إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

لقاء إذاعي مع الأستاذ محمود محمد طه

السؤال الثاﻧﻲ


الأستاذ الفاتح: أستاذ، فهمك المتطوّر للقرآن أرشد سيادتك أن العذاب في النار ليس للإنتقام، وإنّما للتربية، فنحب بعض التوضيح في هذه الناحية، إذا سمحت..

الأستاذ محمود: فهذه تجئ من تلك.. السؤال الثاني يمكّن من شرح السؤال الأوّل، وهو أنّ الله بيهدي، وبيُرشد الناس ليهو، في الدنيا والآخرة: ((يا أيّها الإنسان!! إنّك كادح إلى ربّك كدحاً، فملاقيه))، فإذا كان الله خيراً مطلقاً، كما قرّرنا في الإجابة على السؤال الأوّل، يبقى عندما نبلغه ينتهي الشر.. الشر حافز لينا لنسير إلى الله.. والله هو هادينا، في الدنيا وفي الآخرة.. من لم يهتد في الدنيا يهتدي في الآخـرة.. وهو تعالى يقول: ((إنّ علينا للهدى، وإنّ لنا للآخرة والأولى)).. فهو هادي الناس، ومن لم يهتد في الدنيا يهتدي في الآخرة.. والنار وسيلة للهداية.. وربّنا يقول، في الرواية في القرآن عن هود: ((إنّي توكّلت على الله، ربّي وربّكم، ما من دابّة إلا هو آخذ بناصيتها.. إنّ ربّي على سراط مستقيم)).. فكل دابّة إذن ربّنا هاديها للسراط المستقيم لتسير في طريق معرفته، لتسعد بلقائه، لتخرج من دائرة الشر لتعيش في دائرة الخير المطلق، عند الله.. فلذلك فإنّ الشر هو منهاج تربوي ليسوقنا إلى الله.. حيث علمنا عن الله، حيث فطنّا إلى مراد الله، ورضينا بيهو، واتّبعناه، رفعت آصرة الشر، وباشرنا الخير، حتّى أنّ النار نفسها ليست سرمدية، وإنّما هي مرحلية الحكمة وراءها أنّ الذين يردون النار يحتاجون إلى تجربة لم يُحصّلوها كاملة في الحياة الدنيا.. بالنار يحصل التحصيل للمعرفة الإلهية، فيعرف العبد ربّه، ويطيعه، ويرضى به، ويذعن، وينقاد، فيخرج من الشر إلى الخير، كما قرّرنا في السؤال الأوّل..

الأستاذ الفاتح: شكراً يا أستاذ..