خاتمة
أما بعد فهذا هذا فيما يتعلق بالمدنية الجديدة التى ينشدها الحزب الجمهورى وهى مدنية إسلامية لا شرقية ولا غربية وإنّما ألفت بين فضائل الشرق وفضائل الغرب فى نسق وورثت تراث البشرية فى بحثها الطويل عن الحق فان ظنها أقوام أنها بعيدة المنال غير ممكنة التحقيق فليصدقنى هؤلاء أنا لسنا فيها شعراء ، ولا أصحاب خيال وإنما نحن نقدم بها منهاجا تعليميا ممكن التطبيق مضمون النجاح وهو منهاج عملى كالطعام والشراب وكل ما هناك أن تراعى كل أمة فى تطبيقه إمكانياتها الحاضرة ، ثم تترقى وتتطور فى مراقيه حتى تبلغ أوجه. ونحن نتقدم بهذه المدنية إلى الإنسانية جمعاء لا نفرق بين قبيل منهم ونعلم حق العلم أن علينا لأن نطبقها داخل حدودنا الجغرافية ، قبل أن نتوقع استجابة لها من الافاق الأخرى. وإن أول خطوة فى سبيل تطبيقها لهى إجلاء الاستعمار إجلاء تاما ناجزا. ولإجلاء الاستعمار لابد من ضم الصفوف. ولا تضم الصفوف إلاّ إذا فكر الناس جميعا فى شئ واحد ، واحبوا جميعا شيئا واحدا وسلكوا جميعا سبيلا واحدا ولقد نعلم جيدا أن داءنا العضال هو التفرقة التى نشات من سوء فهم بعض الناس لاغراض بعضهم الآخر ولمقاصده ، ومرد سوء الفهم هو اختلاف الامزجة والميول فى افراد البيئة الاجتماعية الواحدة اختلافا كبيرا ، ذلك بأن الأمزجة المختلفة ، تحمل الناس على عادات مختلفة وهذه العادات المختلفة تقوى بطول المراس ،حتى تصبح حواجز بين الأفراد تفرق أهواءهم وتباعد بين قلوبهم وتباين أساليب تفكيرهم فإذا ماعدنا جميعا إلى ترسم روح السنة بتقليد محمد وإلى الاهتداء بأخلاق القرآن فستتوحد بيئتنا الاجتماعية وستتشابه عاداتنا وستتقارب أساليب تفكيرنا ، وسنلتقى جميعا فى فكرة واحدة هى الحرية وسنحب جميعا شيئا واحدا هو الكمال ، وسنسلك جميعا طريقا واحدا هو طريق الحق . وستلقى علينا معرفة الحق تبعة العمل بالحق وأيسر مايقضى به العمل بالحق عدم التعاون مع المبطل فانك أنت حين تدفع الضريبة لحكومة مستعمرة أو حكومة مفسدة إنما تعينها على باطلها ، وتشاركها فى إفكها ، وتتحمل بذلك كفلا من إصرها . وأيسر سبيليك أن تمتنع عن إعانتها وتأبى التعاون معها . وهذا ماعنينا بالعصيان المدنى الذى لا يجلو الاستعمار جلاء تاما بايسر منه ولا أقل ..
الحزب الجمهورى
1952