إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

أصول الإسلام وفروعه

الأصول والفروع


ومن الأدلة على أن القرآن مستويين، كونو نزل بين مكي، ومدني.. نزل القرآن في مكة ثلاث عشرة سنة، ثم حصلت الهجرة، فنزل القرآن المدني لفترة تسعة سنين.. والإختلاف بين المكي والمدني، ليس إختلاف في مكان النزول، وزمان النزول فقط.. وإنما هو اختلاف في مستوى المخاطبين.. ولكل من القرآنين مميزات تميزه، يمكن الرجوع إليها في كتابنا «الرسالة الثانية من الإسلام».. فالآيات المكية هي آيات الأصول، والآيات المدنية آيات الفروع.. فالأصول نزلت في مكة، ولم يستجب لها الجاهليون.. ولما ظهر ليهم ظهور عملي أنها فوق طاقتهم – كان الأمر دا ظاهر لي الله من البداية، لكن عشان تلزمهم هم الحجة. ((لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل)) - سحبت وما قام عليها تشريع للجماعة، وجات الهجرة للمدينة، فنزل قرآن الفروع، واعتبر صاحب الوقت لمناسبتو للناس، فانبنت عليهو الشريعة..
فالأصول هي القيم الرفيعة، والمبادئ الأساسية، الدايرها الإسلام تسود، وجاء من أجلها.. وما نزل عنها إلا لضرورة، هي أن الناس في القرن السابع، وهم خارجين من الجاهلية ديك كانوا دون مستوى الأصول.. فآيات الأصول تقوم على المسئولية، وعلى الحرية، وعلى تقرير كرامة الإنسان، في حين أن آيات الفروع تقوم على الوصاية.. ولذلك كانت الدعوة في مكة، تقوم على الإسماح، وتدعو الناس من خلال عقولهم، عن طريق الإقناع، وتمنع الإكراه منعاً باتاً.. ومن أمثلة آيات الإسماح قوله تعالى: ((أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن، إن ربّك هو أعلم بمن ضل عن سبيله، وهو أعلم بالمهتدين)) ومنها: ((وقل الحق من ربكم!! فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر..)) ومنها: ((لا إكراه في الدين، قد تبين الرشد من الغي)).. وفي نهاية العهد المكي، لما ظهر إنو الناس دون مستوى المسئولية، والرشد، ومحتاجين لوصاية، جاء النزول لمستواهم وبدأ بالآية ((أذن للذين يقاتَلون بأنهم ظُلِموا وان الله على نصرهم لقدير)) وتداعى الأمر إلى أن جات آية السيف وأصبحت ناسخة لجميع آيات الإسماح وهي تقول: ((فإذا انسلخ الأشهر الحرم، فاقتلوا المشركين حيث وجتموهم، وخذوهم، واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد، فإن تابوا وأقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، فخلّوا سبيلهم)) وعليها انبنى الجهاد بالسيف.. وفي المدينة جاء التشريع الإنبنى على آيات الفروع، وفيهو جعل النبي صلى الله عليه وسلم وصي على الأمة، والمؤمنون أوصياء على غير المؤمنين، والرجال أوصياء على النساء.. فأصبح العهد كله عهد وصاية، وهي مرحلة تُعِد الناس لمستوى المسئولية، والرشد – مستوى الأصول – الكانت في القرآن المكي ونُسخت.. والناسخ، والمنسوخ صورة أخرى من صور التعبير عن الأصول والفروع..