السنة والشريعة
تجي العبارة في ((سنتي)) .. ((الذين يحيون سنتي بعد اندثارها)). دا الكلام اللي قلنا ليكم فيه أنه الدين ما برجع في مستوي الشريعة. هنا تجي السنة. السنة موش الشريعة، في فرق بين الشريعة والسنة. والحديث البفرق بين الشريعة والسنة قال:- ((قولي شريعة، وعملي طريقة، وحالي حقيقة)) .. دا حديث النبي. وأنا أفتكر في النقطة دي نحب نصحح فهم الناس اللي بقولوا أنو السنة هي: فعل النبي، وقول النبي، وإقراره. دا طبعا ما درج الناس علي أن يدرسوه ويقولوه باستمرار لكنه دا خطأ. عمل النبي هو السنة، بعدين قوله ما يحكي حالته في عمله دا سنة .. وما يعلم بيه أمته شريعة، وإقراره علي الاطلاق شريعة، إقرار النبي لأصحابه علي عمل عملوه ما عارضهم فيه دا شريعة. قوله، بعضه يلحق بالسنة، وبعضه يلحق بالشريعة فكأنك – لتكون دقيق في عبارتك- ((سنة النبي)) هي حاله، بعدين مقاله وعمله ينم عن حالة قلبه، في بعض الحديث العرفاني اللي يدل علي السنة، الحديث العرفاني، مثلا نبينا لما يقول ((إن الله احتجب عن البصائر، كما احتجب عن الأبصار. وإن الملأ الأعلي ليطلبونه كما تطلبونه)) دا حديث عرفاني في القمة. دا حديث يفهم منه أن الملائكة ما بقابلوا الله. نحن هسع بنعتقد أن جبريل بجيب القرآن من عند الله – قابل الله، وجا بالقرآن لنبينا، لكنو قال شنو:- ((ان الله احتجب عن البصائر كما احتجب عن الابصار وان الملأ الأعلي ليطلبونه كما تطلبونه)) .. حديث ثاني يلحق بالسنة، زي مثلا ((كل المسلم علي المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه، وأن يظن به ظن السوء)) .. دمه وماله، وعرضه، دا في طرف الشريعة .. لما تجي في ((يظن به ظن السوء)) تجي فوق الشريعة. كأنه ربنا بحاسب علي الضمائر المغيبة، ودي حقيقة موش شريعة، لأنو، في الشريعة، نبينا قال ((إن الله غفر لأمتي ما حدثت به نفوسها، ما لم تقل، أو تعمل)). لكن في الحقيقة .. عندما تجيء أنت في الحقيقة، تلقي أن الله يحاسب علي كل شيء، لذلك قال:- ((وأن يظن به ظن السوء)) من الأحاديث اللي تلحق بالسنة أيضا مثل قوله: ((سوء الخلق ذنب لا يغتفر، وسوء الظن خطيئة تفوح))، أنا أفتكر تظهر ليكم الدقة هنا: الخطيئة بتفوح بالعفنة، لكن ما بتشمها الأنف، بشمها الفكر. ((سوء الخلق ذنب لا يغتفر، وسوء الظن خطيئة تفوح)) دي من الأحاديث العرفانية الرفيعة تلحق بحال النبي .. لأنها تنم عن معرفته بربه، بعدين يجي حديث في مستوي الشريعة يقول: ((كنت قد نهيتكم عن زيارة المقابر، ألا فزوروها)). وفي حديث ثاني يقول: ((كنت قد نهيتكم عن الأضاحي الاّ فادخروا)) هذا عندما كان الأصحاب عهدهم بالجاهلية قريب، وأنهم بيسخطوا علي مصارع آباءهم وأجدادهم، اذا كانوا ماتوا في القتال، أو ماتوا موت طبيعي. اذا زاروا المقابر، ورؤيتهم لأجداث أهلهم تثير فيهم السخط. ((ألهاكم التكاثر حتي زرتم المقابر)) فيها صورة من الفهم دا وهنا لما عهدهم كان قريب درأ عنهم الإغراء دا، بأن يسخطوا علي الله، قال ما تزوروا المقابر. بعد ستة شهور، بعد سنة، ((في الحديث دليل علي المدة))، لكن يجب ألاّ نفهم من الحديث دا، ((أن النهي والأمر بالزيارة-)) حصل في مجلس واحد ، الحديث قيل في مجلس واحد، لكن العمل بالنهي سبقه، أول مرة كأنو الحديث ورد بالصورة دي: ((لا تزوروا المقابر)). عندما اطمأن أن الإيمان تغلغل في قلوبهم، وأن