إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
في الذكرى ٢٦ للأستاذ محمود محمد طه
مطاردته للشياطين في أوكار الدجل والشعوذة
د. محمد محمد الأمين عبد الرازق
ما عرف تاريخ السودان داعية إسلامي جسد السنة النبوية على الأرض، سلوكا ومعاملة للخلق، بالمستوى الذي شاهدناه نحن الجمهوريين من خلال حمل الدعوة مع الأستاذ محمود.. هذا الانطباع لم ينحصر فينا، نحن التلاميذ، وإنما عبر بمثله بصور مختلفة، معظم معاصريه من المثقفين غير المغرضين، خاصة الذين زاملوه أيام الدراسة، ففي مقابلة بصحيفة الصحافة بتاريخ 26/11/2006م قال المعلم المعروف الأستاذ عبد الرحمن عبد الله: "زاملت في الدراسة بكلية غوردون جمال محمد أحمد وبابكر عوض الله وحسن الطاهر زروق وصلاح الدين عبد الله والدرديري محمد عثمان ونصر الدين السيد ومحمود محمد طه، والأخير كان أكثرنا طهرا، وشجاعة، وجدية لدرجة أننا لم نكن نستطيع أن نتفوه بأي عبارات غير لائقة في حضوره".. وقد قال الأستاذ كمال شانتير المحامي في مقابلة صحفية أيضا أنه من وحي معاشرته للأستاذ ومناقشاته له، لا يعتقد أن هناك شخصا عاش حياة منضبطة كما فعل الأستاذ محمود، ليس هذا على نطاق السودان وإنما على نطاق العالم أجمع.. فالأستاذ محمود قامة روحية كوكبية، وهو مفخرة للشعب السوداني، لأنه قلد النبي الكريم بتجويد وإتقان، حتى حقق كلمة التوحيد في الدم واللحم، فتمكن من طرح فكرة من أصول القرآن لم يقل بها أحد من قبل، وذلك استنادا على فهم مدلول الآيات المكية المنسوخة، مما دفعه ليقرر بصورة حاسمة مرحلية الآيات المدنية التي أحكمت في القرن السابع.. وبذلك انفض التعارض بين الشريعة السلفية وحاجة العصر.. ولعل المتابع الذكي لما يجري في السودان اليوم، قد لاحظ إفرازات التأخير، والبطء في الأخذ بهذه الدعوة.. وليس أدل على ذلك من التفتت الذي أصبح واقعا تراه عين العقل في أي جزء من خريطة السودان، وقد أنذر الأستاذ من هذا الوضع عندما قال: "راح يجيء يوم تصير فيه خريطة السودان زي (الدلقان المهرود)!!" ولكنه بشر بأن السودان سيقدم نموذجا للحكم الصالح عندما تنفتح أعين أبنائه على الدعوة الإسلامية الجديدة، صاحبة الوقت.. وكان باستمرار، يدعو تلاميذه إلى أن يكونوا مصاحف في الدم واللحم سائرة على قدمين بين الناس، فهو يرى أن السمة الأساسية التي ينبغي أن تلازم الداعية ولا تنفك عنه، هي أن يفعل ما يقول، حتى إنه جعل هذه السمة ميزانا للتمييز بين الدعاة، من منهم على الحق؟؟ وذلك لأن التنظير وحده لا يكفي للفصل في ذلك، فالتطبيق دائما هو المحك.. قال تعالى في توكيد هذا المعنى: (يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون؟ كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)..
