إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الصادق المهدي!! والقيادة الملهمة!! والحق المقدس؟!

بسم الله الرحمن الرحيم
(وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض، قالوا: إنما نحن مصلحون * ألا إنهم هم المفسدون، ولكن لا يشعرون)
صدق الله العظيم


المدخل


هذا كتاب نصدره عن الطائفية الحديثة، وهو كتاب، كالعهد بنا دائما، يتسم بالصراحة، وبالصدق، وبالوضوح، وبالعلمية.. وهذا الكتاب يعتبر إمتدادا للكتاب الذي أخرجناه عن المصالحة الوطنية، تحت إسم (الصلح خير).. فهو في بابه، ويكمل لإتجاهه في تأييد ودعم المصالحة الوطنية.. فنحن أكبر من وقف الي جانب المصالحة، بوعي وبمسئولية، ولانزال.. ولقد جاء في ذلك الكتاب عن المصالحة قولنا: (وأول ما تجدر الإشارة إليه، إن المصالحة، من حيث المبدأ، عمل جليل، وعظيم. وهو يجد مباركة كل المخلصين لهذا الشعب، ولوحدة ترابه.. ثم هو عمل خطير في نفس الوقت، لأنه سلاح ذو حدين.. ونقصد بالتحديد أن حده الآخر قد يرتد علينا، يمزق وحدتنا، ويمتهن كرامتنا، وحريتنا، إذا نحن لم نرشد هذه المصالحة ترشيدا يؤمن مكاسبنا، وينأي بها عن الزلل، بما يضيق من الفرص، أو يقفل من الأبواب، أمام عودة الطائفية).
و نحن هنا، في هذا الكتاب، إنما نرمي الي دعم المصالحة الوطنية، وتأمينها، وذلك بترشيدها، وبإزالة العقبات التي تعترض سبيلها.. وبإلقاء الضوء علي أطرافها، حتي تتضح الرؤية، فتواصل المسيرة دون أن تتعرض مكاسب الشعب للضياع، ودون أن تتعرض المصالحة للإنتكاس..

المقدمة


لقد ظللنا نحن الجمهوريين، ومنذ فجر الحركة الوطنية نركز علي كشف الخطر الطائفي.. علي اعتبار أنه كان دائما هو الخطر الماثل الذي يهدد شعبنا.. وظلت الأحداث دائما تؤكد ما نقول..
و الآن نحن لا زلنا نؤكد أن مشكلة هذا البلد، الكبري، والأساسية هي الطائفية.. (فهي المسئولة عن تخلف الوعي، وهي المسئولة عن الفساد السياسي، وهي المسئولة عن إنعدام التربية الوطنية، وهي المسئولة عن عدم الإستقرار الذي لازم نظمنا السياسية.. ومع كل ذلك فهي تصر علي العودة الي الحكم، شهوة في الحكم، والتسلط، والزعامة، فإن من ولدوا زعماء بالوراثة لا يحتملون أن يعيشوا مواطنين عاديين بقدراتهم الحقيقية. وهم يمتطون رقاب العباد ويتخذون الناس وسائل، وأدوات، لتحقيق طموحهم الشخصي.. فأرواح الناس عندهم رخيصة، واعتباراتهم مهدرة.. فالطائفيون لا يعرفون كرامة للإنسان، فالناس عندهم ليسوا اكثر من خدم..)
و لقد دفعت بلادنا في تاريخها القريب، الكثير من الدماء، والدموع، والمعاناة في سبيل وصول زعماء الطائفية الي كراسي الحكم.. ولقد ظلت الطائفية تعمل علي فرض سلطانها علي بلادنا بكل السبل، وبكل الأساليب.. من استغلال للدين، ومن التضليل بإسمه.. وهذا هو سلاحها الأول والأساسي.. استغلالا لأتباعها من البسطاء، في احداث العنف والإرهاب.. الي جانب محاولة الإنقلابات العسكرية، واساليب الخداع، والتمويه السياسي.. وأضافت إلي كل هذه الأساليب، في الفترة الأخيرة، إسلوب الغزو العسكري من الخارج..
و مهما أختلفت الوسائل فإن غاية الطائفية دائما واحدة، وهي بسط نفوذها، وتمكين زعمائها من السلطة.. هؤلاء الزعماء الذين لا يترددون في أن يسيروا الي السلطة علي اشلاء البسطاء، والأبرياء، من أبناء شعبنا.. ولا يترددون في أن يخوضوا، لهذه السلطة، بحارا من الدم المراق..
و في الفترة التي تلت ثورة أكتوبر1964 إتخذت الطائفية شتي الوسائل لفرض نفوذها بصورة نهائية في البلاد، وكانت أكبر هذه الوسائل، هي محاولة فرض الدستور الإسلامي المزيف، تلك المحاولة التي تم القضاء عليها بقيام ثورة (مايو) 1969.. وبعد قيام (مايو) تعددت محاولات الطائفية، في الوصول الي السلطة، وتنوعت.. وكان آخر هذه المحاولات هي محاولة الغزو الخارجي في 2 يوليو 1976، تلك المحاولة التي تقف كأكبر شاهد علي أن الطائفية لا تتورع من إتخاذ أحط الأساليب للوصول الي غاياتها..