إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
الأستاذ محمود في الذكرى الثانية والعشرين
محاولة للتعريف بأساسيات دعوته (١٢)
خالد الحاج عبد المحمود
بسم الله الرحمن الرحيم
الأستاذ محمود محمد طه في الذكرى الثانية والعشرين
محاولة للتعريف بأساسيات دعوته
محاولة للتعريف:
سنحاول هنا تقديم تعريفات مبسطة، قدر الإمكان.. أولا: ما هو الطريق؟ "الطريق هو النهج العملي الذي يوصل سلوكه الى الله، تبارك وتعالى" .. ما معنى الوصول الى الله تبارك وتعالى؟ "ليس لله تبارك وتعالى وصول بالمعنى الذي يؤديه حرف الكلمة، وإنما المقصود بالوصول أن يكون حضور السالك مع الله أكثر من غفلته عنه".. وهذا يعني ، أن الوصول، في جملة الحال يعني الحضور مع الله، فعلينا أن نصطحب كلمة "حضور" هذه فعليها يقوم العمل كله.. والسير، أي سير، حتى يكون مؤمنا، يقتضي أن يكون الهدف محددا، بصورة جلية.. وأن تكون هنالك خارطة للطريق.. وأن يكون هنالك مرشد ودليل، خبر الطريق، وعرف معالمه، ومطباته، فلا يضل هو، ولا يضلل من يتبعونه.. وأن تكون هنالك بوصلة، تحدد اتجاه السير دائما، حتى لا تلتبس السبل، ويضيع الطريق..
أما خارطة الطريق، فهي القرآن، كلام الله إلينا الذي نهتدي به في مسيرتنا اليه.. وهو جاء ميسرا بلغة نفهمها (إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون)..(ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر).. فهو يحكي تجربة وجودنا التي نسيناها، بلسان عربي مبين، ليذكرنا ما نسينا.. وما نسيناه هو العهد الذي سبق أن أخذناه على أنفسنا، ونحن في عالم الملكوت، عالم الأرواح، ونسيناه عندما نزلنا الى عالم الأجساد.. هذا العهد هو الشهادة، لربنا بالربوبية ولأنفسنا بالعبودية، وإليه الإشارة بقوله تعالى: (وإذ أخذ ربك من بني آدم ، من ظهورهم، ذريتهم، وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا: بلى ، شهدنا!! أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين.. أو تقولوا: إنما أشرك أباؤنا من قبل، وكنا ذرية من بعدهم، أفتهلكنا بما فعل المبطلون؟!) .. فالسير هو رجوع الى هذه الشهادة، التي كانت في عالم الأرواح، نشهدها في عالم الأجساد، وذلك برفع الحجب التي حجبتنا عن تلك الشهادة القديمة، وحالت بيننا وبين تذكرها.. والحجب جميعها تقع في مستويين: حجب الظلمات، وهي شهوتي البطن والفرج.. وحجب الأنوار، وهي حجب العقول..
ما هي البوصلة!؟ هي التوحيد، الذي يحدد لنا الاتجاه الصحيح للمسيرة، مهما تراكمت ظلمات الوجود، وتشعبت، وانبهمت السبل.. فعلينا أن نركن اليه دائما، ولا نتخلى عنه قط، في مسيرتنا.. أما المرشد، فهو العقل داخلنا، ومحمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم خارجنا.. فالسير، في جميع مراحله، في منطقة الشفعية وسيلته العقول.. والعقول، لكي تكون وسيلة واصلة وموصلة، عليها أن تكون عقولا حرة، مبرأة من الهوى، والمنهاج كله، إنما هو عمل، في ترويض هذه العقول، وتهذيبها حتى تقوم بترويض الشهوة، وهذا ما قام عليه التكليف، وبه ظهر الانسان كما سبق أن ذكرنا.. فالمنهاج يروض العقول على التواضع، وعلى المحايدة، وعلى البراءة من الغرض.. أما المرشد والدليل، وقدوة التقليد، محمد صلى الله عليه وسلم، فلا بد لنا من وقفة للتعريف به.