بسم الله الرحمن الرحيم
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)
صدق الله العظيم
ديباجة
((1
)) المشاكل الراهنة لأي بلد من البلاد هي، في حقيقتها، صورة لمشاكل الجنس البشري برمته، وهي، في أسها، مشكلة السلام على هذا الكوكب الذي نعيش فيه، ولذلك فقد وجب أن يتجه كل بلد إلى حل مشاكله على نحو يسير في نفس الاتجاه الذي بمواصلته تحقق الإنسانية الحكومة العالمية، التي توحد إدارة كوكبنا هذا وتقيم علائق الأمم فيه على القانون، بدل الدبلوماسية، والمعاهدات، فتحل فيه بذلك النظام والسلام..
((2
)) المسألة الأساسية التي يجب أن يعالجها دستور أي أمة من الأمم هي حل التعارض البادي بين حاجة الفرد وحاجة الجماعة، فان حاجة الفرد الحقيقية هي الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة هي العدالة الاجتماعية الشاملة: فالفرد – كل فرد – هو غاية في ذاته ولا يصح أن يتخذ وسيلة لأي غاية سواه، والجماعة هي أبلغ وسيلة إلى إنجاب الفرد الحر حرية فردية مطلقة، فوجب إذن أن ننظمها على أسس من الحرية والإسماح تجعل ذلك ممكنا.
((3
)) إننا نعتبر الدستور في جملته عبارة عن المثل الأعلى للأمة، موضوعا في صياغة قانونية، تحاول تلك الأمة أن تحققه في واقعها بجهازها الحكومي، بالتطوير الواعي من امكانياتها الراهنة، على خطوط عملية يقوم برسمها التشريع والتعليم، وبتنفيذها الإدارة والقضاء والرأي العام.
((4
)) ليس هنالك رجل هو من الكمال بحيث يؤتمن على حريات الآخرين، فثمن الحرية الفردية المطلقة هو دوام سهر كل فرد على حراستها واستعداده لتحمل نتائج تصرفه فيها.
((5
)) ليحقق دستورنا كل الأغراض آنفة الذكر، فانا نتخذه من
((القرآن
)) وحده: لا سيما وأن
((القرآن
)) لكونه في آن معا، دستورا للفرد ودستورا للجماعة قد تفرد بالمقدرة الفائقة على تنسيق حاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، وحاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة، تنسيقا يطوع الوسيلة لتؤدي الغاية منها أكمل أداء.