمهورية في الميزان)، للسيد عبد الجبار المبارك تحت عنوان "علاقتي بالفكرة الجمهورية" ما يلي:
(إن علاقتي بما يكتب الأستاذ محمود محمد طه علاقة قديمة بدأت بالاستطلاع ومرت بالاطّلاع. وتخللتها فترة حاولت فيها الإقناع أو الاقتناع، ولكني لم أجد ما يقنع حتى عندما حادثت الأستاذ محمود محمد طه في منزله بالحارة الأولى من مدينة الثورة ولمدى من الزمن ليس قصيرا..) ويواصل الحديث حول زيارته للأستاذ محمود: (اتفقت مع أحد الإخوة الجمهوريين وهو رجل "فاضل طيب" على أن أقابل الأستاذ "محمود محمد طه" وفعلا ذهبنا له بعد أن جاءني الأخ الكريم في المنزل، وفي الطريق علمت منه أنه لم يخطر الأستاذ بمجيئنا اليوم مبررا ذلك بأن الأمر لا يحتاج لعناء و"بروتوكول" وحثنا على المضي في سيرنا، وفعلا سرنا حتى وصلنا منزل الأستاذ محمود في الحارة الأولى.. فدخل أمامنا ووقفنا نحن قليلا خارج الدار ثم عاد يدعونا للدخول حيث ذهب بنا إلى "الصالون" وهو بناء متواضع من الجالوص فوجدنا بعض الإخوة.. فجلسنا في انتظار الأستاذ وبعد مدة وجيزة، حضر الأستاذ فرحب بنا، وأخذ يؤكد لنا أن أمره سيعلو! ذلك بحسبانه أننا جئنا مؤمنين برسالته! ولكني بادرته القول بأني كثير الاطلاع والمطالعة على ما تكتب وقد دخلت في حوار مع عدد من الجمهوريين، فلم يصلوا بي إلى الإقناع وقد جئت إلى هنا لكي أسمع منك أنت ولأجد توافقا بين كثير مما يبدو متناقضا فيما تكتب) انتهى.. وهكذا استمر السيد عبد الجبار يسرد تفاصيل ذلك الحوار، الذي استغرق أكثر من جلسة، في أكثر من عشر صفحات من كتابه.. وحول الجلسة الثانية جاء في الكتاب: (في يوم الخميس، وصلنا منزل الأستاذ فوجدنا الأستاذ في استقبالنا. يلبس قميصا من "الساكوبيس" ويلبس ثوبا قد التقى طرفاه على الجزء الأسفل من صدره تحت إبطيه ويلبس تحت القميص "سراويل" قد بدا طرفا منه من وراء الثوب الشفيف، وقد وضع على رأسه طاقية بيضاء.. ملابس بسيطة نظيفة يبدو فيها التقشف والزهد، غير أن مقياسي للتقشف والزهد الإسلامي لا يقوم على المظاهر، وإلا كان "المهاتما غاندي" بثوبه الواحد ورأسه الحافي وجسمه الناحل أكثر تطبيقا لمباديء الإسلام الداعية إلى الزهد والتقشف من الأستاذ محمود محمد طه.. وعلى كل فقد جيء بالغداء ونسبة للعدد الكبير من كبار أتباعه الذين توافدوا إلى منزله، فقد أحضر الغداء في "صينيتين" وبعد أن جلس كل الناس إلا قليلا ولعلهم قد تغدوا، جلس معنا الأستاذ محمود بعد أن بدأنا الأكل قبله. وكان الغداء بسيطا لا تكلف ولا كلفة فيه)..
إلى هنا الأوضاع عادية بين الجمهوريين والسيد عبد الجبار، والحوار متواصل ولم يحدث أن جرى ذكر لحكاية الشيطان، الذي قال السيد سعد أحمد سعد عنها يعلم سرها الكثيرون.. وبما أننا من العالمين بسرها فسنقوم بكشفه في الفقرة التالية، حتى يتبين للناس حجم الأوهام التي حجبت هؤلاء القوم عن الانتفاع بأعظم فكر إنساني على وجه الأرض..