عندما صدرت قوانين سبتمبر 1983م، وزعم نميري أنه طبق الشريعة، تصدى له الأستاذ محمود، بالحجة والمنطق، وبيّن في المنشور الشهير "هذا أو الطوفان" مخالفة تلك القوانين للشريعة، وللإسلام.. ولما كان نميري لا يرمي إلى إحياء الدين، وإنما يهدف إلى إرهاب الشعب وسوقه إلى الاستكانة عن طريق إذلاله، ليستمر في السلطة، فقد لجأ إلى استغلال القضاء لتصفية خصومه من المفكرين، حتى لا تسقط السلطة من يده تحت انتقاداتهم.. وقد كانت هذه الرؤية واضحة في ذهن السيد خلف الله الرشيد رئيس القضاء الأسبق، ولذلك قال لصحيفة "الأهرام اليوم" بتاريخ 18/12/2010م: "نعم محمود أعدم بسبب خصومة سياسية وحتى اليوم لم توجه إليه تهمة!!" ثم ذهب يفصل المفارقات التي حدثت في إقحام الحدود الخمسة في القانون الجنائي أيام مايو عام 1983م، ثم نفس الممارسة في القانون الحالي 1991م، بإضافة حد الردة فصارت الحدود ستة.. هذا وقد أبطلت المحكمة العليا عام 1986م جميع قرارات محاكم نميري في حق الأستاذ محمود والجمهوريين..
لقد أثار حديث السيد خلف الله الرشيد هذا حفيظة، بعض المعارضين التقليديين، للفكر الجمهوري، فبدلا من التركيز على نقد الفكرة لتتضح صحتها أو بطلانها، اتجهوا إلى الإسفاف وكيل الشتائم، والإساءة والتجريح لمؤسس الدعوة.. وهم يظنون أن هذا الأسلوب الرخيص غير العلمي سينال من عارف بالله غطت أفكاره كل شبر من أرض السودان، وبرزت قامته الروحية على مستوى العالم، وصارت كتبه وأحاديثه مرجعا للاستنارة، وإزالة التشويه الذي أحدثه أمثال هؤلاء الجهلاء بالإسلام.. فيما يلي سنقدم نموذج غاية في السوء، من هؤلاء القُصّر، وهو السيد سعد أحمد سعد الذي لجأ إلى الدجل والشعوذة، كأسلوب لمناهضة الفكرة الجمهورية، وكل همه أن يثبت لقرائه أن الأستاذ محمود معه شيطان!! ولسطحية تفكيره ظن أنه وجه الضربة القاضية للدعوة الجمهورية!! على كل حال نتابع ما كتب، وهدفنا الأساسي ليس تفنيد دعاواه، فسوء صنيعه يكفينا ذلك، وإنما هدفنا هو إضافة لون فكري آخر من إبداعات الأستاذ محمود الروحية، في جانب عالم الأرواح، علويها وسفلييها.. وهو الجانب الذي لم ينل حظه من النشر بسبب إلحاح قضايا السياسة، ومن المؤكد سيكون حديثنا معينا على محاربة الدجل والشعوذة المنتشرة في أوساط البيئة الاجتماعية في السودان..
كتب هذا الكاتب بصحيفة الانتباهة بتاريخ 4/1/2011م، تحت عنوان "عودة إلى القراء" أنه تلقى العديد من الرسائل زعم أنها وصلت إليه عبر الموبايل، وقال: "إن المكالمات التي تردني في اليوم الواحد لا تقل عن مائتين أو ثلاث مئات وهذه غير التي أسارع في الرد عليها"!! ثم شرع في عرض بعض تلك الرسائل، فكتب: "الرسالة الخامسة: الأستاذ الجليل سعد: آخر أسبوع بحياة محمود محمد طه كنا معا.. ارجع لي في الرقم.. ورجعت له وتبين أنه كان من أتباع محمود محمد طه وأنه زاره يوما في شوق شديد، ودخل عليه في الغرفة بدون استئذان، فرأى معه رجلا عاريا وفي أقبح صورة، فخرج من عنده ولم يعد حتى الآن.. وأظن هذا عين ما شهده المرحوم عبد الجبار المبارك في المناظرة الشهيرة التي يعلم سرها الكثيرون".. انتهى.. ثم واصل في الرسالة التاسعة، ليسرد نفس المحتوى لكن بعرض كله لعن، وشتائم بعبارات لا يمكن أن تصدر عن نفس مؤمنة بالله، إذ أن من أبجديات المعرفة بالتربية الدينية: (ليس المؤمن بطعان ولا لعان ولا فاحش ولا بذيء) كما جاء في الحديث النبوي.. لكنه أضاف معلومة لم ترد في الرسالة الخامسة وهي أن الجمهوري الذي حكى له هذا "التلفيق" كان مغتربا!! والشوق المتدفق بسبب الغربة هو الذي جعله يقتحم الغرفة من دون استئذان!! ليفاجأ بالمشهد المزعوم.. هذا بعض ما أورده هذا الكاتب المدعو سعد أحمد سعد..
