بوادر الخروج على الشريعة الى الرأي والقياس
ولكن بعد، خلافة الصديق، بدا الرأي يتسرب، ويدخل في الصورة.. ويكفينا نموذج واحد لذلك: ((أخبرنا معاوية عن الأعمش، عن شقيق، قال كنت جالسا مع عبد الله بن مسعود، وأبي موسى الأشعري، فقال أبوموسى لابن مسعود: لو أن رجلا أجنب، ولم يجد الماء، أما كان له ان يتيمم ويصلي؟ فقال ابن مسعود: لا يصلي.. فقال أبوموسى كيف تصنعون بالآية: ((فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا))؟ فقال بن مسعود: لو رخصنا لهم في هذا لأوشكوا، إذا برد عليهم الماء، أن يتيمموا الصعيد.. فقال أبو موسى قلت: انما كرهتم هذا لذا؟ قال: نعم.. فاستطرد أبو موسى قائلا لابن مسعود: ألم تسمع قول عمار لعمر بن الخطاب، اذ قال له: يا عمر أتذكر اذ كنا في سفر، أنا وأنت، فلم نجد الماء، فتمعكت أنا بالصعيد، فصليت، وأما أنت فلم تصل، فأتينا رسول الله وأخبرناه، فقال: انما كان يكفيك هكذا: وضرب الصعيد فمسح وجهه وكفيه، فكيف تصنعون بقول عمار هذا، حين قال له الرسول ما قال؟؟ فقال بن مسعود: ألم تر أن عمر لم يقتنع؟؟ فقال أبو موسى: فدعنا، حتى من قول عمار هذا، اذ لم تجبنى على ما سألتك أولا، كيف تصنعون بقول الله، تبارك وتعالى: ((فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا))؟ قال: فما درى بن مسعود جوابا.. رواه الخمسة الأصول))
ما هو الرأي، وما هو دليله الشرعي؟
أصل القياس عندهم: (أن يعلم حكم في الشريعة لشيء فيقاس عليه أمر آخر، لاتحاد العلة فيهما.. ولكنهم توسعوا في معناه أحيانا فأطلقوه على النظر، والبحث عن الدليل، في حكم مسألة عرضت لم يرد فيها نص.. وأحيانا يطلقونه على الاجتهاد فيما لا نص فيه.. وبعبارة أخرى جعلوه مرادفا للرأي).. ومن المتفق عليه أن القول بالرأي لا يجوز الا في حالة معينة.. وذلك عند انعدام النص، من كتاب الله، أو من الحديث الشريف.. ولا يجوز القول بالرأي مع وجود النص.. ودليلهم على جواز القول بالرأي في حالة انعدام النص هو حديث معاذ الذي لا يجوز الاجتهاد الا فيما ليس فيه نص، بحكم المرحلة.. ورواية الحديث هكذا: ((ولما بعث النبي معاذا الى اليمن قال له: كيف تقضي؟؟ قال: أقضي بما في كتاب الله.. قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟؟ قال: فبسنة رسول الله.. قال فإن لم يكن في سنة رسول الله؟؟ قال: أجتهد برأيى لا آلو.. قال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله).. رواه الترمذي وأبو داؤد..