زيارتهم المقابر توشك أن تثير فيهم الاستعداد للرحيل، والاعتبار بالآخرة، والرضا بمراد الله، بقت عبرة .. كانت في الأول فتنة .. قال ليهم: زوروا المقابر .. فجاء الحديث بالصورة دي ((كنت قد نهيتكم عن زيارة المقابر، ألا فزوروها.)) برضو مسألة الأضاحي كانت في وقت شدة، ما كل الأصحاب بيستطيعوا يضحوا، فكأنه عايز البضحي يشارك الما بضحي في سنة الشدة. كأنه قال ليهم ((ما تدخروا لحم الأضاحي)) النهار ده الواحد فيكم يذبح ضحيته، يفرق اللحم، بعدين لما انتهت الشدة، في عام مقبل قال: ((كنت قد نهيتكم عن الأضاحي، ألاّ فادخروا)) لأن كل واحد أصبح مستغني من الأصحاب يمكن اللي بدخر يدخر.. مافي موجب أن يفرضوا عليه الاّ يدخر. دي أحاديث شريفة .. سنة النبي هي عمله وحاله .. هي في الحقيقة، حاله .. بعدين عمله، وقوله في مستوي ما ينم عن حاله، والحال هو حالة القلب .. في معرفة العارفين بالله كل عمل يجب أن يثمر حال .. العمل .. مثلا العبادة بالشريعة، يجب أن تثمر حال في القلب هو الإيمان إذا كان العمل ما أثمر حال، دا عمل باطل .. كل عمل يجب أن يثمر حال، ودا طبعا، عندنا أنو الإسلام، يبتديء بالقول باللسان، والعمل بالجوارح .. القول باللسان والعمل بالجوارح، فيما بعد، يوكد معني في القلب، هو التصديق بالجنان .. يجي الإيمان قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالجوارح..الإسلام: قول باللسان وعمل بالجوارح فقط، الإيمان: قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالجوارح. تصديق بالجنان, أثمره العمل بالجوارح، والقول باللسان .. كل عمل يثمر حال. فحالة النبي من المعرفة بالله، هي سنته، وعندنا – ((أفتكر دي دائما بتقرب المثل للناس)) أنو التعريف البناخدوا في المدارس الأولية، يقولوا لينا: النبي رجل من البشر، أوحي اليه بشرع، ولم يؤمر بتبليغه .. والرسول رجل من البشر، أوحي اليه بشرع، وأمر بتبليغه – والمسألة اللي أحب أن نكون فيها دقيقين هي: ألاّ نعتقد أنو النبي، عندما يجعل رسول بيؤمر أن يبلغ شريعة نبوته. دا المعني البتبادر في الفهم طوالي. لأنه نحن بنعرف أنو ما من رسول إلا وهو نبي، ففي رجل أوحي إليه بشرع، ولم يؤمر بتبليغه، يعني، أمر أن يعمل به في خاصة نفسه، فاذا أرسل، تجي العبارة ((أوحي اليه بشرع وأمر بتبليغه)). فالفهم السريع اللي بتبادر للذهن أنو النبي الرسول أمر أن يبلغ شريعة النبوة ودا خطأ يحتاج لتصحيح .. فعلا أنو النبوة إعداد من الله للبشر، ليستأهل، ويستحق، ويقوي علي وظيفة الرسالة. فاذا أرسل، يبلغ شريعة، هي دون نبوته، قولا واحدا. أفتكر المثل، برضو البديهي، دائما البنلقاه يوضح المسألة. زي ما نحن بنعمل في إعداد المعلم، معلمينا في مستويات المدارس المختلفة، من الأولية، أو الوسطي أو الثانوية – بنعدهم إعداد عالي في الطريقة والمادة، ليجي الواحد منهم يدرس المدارس في مستويات بسيطة. مثلا، نحن في الوقت الحاضر، بنعد مدرس المدارس الأولية، بنأخدوا من المارين في نهاية المرحلة الوسطي – بنديه سنتين في معهد التربية، إذا كان في الدلنج، أو شندي، أو بخت الرضا، بعدين يخرج ليدرّس السنة الأولى، الأطفال العمرهم سبعة سنين .. الحاجة البديهية المعاشة اللي أنت تنتظرها، أنو المدرس الناجح هو البستطيع أن يبسط الحقائق للأولاد، اللي جو خامين بالصورة دي، للسنة الأولي الأولية، ليفهموا.