أولا: نحب أن نؤكد في البداية، ليس هناك جمهوري واحد كان مغتربا، وعاد في الأسبوع الأخير من حياة الأستاذ محمود وخرج من الجمهوريين، لم يحدث هذا الزعم قط، فهذا الرجل يكذب ويتحرى الكذب بصورة مؤسفة.. ألم يسمع بقول المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم: (لا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا) ثم حديث آخر يجيب فيه النبي الكريم على السائل: (هل يكذب المؤمن؟؟ قال: لا.. لا يكذب المؤمن) بعد أن أوضح أن المؤمن قد يرتكب مخالفات أخرى، لكنه بصورة مؤكدة لا يكذب.. ومعلوم في أوساط السودانيين، أن الجمهوريين لم يهاجروا بحثا عن المال، فالاغتراب عموما لم يكون مسموحا به، وكان الأستاذ محمود يقول: (البقاء في السودان بنصف بطن أفضل من أي مستوى بالخارج) وكان يقول أيضا: (إن الذين يقلبون أجسادهم تحت المكيفات الباردة لا يمكن أن يقدموا حلولا لمشاكل هذا الشعب) لكن الاغتراب من أجل التعليم كان مستثنى.. وجل ما حدث من اغتراب من بعض الجمهوريين إنما حدث بعد 18/1/1985م، بسبب تداعيات غياب المرشد الروحي..
ثانيا: لقد أورد السيد سعد في مقاله أكثر من عشرين رسالة، وذكر أسماء بعض الذين أرسلوها، لكنه فيما يختص بالرسالتين أعلاه، لم يورد أي اسم أو عنوان يمكن القراء من التأكد من هذا الجمهوري المزعوم بالاتصال به أو مراسلته.. والسبب ببساطة لأنه يكذب، ولبساطة تفكيره وقلة ذكائه يكذب بوضوح، بإخراج مفضوح من ركاكة التعبير وضعف الإخراج..
ثالثا: إن غرفة الأستاذ محمود الخاصة به، بها باب وستارة ولا يمكن أن يدخلها زائر قط بدون استئذان، فالسيد سعد لا يعرف أدب الزيارة، والأدب النبوي في التعامل مع المرشد المسلك.. ومعلوم بداهة أن أي إنسان من البشرية المعاصرة، مهما كان وضعه، متدينا أو لا علاقة له بالأديان، لا يمكن أن تحدثه نفسه بأن يقتحم إنسان في غرفته الخاصة!! فالحس الإنساني بين الناس حاضرا وفي تطور مضطرد.. وقد جرت العادة بأن يستقبل الضيوف والتلاميذ في صالون المنزل، حتى يخرج إليهم المرشد أو يأذن لهم بالدخول عليه في الغرفة بعد الإعداد اللازم.. ليس هناك فوضى بالصورة التي تدور في خيال هذا الرجل المريض..
