إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الأستاذ محمود في الذكرى الثانية والعشرين
محاولة للتعريف بأساسيات دعوته (١٢)

خالد الحاج عبد المحمود


بسم الله الرحمن الرحيم

الأستاذ محمود محمد طه في الذكرى الثانية والعشرين
محاولة للتعريف بأساسيات دعوته



من هو محمد صلى الله عليه وسلم؟


جاء من كتاب (الطريق): "محمد بن عبد الله، بن عبد المطلب، النبي الأمي، المبعوث في قريش في الأميين منذ القرن السابع، والذي ختم الله به النبوة، وأنزل عليه القرآن المقروء اليوم، والمحفوظ بين دفتي المصحف، لا يعرفه المسلمون وإن ظنوا جهلا إنهم يعرفونه.. وهذه الدعوة الى اتباعه، وحسن تقليده التي يقدمها هذا الكتيب: (طريق محمد) لا تستقيم ، على خير وجوهها إلا إذا قدمت تعريفا به يجعل اتباعه، وتقليده، عملا علميا يحترم أقوى العقول المعاصرة، ويقنعها بجدوى ممارسته، واتقانه.."
ومن أجل التعريف ينبغي أن نعلم أن للنبي، ثلاثة مقامات: الرسالة، والنبوة، والولاية.. أما مرتبة النبوة فهي الأصل، وهي وسط بين طرفين: من أعلاها، الولاية ومن أسفلها الرسالة.. فالنبوة عندما استوت انبثقت منها الرسالة كوظيفة .. ثم كلما ازدادت استواء تسامت الى مراتب الولاية، في الفينة بعد الفينة.. وهذا ما يجعل النبوة هي الأصل..وقد رأى بعض المتصوفة ومنهم الشيخ بن عربي، أن الولاية هي الأصل، وذلك على اعتبار أن (الولي) من أسماء الله، وهذا اختلاف اساسي بين النظرتين.. فنظرة الأستاذ محمود تركز على المنهاج (السنة) .. وعن النبوة والرسالة يجئ قول المعصوم..(أدبني ربي فأحسن تأديبي) ثم قال: (خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين) ، فصدر الحديث نبوة، وعجزه رسالة.. وعبارة (أدبني ربي فأحسن تأديبي) تجعل الدين كله (الأدب)، ولذلك دعوة الأستاذ محمود تركز عليه، تركيزا كبيرا.. والنبوة، عند النبي صلى الله عليه وسلم، أمر استغرق تمامه اربعين سنة، على اعتبار استواء النبوة، من المولد، الى البعث الرسولي، هذا في جانبها المتعلق بالبروز الى عالم المحسوس، وإلا فإن نبوة نبينا أزلية، وفي ذلك قال المعصوم: (كنت نبيا وآدم بين الماء والطين)، ومعنى ذلك أنه كان نبيا عالما بنبوته في الأزل.. وكعادته، يعترض ابن تيمية على هذه الرواية، إلا أنه يوافق على رواية مسند أحمد والترمذي، التي تقول: (متى جعلت نبيا؟ قال: وآدم بين الروح والجسد).. وواضح أن الروايتان، لا تكادان تختلفان.
والنبي في ولايته، أكبر منه في نبوته، ذلك أنه في النبوة يتلقى عن الله بواسطة جبريل، ولكنه في ولايته يتلقى عن الله كفاحا، وقد رفعت الواسطة بين الرب والعبد.. وعن ذلك ورد حديث النبي، الذي فيه تخلف جبريل عن النبي، عند مقامه عند سدرة المنتهى، ومضى النبي وحده لملاقاة ربه.. وقد قال النبي: (لي ساعة مع الله لا يسعني فيها ملك مقرب، ولا نبي مرسل..).. فالرسالة وحي بالقرآن المقروء ، ووحي بشرع منه، أمر النبي بتبليغه الى سائر أمته.. والنبوة وحي بالقرآن المقروء، ووحي بشرع منه، أمر النبي أن يعمل به في خاصة نفسه.. فهو بالرسالة صاحب شريعة، وهو بالنبوة صاحب طريقة.. أو قل صاحب (سنة).. وبين شريعته وسنته تداخل ومنهما ارض مشتركة.. ونحن في دعوتنا إلى (الطريق) معنيون، بالتكليف الذي به زاد النبي عن سائر أمته، في العبادة، وفي السلوك.. وهذا التمييز بين النبوة والرسالة، والسنة والشريعة، ضروري جدا، لبعث الاسلام، وذلك لأن الاسلام إنما ييعث ببعث السنة، كما سبق أن ذكرنا، وكما جاءت بذلك البشارة.. بل من الضروري التمييز بين (الأحمدية) و (المحمدية).. فالأحمدية نبوة، والمحمدية رسالة.. والنبي محمد بن عبد الله، جمع بين الأحمدية والمحمدية.. فهو أحمدي النبوة، محمدي الرسالة.. هو مما يلي الله أحمدي، ومما يلي الناس محمدي.. والفرق بين الأحمدية والمحمدية كبير.. فالمحمدية تنـزل من الأحمدية، اقتضاه حكم الوقت، وعين مستواه حاجة الأمة، وطاقتها، في القرن السابع الميلادي.. وهذه المسافة تمثل الفرق بين السنة والشريعة، وهي تحكي الفرق بين مستوى النبي، ومستوى الأمة، وهو فرق شاسع.. ولقد سبق لنا أن ذكرنا الأحاديث النبوية، الواردة في حق الأصحاب والأخوان.. والأحمدية، هي رسالة نبينا الثانية والتي بها تتوج جميع رسالات السماء، وإليها يشير قوله تعالى: (وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل إني رسول الله إليكم، مصدقا لما بين يدي من التوراة، ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد، فلما جاءهم بالبينات قالوا: هذا سحر مبين) .. هنا قال: "رسول يأتي من بعدي اسمه أحمد"، وهناك قال: "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار .." ، واضح من الآيتين الإشارة إلى الرسالة الأحمدية، والرسالة المحمدية.. وكما سبق أن ذكرنا ووكدنا، إن وقتنا الحاضر، لا تناسبه، ولا تسعه، إلا الرسالة الأحمدية، ولا خلاص للمسلمين، ولا لغيرهم إلا بها، ومن هاهنا جاء التوكيد على نهج الطريق.