إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

لقاء إذاعي مع الأستاذ محمود محمد طه

السؤال الثالث


الأستاذ الفاتح: يا أستاذ، عدو الإنسان الأساسي هو الخوف، وترى سيادتك أنّه لازم للإنسان منذ عهد طفولته، وأنّه يمكن فض هذا الخوف، فكيف الطريق إلى ذلك؟؟ وأعتقد أنّو الخوف هو مشكلة الإنسان في كل زمان ومكان..

الأستاذ محمود: صحيح!! إنّو الخوف هو المشكلة، لكن يجب أن يكون واضح إنّو الخوف صديق، في البداية، عدو في نهايات السلوك.. لولا الخوف لما فكّر الإنسان، ولما تفتّقت حيله، ولما احتال، ولما ترقى.. يمكن للإنسان أن يقول إنّو العقل نفسه وليد الخوف.. الإنسان عندما يخاف من الأهوال التي تواجهه البيئة الطبيعية بها، فكّر، واحتال.. ولحكمة بليغة أنّ ربّنا لم يخلق الإنسان يعتمد على عضلاته كما يعتمد الفيل والأسد.. وإنّما خلقه موزون بين الضعف والقوّة، حتّى يعتمد أكثر ما يعتمد على عقله.. اعتماده على عضلاته موجود.. ولكن ليس طريق سيره هو طريق الأسد والفيل، وإنّما طريقه طريق الفكر والحيلة.. وما عنده من قوّة هو ما يحتاجه لتنفيذ حيلته.. الخوف حفز الحياة في مراقيها.. فهي اترقّت بفضله من الحيوات الدنيا، من حيوان الخلية الواحدة إلى أن جاءت في مراقي البشرية.. لكن في نهايات السير الخوف يكون عقبة.. في الأوّل صديق، في نهايات السير يكون عدو.. نهايات السير، عندما نجئ لنسلّم لله أمورنا، عندما نجئ لنرضى بالله.. من أجل دا كوننا نعرف أنّ الله خير مطلق هو أكبر ما يعيننا على التحرر من الخوف، في نهايات سيرنا.. و«لا إله إلا الله» هي في الحقيقة منهاج للتحرير من الخوف.. والخوف هو الولد الشرعي لكل الرذائل في السلوك البشري.. وإنّما جاءت الشرائع لتسدّد خطانا في سلّم تجنّب الرذائل، والأخذ بأسباب الفضائل.. عندما يقول الإنسان: «لا إله إلا الله» صادقاً يجب أن يوحّد خوفه.. يجب ألا يخاف إلا الله، وألا يطمع إلا في الله.. ومن هنا: «لا إله إلا الله» تترقّى في المراقي.. هي تبتدئ بتوحيد الخوف من الله وحده ثم تسير إلى النهايات القلناها قبيلك في الإجابة على السؤال الأوّل، والسؤال الثاني..