محاولات تحليل الربا
وبرغم النصوص القرآنية الحاسمة، والأحاديث الشريفة المغلظة، لأمر الربا، وبعد اجماع مذاهب الفقه، والقياس، على حرمته، فإن المتأخرين من الأزهريين لم يجدوا ما يجتهدون فيه غير تحليل الربا.. ونحن نعلم أن الفقهاء لا يمكنهم أن يقولوا إن الربا حلال، ولكنهم يلتمسون الذرائع، ويفتعلون التخريجات، ويستغلون باب الفقه، والقياس، ليحللوا المعاملات الربوية الحديثة، وليطوعوا الشريعة لهوى الحكام.. فهم بحكم قامتهم، وبعدهم عن الورع، وعن روح الشريعة، لم يجدوا ما يظهرون به بمظهر التجديد غير تلك المحاولات المنحرفة.. فمنهم من قال إن القرآن حرم الربا الفاحش، لدليل قوله تعالى: ((أضعاف مضاعفة)).. ومنهم من قال إنه ضرورة من الضرورات للأمة، ما دام صلاح الأمة الاقتصادى متوقفا عليه، والا اضطربت أحوالها، بين الأمم.. ولذلك يدخلون قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات".. فهل بعد الأدلة القرآنية المنذرة، وبعد بيان الحديث لفظاعة الربا، يمكن لمؤمن أن ينخدع بهذه التخريجات المنحرفة؟؟ ولقد عهدنا شيوخ الأزهر المتأخرين دائما يفتون حسب هوى الحكام، بل حسب هوى المستعمرين.. وقد كان هدفهم ذلك في تثبيط ثورة الشعب المصري في وجه الاستعمار الفرنسي.. كما كان منهم ذلك في تفشيل المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الانجليزى.. وكانوا ينعتون الملك فاروق ((بالملك الصالح)).. وكانوا يقولون عنه انه مثال للفضيلة المحببة للنفوس.. أما ميثاق ((جمال عبد الناصر)) فقد أعلنوا أنه هو الدعوة الإسلامية.. وكل مواقفهم هذه قد نشرناها موثقة في كتابنا: ((الميزان بين محمود محمد طه والأمانة العامة للشئون الدينية)).. وفي كتابنا: ((الدين ورجال الدين عبر السنين))، مما يغنى عن التفصيل، والاعادة هنا.. وقد كانت مواقف، وتخريجات، ((الفقهاء)) عندنا هنا، صدى، وصورة، من أساتذتهم الأزهريين، فكانوا يقيسون ((المحاربين مع الإنجليز)) بـ ((المجاهدين في سبيل الله)).. وينحلونهم أحكام المجاهدين.. فأباحوا لهم الفطر في رمضان.. وقد عرفوا بتسخيرهم، وتطويعهم للشريعة لمختلف الحكومات، من استعمارية، ومن وطنية.. سواء أمدنية كانت أم عسكرية.. وقد وثقنا ذلك في الكتابين المذكورين آنفا..