بسم الله الرحمن الرحيم
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي، وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)
صدق الله العظيم
مقدمة الطبعة الثانية
«أسس دستور السودان» خرجت طبعته الأولى للناس في ديسمبر من عام ١٩٥٥، وظهرت الحاجة اليوم إلى إعادة طبعه فلم نجد شيئا نحذفه منه: ولم نجد ضرورة لإضافة شيء عليه، فأخرجناه من هذا الاعتبار، على ما عليه كان أول عهده بالخروج ومع ذلك، فان الكتاب الجديد يختلف عن الكتاب القديم في معنى أنه يقع في بابين: الباب الأول، ويحوي «أسس دستور السودان» والباب الثاني، ويحوي نبذة قصيرة عن أهداف الحزب الجمهوري وعن دستور الحزب الجمهوري..
قلنا في كلمة الغلاف أن «أسس دستور السودان» هي «أسس الدستور الإسلامي» الذي يسعى دعاة الإسلام، عندنا وفي الخارج، إلى وضعه من غير أن يبلغوا من ذلك طائلا، ذلك لأنهم لا يعرفون أصول الإسلام، ومن ثم، فهم لا يفرقون بين الشريعة والدين، ويقع عندهم خلط ذريع بأن الشريعة هي الدين، والدين هو الشريعة.. والقول الفيصل في هذا الأمر أن الشريعة هي المدخل على الدين، وأنها هي الطرف القريب من أرض الناس، «وفي بعض صورها من أرض الناس في القرن السابع».. وفي القرن السابع الميلادي لم تكن البشرية مستعدة للحكم الديمقراطي، بالمعنى الذي نعرفه اليوم، ولقد قامت شريعتنا على حكم الشورى، لقد كان حكم الشورى، في وقته ذاك، أمثل أنواع الحكم، وأقربها إلى إشراك المحكومين في حكم أنفسهم، ولكنه، مع كل ذلك، لم يكن حكما ديمقراطيا. ومن أجل ذلك فلم يكن يعرف فيه الدستور بالمعنى الذي نعرفه اليوم، فمن ابتغى الدستور في مستوى الاسلام العقيدي أعياه ابتغاؤه، ولم يأت إلا بتخليط لا يستقيم، وتناقض لا يطرد. وكذلك فعل دعاة الإسلام، عندنا وفي الخارج. ومن ابتغى الدستور في مستوى الإسلام العلمي ظفر به، واستقام له أمره على ما يحب. وكذلك فعل الجمهوريون.. ونحن الآن نقدم للناس أسس الدستور، وسنقدم، في مقبل الأيام القريبة، إن شاء الله، دستور السودان «اقرأ الدستور الإسلامي» مقعدا، وممددا، ومبوبا، وعند الله نلتمس السداد..