رابعا: لقد ورد عن النبي الكريم أن من دمغ شخصا بالكفر، فإن هذه الكلمة لا تقع أرضا، فإما تكون صحيحة أو يبوء بها قائلها (من قال لأخيه كافر باء بها أحدهما).. إن السيد سعد يقذف عبارات الكفر من غير ورع، كأنه يوزع فاكهة على القراء!! هل يظن هذا الجاهل بأن قناعته ببطلان الفكرة الجمهورية، تسمح له بمفارقة قيم الدين الواحدة تلو الأخرى في حق دعاتها؟؟ إذن فلنستمع إلى هذه الآية الكريمة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّه،ِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ، وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ، اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى، وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة: 8]"..
إن مفارقة الآخرين للدين لا تبرر لك المخالفة لأن الدفاع عن الدين ليس بلطجة، وإنما هو عمل روحي أساسه الانضباط بالخلق النبوي، والله هو المسئول عن محاسبة الجميع على قانون المعاوضة، وفق الآية الكريمة: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ)..
لقد زار الكثير من السودانيين الأستاذ محمود في منزله معجبين، ومعارضين، لكنهم كانوا، بحجم المسئولية لصدقهم مع أنفسهم فلم ينحدروا إلى الدرك الذي هبط فيه السيد سعد أحمد سعد.. وسأورد بعض ما كتبه هؤلاء الفضلاء، ليعرف الناس بالمقارنة حجم الفجور في الخصومة الذي يكتنف شخصية السيد سعد، والذي كشفه بنفسه في مقاله هذا، حتى يتدارك أمره، ويخرجها من دائرة النفاق، فإنه وارد في الحديث أن من علامات المنافق (إذا خاصم فجر).. إذن نتابع بعض الفقرات ممن زاروا الأستاذ محمود من الذين يخالفونه الرأي، وليس المعجبين:
الأستاذ عادل ألباز رئيس تحرير صحيفة الأحداث السودانية، وصف واقعاً شاهده بنفسه عندما زار الأستاذ محمود فقال: (على أن ما رسخ في ذهني هي الطريقة التي عاملنا بها الأستاذ.. تواضع لا حدود له، خرج لملاقاتنا خارج عتبة الغرفة وانتهى بوداعنا خارج المنزل "بيت الجالوص".. سالمنا كأننا أخلص وأحب تلاميذه وودعنا كأننا أصدقاء مقربين.. على كثرة ما التقيت في عمري من بشر، ما عرفت شخصاً اجتمع له العلم، والتواضع، ونظافة اليد وعفة اللسان كالأستاذ محمود.. خرجنا منه كما دخلنا عليه مختلفين معه فكرياً منبهرين بشخصه.. الآن تمر ذكراه فيحتفل به فأين الذين نصبوا له المشانق؟ دفنوا في صحارى النسيان أحياء، والشيخ الذي قبروه في صحراء العتمور لا يزال حياً يوقد فكره المنابر!! بكيت الأستاذ كما لم أبكِ زعيماً من قبل، ولا أظنني سأبكي آخر من بعد).. انتهى..
هذه القطعة الأدبية الراقية المعبرة، كانت جزء مما ما كتبه الأخ عادل ألباز، رئيس تحرير جريدة الصحافة حينها، بتاريخ 20/1/2007م..
