الأخت الجمهورية واتباع الجنازة والصلاة عليها
وما جرى في مدينة ود مدني في الثالث من أبريل 1978 من اشتراك الأخوات الجمهوريات في تشييع جنازة الفقيد العزيز عبد الرحمن أحمد يوسف، وفي الصلاة عليه، إنما يؤرخ تحولاً كبيراً في تاريخ المرأة السودانية!! ذلك بأن هذا الحدث قد وضع هذه المرأة، ولأول مرة، أمام مسئولية دينية جديدة، تمام الجدة، خرج بها عن مألوف أعرافها، جميعاً.. وذلك بأن أتاح لها فرصة المشاركة في عمل من الأعمال الدينية، هو تشييع الجنازة، والصلاة عليها، ظلت المرأة طوال عهد قصورها وعجزها، وحتى اليوم منصرفة عنه، تماماً، مخلية ميدانه للرجل، بلا منازعة، لتمارس هي، أثناءه مخالفات دينية صريحة متمثلة في صور الجزع والسخط التي تبديها النساء عند موت فقيد لهن..
لقد خرجت الأخت الجمهورية لاتباع الجنازة، والصلاة عليها، كواجب ديني على المرأة تكتسب منه البركة، وتحقق به كرامتها الحقيقية المتمثلة في مساواتها بالرجل في سائر الأعمال والمسئوليات، في الحياة العامة..
لقد خرجت الأخت الجمهورية لهذا الواجب الديني عن جدارة واستحقاق، ولن تتقاعس عنه، أو تنصل منه، منذ اليوم.. وقد رأينا في مقدمة هذا الكتاب كيف أدته في أدب جم، واحتشام جم، ووقار جم.. فأين من ذلك ما تمارسه النساء، اليوم، في تشييع جنائز كبار رجالات الدولة، ورجالات الدين، من اختلاط غير مرشد، وغير مؤدب بأدب الدين ومن مظاهر الجزع والسخط التي يصاحبن بها موكب التشييع حتى المقابر؟؟!! ولماذا لا يقع الاعتراض على هذه المخالفات الصريحة للدين؟؟!! لماذا؟؟!! في الوقت الذي يعترضون فيه علينا، ونحن في قمة الأدب وفي قمة الاحتشام وفي مسئولية الداعي، الذي يدعو بحسن حاله وحسن مقاله ثم هو لا يكذب أهله!!