خاتمة:
إن على المسلمين ان يعرفوا لدينهم هذا القدر، فينفذوا إلى دقائق حقائقه، فيزاوجوا بينها وبين دقائق حقائق العصر، في واقع معاش يسترعي الانتباه، ويغري بالإتباع.. إن أمامهم أن يكونوا الكتلة الثالثة التي تفض الكتلتين العالميتين القائمتين: الكتلة الشيوعية، والكتلة الرأسمالية، واللتين عجزتا عن حل مشكلتي السلام، والرخاء، ووضعتا العالم على شفا الحرب العالمية النووية!! لقد عجزت الكتلتان، كلتاهما، عن الجمع بين الديمقراطية والاشتراكية، في جهاز حكومي واحد، حين عجزتا، كلتاهما، عن التوفيق بين حاجة الجماعة إلى العدالة الاجتماعية الشاملة، وحاجة الفرد إلى الحرية الفردية المطلقة، بحيث تكون الأولى وسيلة إلى الثانية، وبحيث تكون الحضارة المادية الآلية خادمة للإنسان، لا مستعبدة له... والإسلام وحده هو الذي يفض ذلك التعارض البادي بين الجماعة والفرد، والذي بسببه ظهر التناقض بين الاشتراكية والديمقراطية.. ذلك لأنه، كما أسلفنا، منهاج لتوحيد القوي المودعة في البنية البشرية.. هو منهاج لتوحيد النقيضين، كل نقيضين، لأنه يقوم أساسا على فض التعارض الأساسي بين العبد والرب، فيجعل العبد راضيا بربه، منسجما مع البيئة الروحية الخفية، والبيئة المادية البادية..
هذه هي وجهة الهجرة التي ينبغي أن يشد إليها المسلمون الرحال، بدلا عن الهوس الديني الذي أخذ يستشري بينهم.. وإلا فالنذير الإلهي لهم بالمرصاد (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم، ثم لا يكونوا أمثالكم)..
الأخوان الجمهوريون
أم درمان ص. ب 1151
تلفون 56912