الزيارة الأخيرة للسيد عبد الجبار حدثت فيها الحكاية التي تداولها بعض المعارضين، ونسجوا حولها من أخيلتهم المريضة أكاذيب، بهدف النيل من مفكر في قامة الأستاذ محمود.. لقد استقبل الأستاذ السيد عبد الجبار في زيارته الأخيرة، وتحاور معه بنفس الطريقة التي أشار إليها بنفسه.. وأثناء الحوار دخل على المجلس شيخ مجذوب مختل العقل يدعى مصطفى وهو رجل معروف ويتجول كثيرا بين أحياء الثورة ويتبعه دائما كلب، ويتابع حلقات الذكر أينما أقيمت كسائر الدراويش، وحضوره إلى منزل الأستاذ الهدف منه حضور حلقة الذكر المشهورة أمام منزل الأستاذ محمود، وأمثال هؤلاء كانوا يجدون عند الأستاذ الاحترام والتقدير والإكرام كسائر الزوار.. أما ما حدث للسيد عبد الجبار عند دخول هذا المجذوب، فيحكيه لنا الأستاذ الأمين أحمد نور، وقد كان حاضرا ذلك المشهد من رده على صحيفة الدار بتاريخ 21/12/2002م التي أوردت عن السيد عبد الجبار هذا الإدعاء، نقلا عن مجلة القوم الصادرة في أكتوبر 1986م: (السيد عبد الجبار رأى رجلا من سكان الحارة الرابعة بالثورة، يعرفه اغلب سكان الحارة بهدوئه وتوفي قريبا عليه رحمة الله، وهو فعلا رث الثياب، ويأتي بحركات كثيرة في شكل تشنجات وهو في حالة جذب وصلاح، ويتردد كثيرا على منزل الأستاذ.. وفي أثناء النقاش حضر هذا الرجل كالعادة، وجلس حيث ذكر شيخ عبد الجبار فارتجف الشيخ عبد الجبار، وتصبب عرقا ملفتا للنظر وارتبكت ألفاظه وبدا عليه الانزعاج، مع ملاحظة أن الوقت شتاء شديد البرد!! ولحسن حظ السيد عبد الجبار لم يكن الرجل في ذلك اليوم يحمل عصا أو سيف، فما ندري كيف سيكون حاله إذا حدث ذلك؟؟ فالظاهرة التي اعترت الشيخ عبد الجبار هي أمر طبيعي، وعلماء النفس يسمونها بالهلوسة البصرية، وغالبا ما يمليها على الإنسان الخوف عندما يصل مرحلة معينة.. فحصار الأستاذ محمود للشيخ عبد الجبار وظهور شيخ مصطفى، تضافرا ليحدث للشيخ عبد الجبار ما حدث..) انتهى..
انظر كيف كتب السيد مصطفى أبو العزائم، وهو الآن رئيس تحرير صحيفة أخر لحظة بتاريخ 1/8/2009م: (ويحكى لي الشيخ عبد الجبار قصة غريبة وعجيبة عن ذلك الشخص نفسه، عندما قرر أن يناظره في بعض أمور الدين بمنزله في أمدرمان، إذ كان الداعي للمناظرة يؤجل البدء فيها جاعلا مقعدا ثالثا بينه وبين الشيخ عبد الجبار، إلى أن جاء رجل لم يلاحظ أحد دخوله سوى المتناظرين!! وكان كما يقول الشيخ عبد الجبار المبارك رجلا قبيح الصورة، نتن الرائحة حاول أن يصرف انتباه الشيخ عبد الجبار إلا أن الأخير غلبه بالآيات !! فقال المضيف، للشيخ عبد الجبار: ليس بيني وبينك مناظرة أو لقاء!!) انتهى.. لاحظ الإضافات الكاذبة حول القصة.. وقد علق الكاتب عادل ابراهيم حمد بعد أسبوع بنفس الصحيفة بقوله إن هذه القصة لا تصلح للنشر من أساسها.. والغريب أن هذا الصحفي كان يعمل إلى جانب صحفي في قامة الأستاذ حسن ساتي، ثم تولى رئاسة التحرير وهو لا يميز بين الحوار الجاد والدجل والشعوذة!! أسوأ من ذلك يتولى بقلمه، وفي عموده الخاص، نشر قصص الدجل في حق العلماء ثم يقفل باب التصحيح بلا حياء في وجوههم..
لقد تمكن الأستاذ محمود، بفضل الله ثم بفضل مجاهدته في تطبيق المنهاج النبوي، من إخراج فكرة مبوبة ومفصلة لحل مشكلة الفرد ومشكلة المجتمع.. ورفع بذلك الإنجاز رأس المسلم عاليا، وعلمه كيف يتحدث بملء فيه عن حقوق الإنسان في عالمنا المعاصر استنادا على القرآن الكريم، وليس أخذا من الثقافة الغربية، أكثر من ذلك يصحح تلك الثقافة بإضافة البعد الروحي المفقود فيها.. ثم هو يطرح الإسلام، في عزة وكبرياء، بعد أن كان المسلمون يتوارون خجلا عندما تعرض عليهم انتهاكات حقوق الإنسان في بلادهم، وهم لا يعرفون مخرجا فكريا من حيث التنظير الإسلامي يدافعون به عن دينهم.. أليس من حقنا أن نفخر ونحتفل على مدار الساعة، بظهور هذا المفكر العملاق من بيننا نحن ــ السودانيين؟؟