وفي جميع المراحل، لا يمكن أن تنتظر أنو المدرس، ما أعد به في مراحله، يجي يدرسه للطلبة.
الصورة دي، مش تشبيه .. دي حقيقة، لأنو نبينا قال: ((نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن نخاطب الناس علي قدر عقولهم))، وربنا قال ((لا يكلف الله نفسا إلاّ وسعها)). هنا نبينا عنده حديث. الحديث، في شقه الأولاني، نبوة، وشقه الثاني، رسالة. قال ((أدبني ربي فأحسن تأديبي .. ثم قال: "خذ العفو وأمر بالعرف، واعرض عن الجاهلين")) .. فـ((أدبني ربي فأحسن تأديبي)) دي اشارة للنبوة .. ربنا أدبو وهذبو وعلمو بعدين جات الرسالة ، ((ثم قال)) – وثم للتراخي في الزمن – ((خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين.)) خذ العفو: يعني ما تكلف الناس مشقة، وأمر بالعرف، معروفة عندكم، وأعرض عن الجاهلين: ما تقابل السفه بسفه، دي رسالة في معاملة الناس.
وعندنا في القرآن، أول ما نزل، النبوة .. أول ما نزل من القرآن، علي إطلاقه، النبوة. ثم جاءت الرسالة علي غرار الحديث. فنزل ((اقرأ)) أول ما نزل من القرآن. ((اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم، الذي علّم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم.)) .. دي نبوة، ثم قال: ((يا أيها المدثر، قم فانذر .)) .. جات الرسالة . هنا الحاجة العايزنها: أن يكون في تمييز بين الشريعة والسنة .. فلما قال: ((عملي طريقة)) – وعملوا نحن ألحقناه بسنته – لأنو هو البثمر الحال. عمل النبي أرفع من عمل الأمة. عمل الأمة شريعة .. عمل النبي أرفع منه، كثير من الناس يقولوا: دي خاصية من خاصيات النبي. لكن دا خطأ في الفهم. الخاصية دي، أنت معد لأن تشارك فيها بلطف الاستعداد المودع فيك، اذا تساميت للدرجة دي، لأنو ربنا إنما أرسل نبينا بشر، وأرسل الرسل كلهم بشر، لئلا يقول زول.. الكمالات العندهم دي نحن ما لنا ومالها، نحن ما بنقدرها، قال لينا ((لقد جاءكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم، حريص عليكم، بالمؤمنين رءوف رحيم)) : ((من أنفسكم))، دي روح الآية، علشان تعرف أنو ما فيك من ضعف، كان فيه، لكن ربنا اتلطف فنقاه منه، وإنت بتعرضك لرحمة الله، تسير بسيره .. تمشي في طريقه .. تتبعه ((قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله)) هنا المسألة بتاعة سنته هي عمل مؤكد أكثر من شريعته، زي ما نحن في البديهة المعاشة بنلقاها: تلقي أنو واحد متطرق، وواحد مسلم عادي، قادري، ختمي، سماني .. أي طريقة من الطرق، بتلقي أنو عندو ورد. عندو حاجة راتبة بيعملها. إذا كان أنت لاحظت مثلا: الإنسان المسلم العادي، يجوز أول ما صلي صلاته، عمل التسبيحة، والتحميدة والتكبيرة – الثلاثة وثلاثين، وانصرف، لكن بتاع الطريقة، أخذ جانب من المسجد، أو من المصلي، وقعد يعمل أوراده .. فدا علي شريعة، ودا علي طريقة. الطريقة شريعة مؤكدة أكثر من الشريعة العادية. دي العبارة القال بيها ((عملي طريقة)) .. هو عنده عمل مؤكد أكثر من أمته. والحقيقة، ما بظهر عمله المؤكد في الصلاة، والصيام، وفي الحج، لأنه هذه واجبات الناس ممكن يشاركوا فيها .. شريعته شريعتهم .. اللهم إلاّ صلاة الليل، لكن الخمسة أوقات، عليه وعليهم، وصيام الشهر، عليه وعليهم، والحج مرة في العمر، عليه وعليهم. لكن يجي المحك في المال. ((دائما الصدق التمسوه في المال)) شريعته غير شريعتهم. .. شريعته دي سنتو.