خاتمة
لقد كان همنا في هذا الكتاب الموجز، شرح مفهوم الأصالة، والفردية، وتبسيطه، وتبيين قيمته للفرد البشري، وللمجتمع البشري، وتوضيح الوسائل المعينة على تحقيقه.. وقد رأينا ان الأصالة ببساطة، هي الفردية، هي تحقيق ذاتية الفرد، باكتشاف مواهبه الذاتية التي يختلف فيها عن الآخرين، وتنميتها، بالصورة التي تخصب حياة الفرد، وحياة الجماعة.. والفردية في السلوك العملي في العبادة هي ببساطة، الحضور في الصلاة، وترجمة هذا الحضور في الحياة اليومية إلى خدمة للناس، وحرص على توصيل الخير اليهم.. فمجال المعاملة هو المجال العملي الذي تمتحن فيه حصيلة العبادة.. فبين تجويد العمل في العبادة، وفي المعاملة تنضج شخصية الفرد، وتتوحد بنيته، وتتفجر مواهبه، فيحقق بذلك فرديته.. فالأصالة بهذا المعنى هي قيمة انسانية رفيعة، اصبح جميع الناس يتطلعون اليها، كما بينا في مقدمة الكتاب.. وهي لا سبيل لتحقيقها الا ببعث الإسلام في مستوى السنة – مستوى اصول القرآن – مستوى (الرسالة الثانية من الإسلام) – لينظم حياة المجتمع، ويوجه سلوك الأفراد.. فموضوع الأصالة موضوع مرتبط ببعث السنة، لا بتطبيق الشريعة، وذلك لأن الشريعة تقوم على توكيد العمل في العبادة، وفي المعاملة.. وهذا الفكر في العمل هو الذي يعين الفرد على معرفة نفسه، واكتشاف مواهبه، وتحقيق ذاتيته.. فالأسلام، في مستوى السنة، هو علم نفس، هو منهاج علمي وعملي يعين كل فرد على معرفة نفسه، وعلى تهذيبها، وتربيتها، حتى تخرج من حالة الإستيحاش والحيوانية فتصبح نفسا انسانية لا يجد منها الآخرون الا الخير والبر.. وهذا هو المعنى الذي به الإسلام هو (دين الفطرة).. والفطرة السوية هي صفاء الفكر، وسلامة القلب.. والقرآن، في جميع آياته، انما هو موظف لتحقيق هذه الفطرة السوية، وذلك عن طريق تقليد النبي المعصوم، الذي هو النموذج الإنساني الكامل، المرشح من قبل العناية الإلهية ليكون القدوة لتحقيق فردية كل فرد، وانضاج شخصيته، ورده إلى الفطرة السوية.. والعمل وفق منهاج السنة يبدأ، كما بينا، من بدايات عملية بسيطة، يتساوى فيها المتعلم و الأمي والذكي وغير الذكي.. ثم عن طريق هذا العمل تتفجر المواهب، ويتم تحصيل العلم النافع، وتتسع الحياة..
هذا والله هو المسئول ان يهدي البصائر والأبصار، وان يرد غربة الإنسانية جمعاء، وينصر دينه، حتى يتسنى لكل فرد تحقيق أصالته، وإكمال ذاتيته، وإنضاج فرديته، وما ذلك على الله بعزيز..
الأخوان الجمهوريون
أم درمان ص ب 1151
تلفون 56912