مصير ضحايا جهاز الأحوال الشخصية
إن المنشور 35 حين ألغي، أو قل ألغي فيما يتعلق بولاية الإجبار، كان قد ترك آثاره السيئة على النساء، وترك ضحايا كثيرات نكبن بسبب تخلف جهاز الأحوال الشخصية.. فما هو مصير أولئك الضحايا ممن لا يزلنّ على قيد الحياة؟ إنك، حين تعلم ان النساء السودانيات لا يلجأن للمحاكم الا عند الضرورة القصوى، يمكن أن تتصور مصير عدد ضحايا جهاز الأحوال الشخصية من (المجبرات) حين تقرأ النشرة نمرة 37/7/1960 والتي نصها ((قضت المادة نمرة 9 من المنشور الشرعي نمرة 54 بأن (على القضاة الحكم بما نص عليه في هذا المنشور في الحوادث الواقعة من تاريخ صدوره) وحسما للإشكالات والمنازعات المتعلقة بالحوادث السابقة على إصدار هذا المنشور نرى أن يضاف على هذه المادة ما يأتى وكذلك في الحوادث السابقة عليه إلا إذا اتصل بها القضاء)) وبهذا يلوح أمل الإخراج عن بعضهن. أما من سبق واتصلن بالقضاء مستجيرات بعمرو أو عزز جبرهن بأحكام الطاعة فعليهن أن يكملن (التأبيدة) التي ورطهن فيها تخلف جهاز الأحوال الشخصية.
واتضح في سنة 1966 أن هناك فتيات (مجبرات) على العلاقة الزوجية من قبل 1960، ولكنهن طوال هذه السنوات ظللن منتظرات صامدات ومصرات في ألا يخضعن لحياة زوجية أرغمن عليها إرغاما فجاءت النشرة 37/7/1966 لتقول (تضمنت النشرة نمرة 37/7 – نشرات 1960 الصادرة بتاريخ 6/8/1960 إضافة لما جاء بالمادة 9 من المنشور الشرعي نمرة 54 حيث جعلت المادة كما يأتى (وكذلك في الحوادث السابقة عليه الا إذا اتصل بها القضاء) وحيث أن هناك حوادث اتصل بها القضاء ولا زالت المخطوبة غير راضية بالزواج ومصرة على الاباء، لذلك رأينا ان يكون منطوق المادة كما يأتى (وكذلك في الحوادث السابقة عليه الا إذا اتصل بها القضاء وحصل الدخول فعلا).
وليس لنا تعليق الا أن نضع خطين تحت العبارة العجيبة التي تفوت على (المجبرة) المصرة على الإباء وعلى الرفض للعلاقة القهرية فرصة انصافها وإطلاقها من علاقة فرضت عليها فرضا. اللهم ان هذه غثاثة نستغفرك من الخوض فيها، وقد اضطرنا اليها شيوخ نصبوا أنفسهم أوصياء على العباد وناطقين باسم الشريعة ينحلونها جهلهم وتبلد حسهم والإسلام من كل ذلك الثمن الفادح الذى دفعته الفتيات البريئات ثمنا لجهل القضاة الشرعيين، وتمخض عن رفع ولاية الإجبار، فانه لم ينشر تغييره هذا بالصورة التي تصحح في أذهان المواطنين والآباء تلك الصورة المتخلفة التي غرسها في أذهانهم مدى طويلا، بل أن بعض مأذوني دوائر الأحوال الشخصية لا يعلمون شيئا عن إلغاء ولاية الإجبار....