أدب الوقت مع الصوم:
من هذا نخلص إلى أمر هام به تكون البداية الصحيحة للصوم المجود، المؤدي إلى الغاية التي أرادها الشارع الحكيم، ونعني بذلك أن نراعي ادب الوقت مع هذا الشهر الطيب المبارك.. فبعد أن نحاول خلق علاقة المحبة معه، نعزم عزيمة صادقة على فتح صفحة جديدة في سجل سلوكنا، في العبادة، وفي المعاملة، وذلك بأن نتوب توبة نصوحا، من حالة الغفلة التي كنا عليها، بأن ننوي ترك كل تقصير كنا عليه، وكل ممارسة خاطئة تورطنا فيها، وليكن اعلائنا لهذه التوبة هو اغتسالنا، وكأننا ندخل الاسلام من جديد، ولأول مرة، ومع هذا يكون الندم والاستغفار من التقصير، ومن الذنوب، ثم نستشعر الاصرار على عدم العودة اليها، بمعنى آخر أن تستقيم التوبة النصوح بأركانها الثلاثة: الاقلاع الفوري والندم على ما فات والاصرار على عدم العودة اليه.. وبهذا التهيؤ الحسي والمعنوي، عسى ان يستقيم لنا أمر اخلاص النية والقبول.. وهذا شرط في صحة الصيام، وهو شرط صعب الا لمن كانت له عناية من الله.. ولقد أشار إلى هذا الاخلاص حديث النبي: (من صام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه).
النية المبيتة:
وأول ما نواجه رمضان به النية.. والنية يجب أن تكون مبيّتة.. فلا يصح لك أن تنوي بعد وقت الامساك عن الطعام والشراب.. فإن فعلت فإن عليك لأن تصوم يومك ذاك وان تقضيه في وقت آخر لأن صيامك بغير النية المبيتة لا يجزيك.. ثم أن النية يحسن أن تكون متنقلة بمعنى أنك تجددها كل حين.. من الناحية الشرعية يمكنك أن تبيت نية صيام رمضان كله من أول يوم فيه وهذا يجزيك وان لم تجدد النية المبيتة كل يوم.. ولكن يدخلك مداخل التجويد ان تجدد النية كل يوم، وان تجريها على خاطرك، وعلى لسانك ايضا قبل وقت الامساك عن الطعام والشراب من يومك ذاك.. النية المتنقلة هي التي تجددها كل لحظة كلما خطر ببالك أن تصوم عن خصلة ذميمة وترتفع إلى خصلة حميدة – ترك الثرثرة مثلا وترك الغيبة والنميمة وحبهما والميل إلى الاستماع اليهما.. أو الغل والحقد على الناس أو سوء الظن بالناس.. يجب الصوم عن كل سفاسف الطباع ويمكنك أن تنقل النية في صيامك كل لحظة في يومك وأن تجددها..