وهذا نموذج آخر لكتابة منسوبي الاتجاه الإسلامي، حول الفكر الجمهوري، ومؤسسيه، وهو الأستاذ الصحفي محمد طه محمد أحمد، من رده على مدير جامعة النيلين الذي استدعى الأمن وأوقف ندوة في الذكرى (17) لاستشهاد الأستاذ محمود، كانت معلنة من الطلاب، وقد زار الأخ محمد طه الأستاذ محمود أكثر من مرة، في منزله.. جاء في صحيفة الوفاق 18/2/2002م ما يلي في باب "لله والحرية": (إن الطلاب يريدون أن يعرفوا لماذا نجح زعيم حزب سياسي في أن يرسخ على الأقل القدوة في معاشه ووسط تلاميذه، فعاشوا اشتراكية حقيقيةً، بينما فشلت كل القوى السياسية في ذلك وبحثت عن الرفاهية ورغد العيش؟ لماذا نجح محمود محمد طه في أن يعيش في بيت الجالوص، وهو أول مهندس في السودان؟ وكيف استطاع إقناع تلاميذه بان يعيشوا في مجتمع نموذجي مثل الأشعريين الذين كانوا إذا وجدوا طعاماً اقتسموه بالسوية؟ إن القيم مطلوبة وفي السيرة النبوية فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال عن الأشعريين أنهم منه وهو منهم.. وقد بارك الرسول صلى الله عليه وسلم حلف الرجال الكبار في الجاهلية الذين تعاهدوا على نصرة المظلوم ورد حقوقه إليه، وقال عليه الصلاة والسلام عن هذا الحلف الذي يشجع قيم مناصرة الضعفاء "لو دُعيت إليه في الإسلام لأجبته".. إن ذكرى محمود محمد طه تضغط لترسيخ الدعوة للقيم ولو كانت قيمة السكن في بيت الجالوص فتوفر سكن الدور الفسيحة ومساحتها أفدنة وأفدنة وتحولها من سكن مسئول واحد لسكن الطالبات القادمات من الولايات..إن المهندس محمود تم دفنه في قبر مجهول ولكن داره دار الجالوص مازالت موجودة في الحارة الأولى بالثورة أم درمان ولايمكن دفنها في قبر مجهول.. ولم يكن بيت الجالوص هو الذي تبقى بعد دفن صاحبه في قبر مجهول، وإنما تبقت العظة والعبرة.. ففي الحارة الأولى نفسها حدثت أكبر جريمة بالسودان حينما قاد شخص قيل أنه ينتمي لجماعة دينية، فإذا بمجموعة من الناس وهم يحملون أسلحة نارية وهجموا على مسجد أنصار السنة وقتلوا المصلين يوم الجمعة.. وتكررت نفس المأساة في مسجد أنصار السنة في الجرافة بأمدرمان.. وما بين الجريمتين برزت حقيقة مهمة وهي أن الجمهوريين طوال نشاطهم منذ عام 1946م لم يقذفوا بحجر واحد تجاه أي جماعة دينية.. إن العنف والفتنة حدثا في صراع الجماعات الدينية ضد بعضها البعض ومع ذلك فإن الصراع الشرس يتم إمتصاصه بالصراع الفكري الهادئ، وتتفتح ألف زهرة وزهرة فوق أكوام الرماد..) انتهى.. وفي تعليق له حول أركان النقاش التي أسسها الجمهوريون في جامعة الخرطوم كتب محمد طه: (إن أركان الجمهوريين كانت مدرسة بحالها تعلم فيها الإسلاميون كيف يبحثون في المكتبات ويرجعون إلي المراجع وإذا لم تعد هذه الأركان إلي الجامعة فسيتحول الطلاب إلي نباتات ظل ويرقصون تحت ظلال أشجارها رقصة "العجب حبيبي")..
أما الدكتور حسن مكي فقد قال لصحيفة الوفاق 5/12/1998م ما يلي: (أنا معجب جداً بشخصية وأفكار محمود، والله أنا من المأسورين به.. أنا كنت أعرفه وأتردد علي منزله، في ذلك الوقت كنا شباب في الثانويات نجد عنده اللقمة فنتعشى معه، وكنا نتعجب أن الشخص الذي يشغل الساحة الفكرية شخص بسيط وزاهد ومتواضع، وكان المفكر الوحيد المطروحة كتبه في السوق.. أنا أفتكر أن محمود جرعة كبيرة لا نستطيع أن نتحملها!!).. وقال لجريدة الصحافي الدولي 19/1/2002م: (قتل محمود جريمة شاركنا فيها جميعا،ً سواء بالتواطؤ أو بالسكوت..).. نكتفي بهذا القدر وسأتعرض لزيارة السيد عبد الجبار المبارك للأستاذ محمود، التي أشار إليها السيد سعد، وهو لا يعلم عنها شيئا..