آيات الأصول وآيات الفروع
ان الناس يعلمون أن القرآن مكي ومدني.. ولكنهم لا يعلمون أن لظاهرة المكي والمدني هذه دلالة كبرى.. ولقد نبه اليها الجمهوريون حين أوضحوا أن الآيات المكية هي آيات الأصول، والآيات المدنية هي آيات الفروع- وبذلك فإن الفرق بين القرآن المكي، والقرآن المدني، ليس هو فرق زمان، ولا فرق مكان النزول وحسب، وإنما هو فرق في المستوى، أساسا.. ومعنى هذا ان قد نزلت في مكة آيات الأصول فقدمت مبادئ الإسلام الأساسية، ووالت تقديمها ثلاث عشرة سنة، حتى عجز الناس عن تطبيقها، وعن الارتفاع الى مستواها، وهو مستوى الرشد، والمسئولية.. والمسئولية انما هي ثمن الحرية.. والحرية إنما هي آصل أصول الإسلام، ولذلك فقد بدئ بها.. وحين عجز الناس عن تحمل تبعاتها نزل لهم الى مستوى ((الوصاية)) الرشيدة.. فجاء القرآن المدني، وجاءت فيه آيات الفروع.. واعتبرت ناسخة لآيات الأصول.. ومخاطبة للناس على قدر عقولهم.. وإنما جرى ذلك مراعاة لحاجتهم، وتدريجا لهم، على قدر وسعهم، وطاقتهم.. وكذلك قامت شريعة مجتمع البعث الأول على آيات الفروع.. ولسنا نحن الآن بصدد الحديث عن الأصول، والفروع.. فهذا أمر قامت به كتبنا الأخرى، وبخاصة ((الرسالة الثانية من الإسلام))..
الشريعة خدمت مجتمعها لأنها كانت عملية وحكيمة
والشريعة قد قننت، وفرعت، من القرآن، ما يناسب طاقة، وحاجة المجتمع المشرع له.. وبذلك فقد كانت حكيمة، وعملية، وكافية لوقتها.. فنهضت بذلك المجتمع، ونقلته تلك النقلة الكبيرة، السريعة.. وكانت كل المصلحة، وكان كل الخير في التزامها.. وكان خير من طبق تلك الشريعة على المجتمع، وأقامها، بعد النبي الكريم، هو الصاحب الأكبر أبوبكر الصديق.. فقد التزمها، وأقامها، كما هى، بدون زيادة، أو نقصان، أو تخريجات..