وضع المرأة في الإسلام:
مما لا شك فيه، أن الإسلام، في أصوله، قد كرّم المرأة، وأعطاها حقوقا متساوية مع حقوق الرجل.. ولكنه، في فروعه، يعنى في شريعته، قد فرّق بين النساء، والرجال، وميّز الرجال عليهن.. ولذلك فإننا نجد في آيات الأصول، المساواة في الحقوق كلما ساوت النساء الرجال في أداء الواجبات.. قال تعالى ((ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة))، حين نجد في آيات الفروع، ان الرجال أوصياء على النساء.. قال تعالى ((الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم)).. يظهر من هذه الآيات، أن للقرآن مستويين من الخطاب.. مستوى فيه التكريم، والمساواة، والحرية.. ذلك لأنه يقوم على تقرير مبدأ المسئولية الفردية.. ومستوى آخر، يقوم على التفريق بين النساء، والرجال، لأنه إنما يقوم على الوصاية – وصاية الرجال على النساء..
أما المستوى الأول، فإننا نجده في الآيات المكية، وهي الآيات التي تنزلت على نبينا صلى الله عليه وسلم أول نزول القرآن في مكة، واستمر نزولها الى فترة ثلاث عشر سنة.. ولكن مجتمع مكة، لتأخره، وبدأئيته، ولأنه مجتمع خارج من الغابة لتوه، لم يستطع تطبيق هذه الآيات الإنسانية الرفيعة – الآيات المكية – فلم يستجب للدعوة.. ولذلك جاء الأمر للنبى صلى الله عليه وسلم بالهجرة للمدينة.. وهناك نزل القرآن المدنى، مراعيا لحالة ضعف الناس، وناسخا للقرآن المكى.. فقام المجتمع الإسلامي في المدينة، على قوانين استمدت من آيات أقل، في مستواها، من القوانين التي كان يمكن أن تستمد من الآيات المكية.. وإنما كان ذلك لأنه لا بد لكل قانون أن يراعى طاقة، وحاجة، المجتمع الذي وضع لينظمه.. ولذلك فقد تنزلت الآيات المدنية في مستوى مجتمع القرن السابع، لتدرجه حتى يجئ المجتمع الذي يستأهل الآيات المكية.. ومن هنا جاءت الشريعة الإسلامية، تنظم حياة المجتمع المدني والمجتمعات الإسلامية التي على شاكلته، وجاءت شريعة الأحوال الشخصية، تنظم وضع المرأة في تلك المجتمعات..