موقف المحاكم الشرعية من الربا
ومن صدى الأزهريين الماثل أن قاضي مديرية ((شرعي)) قد اشتكى الجمهوريين بحجة أنهم أساءوا لسمعته، لأنهم أساءوا للقضاء ((الشرعي))، وللمحاكم ((الشرعية)) ولقد استجوب الأستاذ محمود محمد طه هذا "الشاكى" أثناء وقائع القضية، وسننقل من استجوابه الفقرات التالية نقلا عن مجلد وقائع قضية بورتسودان الشهيرة.. جاء في صفحة 22، 23 الكتاب الثالث: -
((الأستاذ محمود محمد طه: الربا التعامل مع البنوك بالفائظ - خمسة في المائة، سبعة في المائة، في وضع زي ده، هل عندك ما يبرر عند الأربعة ما يحلل ولاَّ المجتهدين فيما بعد من المحدثين من الفقهاء؟
الشاكي: الأئمة الأربعة ذاتو في عهدهم ما في بنوك بالمعنى الإنت عايزو... ما متعارفة، دا ما يمنع أنو في مجتهدين بعدهم يروا أن هذا التعامل صحيح.
الأستاذ: إنت بتعتمد على منو مثلاً.. منو يرى أن التعامل مع البنوك بالربا صحيح؟
الشاكي: أنا ما داير أوري أنو ده صحيح دا ما المقام.
الأستاذ: دا المقام بالضبط، أنا بقول أنو الشريعة حرمت الربا البتة، وإنو الأئمة حرموا الربا البتة... بعض المتأخرين من علماء الأزهر لأن يكونوا مطايا للحكام اجتهدوا في أنو الربا في حدود معينة في التعامل مع البنوك حلال.
الشاكي: لا ما بالصورة دي.. ما قالوا الربا حلال.
الأستاذ: أنا عايز تقول لي منو؟ وأفتى بشنو؟ إنت قلت في اختلاف وجهات نظر.. مين الناس البمثلو النظر عندك وعندهم رأي فيه خلاف بعضهم يقول التعامل مع البنوك ما ربا، وبعضهم يقول ربا؟
الشاكي: أنا بقول الموضوع دا موضوع خلاف.)) ...
وفي صفحتي 26-27
((الأستاذ: طيب... ما استثنى دا ما زادت حرمتو بصورة ظاهرة: ((قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىٰ طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً، أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا، أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ، فَإِنَّهُ رِجْسٌ، أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّـهِ بِهِ. فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)) الحاجة الملجئة لأن تحل الحرمة هي حاجة حياة أو موت يعني الإنسان اللي أشرف على الهلاك وما وجد غير الميتة يأكلها. ما حرام في حقو.
الشاكي: يمكن أقيس عليها.. عاوز أعالج زول خطر في حالة مرض معين، أو أي حاجة، أضطر أمشي أشيل لي قروش، أدفع عليها زيادة مثل...
الأستاذ: نقيف عليها دي، دا تقريرك.. هو في الحقيقة دا نفس المسألة النحن بنعيبها، في تفسير الدين لمصلحة الأمراء... إنو الفقه بَعُدَ بالناس عن روح الدين، وأصبح ما عندهم ورع يشوفوا كل حاجة ممكن تكون ضرورة ولذلك يطوعوا الدين خطوة خطوة ليخدموا الأغراض.. دا الكلام النحن وصلنا ليهو.. هسع إنت بتاخد علينا شنو لو قلنا إنو الفقهاء بعدوا عن روح الدين، وأصبحوا مطايا للحكام، يطوعوا الدين في الفتاوي لخدمة السلطة.. بتاخد علينا شنو في دا؟
الشاكي: أنا باخد عليك الهجوم عليهم وبعتقد أنو الهجوم دا لأنو هم إختلفوا معاك في المسألة..))
هذا ما جرى في الاستجواب..
ومن الناحية العملية أيضا فإن المحاكم ((الشرعية)) تسلف أموال القصر بالفائدة، وبعد الوعيد: ((بحرب من الله ورسوله))، وان الربا سبعون جزءا، أيسرها كما ورد في الحديث.. هل يمكن ان تحترم الاجتهادات، والتخريجات، المنحرفة التي تبرر الربا؟!!