إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

أصول الإسلام وفروعه

الأصل هو المطلوب بالأصالة


يمكن يكون هناك سؤال آخر هو: ما هو الدليل على إنو الأصل هو المطلوب في المكان الأول؟ الأصول هي التي نزلت أولاً في مكة، وما نسخت في حق الأمة، إلا لما ثبت أنو الناس ما في مستواها، فنزل ليهم لمستواهم، بمحض الفضل الإلهي، والحكمة الإلهية الإقتضت أن يكون تكليف الناس على قدر طاقتهم: ((لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)). وقد ظل الأمر بإتباع الأصل قائماً، فهو المطلوب في الأساس متى ما أطاقه الناس، وفي المعنى دا جا قوله تعالى: ((واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم، من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة وأنتم لا تشعرون)) وأحسن ما أنزل إلينا هو الأصول، والآية تنذر عاقبة الإبطاء في الأخذ بالأحسن، «الأصل» متى ما أصبح ذلك ممكناً..
والأصول إنبنى عليها عمل النبي صلى الله عليه وسلم، ونحن مأمورين بتقليدو، وفي المعنى دا جا قوله تعالى: ((قل إن كنتم تحبون الله، فاتبعوني يحببكم الله)).. ثم إنو حكم الوقت جعل إنو مشاكل وقتنا الحاضر ما في طريقة لحلها إلا ببعث الأصول.. ونحن لي قدام، لما نذكر بعض الأمثلة للأصول والفروع تتضح لينا المسألة بصورة جلية.

التكليف الفردي قمة الأصول


في قمة الأصول الواحد، والتعدد هو مظهره، وبالنسبة للإنسان الفرد هو الأصل وهو الغاية، والمجتمع وسيلة الفرد.. ومن هنا جاء إنو في الدين التكليف الفردي هو الأصل.. والتكليف الجماعي فرع، ووسيلة للتكليف الفردي، وفي المعنى دا ورد في كتاب «تطوير شريعة الأحوال الشخصية» للأستاذ محمود محمد طه قوله: «وفي قمة الأصول آيات التكليف الفردي.. والتكليف الفردي يعني العبودية.. والعبودية، في مستواها الرفيع، لا تكون إلا فردية، ذلك بأنها هي مواجهة العبد للرب، وتأدب العبد مع الرب بالأدب اللايق للعبودية نحو الربوبية.. وأمثلة ذلك في القرآن كثيرة.. منها قوله تعالى: ((إن كل ما في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً * لقدأحصاهم وعدهم عداً * وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً)) ومنها قوله تعالى: ((ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة)) ومنها قوله تعالى: ((ونرثه ما يقول ويأتينا فرداً)).. وتأدب العبودية مع الربوبية إنما يقوم على العلم بالحقيقة، والحقيقة، في هذا المستوى هي معرفة أسرار الألوهية، وتلك معرفة ذوقية، وهي، من ثم، دائماً فردية.. ولما كان النبي صاحب شريعة فردية، من حيث أنه نبي، فقد جاء تكليفه في القمة».. ومن مستوى هذه القمة الكان عليها عمل النبي الكريم، في التكليف الفردي، نزل التكليف الجماعي، ليقود كل فرد إلى فرديته..