وضع المرأة في الشريعة الإسلامية:
أول ما يجب أن نقرره، في الحديث عن وضع المرأة في الشريعة الإسلامية، إن هذه الشريعة، لم تساو بين النساء، والرجال.. ويتضح ذلك من أن الشريعة، قد قامت على آية تقرر أن أى رجل، مهما كان مستوى تفكيره، وثقافته، يكون قيّما، على أى إمرأة، مهما كان مستوى ثقافتها، وخلقها.. هذه الآية، هي التي أشرنا اليها من قبل، وهي قوله تعالى ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم)).. "الرجال قوامون على النساء"، يعنى أوصياء عليهن.. "بما فضل الله بعضهم على بعض" تعنى أن الله فضل الرجال على النساء.. ومن أبرز ما فضل الله به الرجال على النساء، قوة الساعد، مما مكنهم من مواجهة الحياة الصعبة في ذلك الوقت.. فقد كانت قوة العضلات، هي مدار الفضيلة، في مجتمع القرن السابع.. "وبما أنفقوا من أموالهم"، وذلك لأن الرجال إنما كانوا يقومون بالعمل خارج المنزل، فيكسبون المال، وينفقونه على النساء.. هذا في حين أن النساء، كن حبيسات في البيوت، ولا يخرجن الاّ لدى الضرورة.. والضرورة هى: الاّ يكون لديها من يعولها من الرجال.. في هذه الحالة فقط يمكنها الخروج لتكسب قوتها، ومن تعول من أبنائها..
ومن مستوى هذه الآية – آية القوامة – جآءت التشريعات الأخرى.. فكان وضع المرأة، أقل من وضع الرجل فيها.. ففى الميراث، مثلا، نجد أن للرجل مثل نصيب إمرأتين، ونص ذلك من كتاب الله ((وللذكر مثل حظ الأنثيين)).. وذلك لأن الرجل كما ذكرت سابقا، مسئول عن الإنفاق على نساء بيته، في حين أن المرأة غير مسئولة، ولا حتى عن الإنفاق على نفسها.. وفى الشهادة أيضا، فإن شهادة الرجل الواحد تساوى شهادة إثنتين من النساء.. وآية ذلك من كتاب الله ((واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين، فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء، أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى)) والسبب في أن شهادة الرجل تساوى شهادة إمرأتين، لأن المرأة كانت ضعيفة الشخصية، ضعيفة الذاكرة، نسبة لقلة تجاربها، وخبرتها.. فقد كانت، كما ذكرت من قبل، حبيسة المنزل، ومن هنا لم تجد الفرصة لتقوية شخصيتها، وفكرها.. ولذلك فقد قالت الآية "أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى".. وهذه هي الحكمة في أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل..
الرجل في الشريعة، عنده حق الطلاق أيضا.. يمكنه أن يطلق زوجته في أي لحظة شاء من دون شرط أو قيد، هذا في حين أن المرأة، ليس لها الحق في تطليق زوجها، فعليها أن تعيش معه، مهما كان مستواه، ولو كانت كارهة، طالما هو قائم بكل واجباته نحوها – السكن، والغذاء، والكساء الشرعى..
هناك حق أخير، أعطته الشريعة للرجل، على المرأة، وهو حق التأديب.. وهذا يعنى أن للرجل الحق، في ضرب زوجته الناشز.. وهي التي تخرج عن طاعة زوجها.. قال تعالى ((واللاتي تخافون نشوزهن، فعظوهن، واهجروهن في المضاجع، وأضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا..)) ومن هنا يظهر أن على المرأة طاعة زوجها مهما كان، ما دام قايما بواجباته التي ذكرنا طرفا منها آنفا..
هذا الوضع، حكيم كل الحكمة، عندما جاء في وقته، في القرن السابع، وذلك لأنه حل مشكلة المرأة في ذلك المجتمع.. فقد شرع لها حسب حاجتها وعلى قدر طاقتها، وطاقة مجتمعها ايضا... ولكن هل هذا الوضع هو مراد الدين الأخير للمرأة؟؟ هل هو كلمته الأخيرة، في أمرها؟؟ إن هناك وضعا آخر، في الدين، يمكن أن يقوم عليه تشريع جديد، يحل مشكلة المرأة المعاصرة، ويكون على قدر طاقتها، وطاقة مجتمعها؟؟
أما فقهاء المسلمين فقد أخطأوا خطأ كبيرا، عندما ظنوا أن الشريعة الإسلامية، هي كلمة الإسلام الأخيرة، عن المرأة.. ولذلك فقد وقعوا في تناقض شديد، عندما لم يستطيعوا التوفيق بين الشريعة، وبين تطور الحياة عامة، وتطور المرأة خاصة.. فنراهم يتحدثون عن الشريعة، ويعيشون خارجها... وكلما تطورت المرأة، وتقدمت، يذكرونها بأن، نصيبها، في الشريعة واف لحاجات حياتها، وان الله أعطاها فيها كل الحقوق التي تصبو اليها.. ولما بدأوا الاجتهاد في استنباط الأحكام ليواكبوا تطور الحياة العامة، واشتطوا في استعمال الرأي، نراهم رجعوا بحقوق المرأة، حتى عما أعطتها أياه الشريعة، على الرغم من أن الشريعة، لم تعطها كل ما أراده لها الدين.. فهم من ثم انحطوا بحقها الى المستوى الذي أخرجهم عن روح الدين تماما، فجاء الفقه جافا، ومهينا للمرأة، حتى في ذلك العصر المتخلف، دع عنك العصر الحاضر..