إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

مفارقة الإخوان المسلمين
للشريعة والدين

الإخوان المسلمون يتملقون الملوك والحكام لاحتوائهم


ويتورط الإخوان المسلمون، في سعيهم الى احتواء الملوك والحكام، إلى التملق الرخيص لهم، واسباغ نعوت القدسية والربوبية عليهم!! فقد رفع (مجلس الشورى العام للإخوان المسلمين) مذكرة للملك فؤاد جاء فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله، وصلي الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلّم. الى سدة صاحب الجلالة الملكية حامى حمى الدين، ونصير الإسلام والمسلمين، مليك مصر المفدّى. يتقدم أعضاء مجلس الشورى العام للإخوان المسلمين المجتمعون بمدينة الإسماعيلية بتاريخ 22 صفر 1352 والممثلون لخمسة عشر فرعا من فروع جمعية الإخوان المسلمين، برفع أصدق آيات الولاء والإخلاص للعرش المفدى ولجلالة المليك وسمو ولى عهده المحبوب).. وتمضى المذكرة لتقول: (وقد جعلكم الله تبارك وتعالى حماة دينه والقائمين بحراسة شريعته والذائدين عن حياض سنة نبيه، وقد عرف العالم كله لجلالتكم المواقف المشهورة والمشاهد المذكورة في الاستمساك بحبل الدين المتين، والحرص على آدابه وشعائره وحمايته من المعتدين عليه ونشر تعاليمه)!! – صفحة 156 من كتاب (مذكرات الدعوة والداعية) بقلم الشيخ حسن البنا – هذه المذكرة وحدها كافية لتتحدث عن حظ الإخوان المسلمين من الدين، كما هي لا تحتاج الى تعليق يكشف عن مفارقتها الصريحة للدين!!
وهي تذّكر المرء بالملق الذي يتورط فيه الدكتور الترابي، اليوم، لنظام مايو، وللرئيس نميري، بالذات، وهو يحاول احتواءه، بلا حياء أو خجل!! فقد قال لجريدة الأيام يوم 13/12/1977: (ان الأخ جعفر محمد نميري هو الذي قدّم المعالجات السياسية لمشكلة الجنوب الى الأمام (التمام) واكتسب بذلك ثقة كبيرة في الجنوب وتقديرا في دول كثيرة تتعرّض للمشاكل الإقليمية المماثلة)!! وقال بجريدة الأيام يوم 21/8/1978 (جاء الأخ جعفر الى السلطة يحاول الشيوعيون اكتنافه وتسخيره للإحاطة به ثم الانقلاب عليه فغالب غدرهم، ونصره الله عليهم، وقد جاء بقوة حركة عسكرية وكان له ان يقتصر على بيروقراطية استبداد يحميها السلاح والمخابرات، وخاض مع معارضته الوطنية صراعات دامية كان لها أن تملأه بحمية الحقد ولكنه اليوم آثر التي هي أحسن وبادر بمصالحة إخوانه في الدين والوطن على كلمة سواء...)!!
فإذا كان الترابي يعرف للرئيس نميري، هذا القدر، فلماذا حمل عليه تنظيمه السلاح، في الغزو الأجنبي الذي يأتي بعد سنوات من حل مشكلة الجنوب، والانقلاب الشيوعي؟؟ لماذا توّلى تنظيم الإخوان المسلمين عملية المطار، بالذات، وهي العملية التي استهدفت حياة الرئيس نميري؟؟ قال الرئيس نميري فيما ترويه جريدة الصحافة يوم 7/7/1976: (ولقد بدأت قوات الغزو تباشر أولى مهامها بإطلاق نيران كثيفة استهدفت شخصي والوفد المرافق لي وجميع المسئولين السياسيين والتنفيذيين الذين كانوا في استقبالي، وبتدخل من عناية الله وحده فشلت قوات الغزو الأجنبي في تنفيذ أولى مهامها).. وقد ثبت، من وثائق المحاكمات، كما رأينا، ان الإخوان المسلمين قد تولوا أولى مهام الغزو الأجنبي، وهو عملية المطار التي استهدفت حياة الرئيس نميري!! وقال الترابي في محاضرته بجامعة الخرطوم في ديسمبر 1977:
(ومبلغ علمي وظني وتقديري أن رئيس الجمهورية الذي كان له الفضل في انشاء هذه اللجنة - لجنة تعديل القوانين – تجد كل الجد في أمر تعديل القوانين، ولكن بين هذه القيادة التي تكاد تكون معزولة في اتجاهها هذا وبين جمهور الأمة وقاعدتها تقوم جهات وسيطة، في هذه الجهات تنبث عناصر كثيرة لا تريد للإسلام أن يحكم ولكنها تخشى غضبة القائد، كما تخشى غضبة الشعب) .... هذا النوع من الملق الذي يقوم به المرشد العام للإخوان المسلمين انما هو بادي الغرض، كما كان ملق المرشد العام الأول لهذا التنظيم للملك فؤاد، والملك فاروق – غرضه احتواء الحكام، مرحليا، للإطاحة بهم في النهاية، وقد رأينا كيف اشترك الإخوان المسلمون في الانقلاب العسكري ضد الملكية في 23 يوليو 1952 (كتابنا "هؤلاء هم الإخوان المسلمون" الجزء الثاني)