حل قضية فلسطين على مرحلتين:
والحل الذي يقترحه الجمهوريون حل سياسي يقتضي، ويمكن من جمع، الكتلة الشرقية، والكتلة الغربية، في مناصرته، وفي تنفيذه، بل، الحقيقة انه يقتضي، ويجمع، الرأي العام العالمي في مناصرته وفي تنفيذه.
وهذا الحل السياسي هو في نظرنا حل مرحلي لقضية فلسطين.. اذ عندنا ان حلها يقع في مرحلتين: مرحلة عاجلة ومرحلة آجلة: فالمرحلة العاجلة الغرض منها ايجاد فترة متنفس، او قل هدنة، يباشر العرب فيها حل المرحلة الآجلة، وهو الحل الحق - ولا بد ان يدفع العرب لحل المرحلة العاجلة ثمن اخطائهم الماضية - لا بد ان يشتروا هدنة، ولا يزال الوقت مناسبا لان يكون ثمن هذه الهدنة زهيدا. فيجب الا يضيع الوقت في مثل هذا التفكير العقيم، المراهق الذي يطالعنا من قرارات مؤتمر القمة العربي الرابع الذي عقد في الخرطوم في الشهر الماضي.
الحل المقترح للمرحلة العاجلة:
1. يجب عدم اللجوء الى السلاح، وذلك لان العرب لا يحاربون دولة اسرائيل وحدها، وانما يحاربون من ورائها دول امريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا الغربية - وهم قد التزموا بالمحافظة على حدود دولة اسرائيل حسب ما يعطيها التقسيم الذي اقرته الجمعية العامة في التاسع والعشرين من نوفمبر عام 1947 - التزم بذلك منذ عام 1950 كل من امريكا وبريطانيا وفرنسا.
2. كل لجوء الى السلاح في حل قضية فلسطين، على المدى الذي يريده زعماء العرب الآن، ويمنون به شعوبهم عمل قليل الجدوى، ثم هو عمل يجعل العرب مضطرين الى السير - في ركاب الاتحاد السوفيتي، ويفتح ابواب بلادهم على مصاريعها للشيوعية، ويباعد بينهم وبين دينهم، ان لم يقطع صلتهم به، وذلك أمر، في حد ذاته، يهدد العرب بأخطر مما تهددهم به دولة اسرائيل وهذا قول سلفت اليه الاشارة .
3. من اجل احراز حل المرحلة العاجلة يجب التفاوض مع اسرائيل، وسيكون هدف التفاوض:-
(أ) انسحاب اليهود من الاراضي العربية التي احتلوها في حرب 15 مايو عام 1948، وحرب 29 اكتوبر عام 1956، وحرب 5 يونيو عام 1967.
(ب) ارجاع اللاجئين العرب الذين اخرجوا من ديارهم عام 1948، وعام 1967، وتعويضهم عن جميع ممتلكاتهم التي فقدوها.. وتوطينهم في الارض التي حددها لهم تقسيم عام 1947 - تنفيذ مبدأ التقسيم.
(ج) ضمان الدول الكبرى، بما فيها الاتحاد السوفيتي - وهذا يعني ضمان مجلس الامن والجمعية العامة - لحدود الدول العربية الجديدة، ولتأكيد هذا الضمان توقف، على الفور، الهجرة اليهودية الى اسرائيل.
(د) تأخذ هيئة الامم على اسرائيل تعهدا بالا تحاول اي توسع في ارض اي من الدول العربية المجاورة لها، فاذا جرت منها محاولة فان مسئولية ايقافها تقع على كاهل هيئة الامم.
(هـ) إنهاء حالة الحرب التي ظلت قائمة بين العرب واسرائيل
(و) إعطاء اسرائيل حق المرور البريء في الممرات المائية - خليج العقبة وقناة السويس.
حل المرحلة الآجلة:
فاذا تم للعرب ذلك فقد وجب الاخذ في حل المرحلة الآجلة وذلك بالرجوع الى الاسلام. ويجب ان نكون واضحين فانا لا نعني الوحدة الاسلامية، ولا الحلف الاسلامي، ولا التضامن الاسلامي، وذلك لسبب واحد بسيط هو انه ليس هناك اليوم مسلمون، وانما نعني ان يرجع المسلمون الى (لا اله الا الله) ليبعثوها حارة، خلاقة، جديدة، كيوم خرجت من منجمها، في القرن السابع، فعملت عمل السحر في قلوب الرجال والنساء.
لقد قلنا ان التحدي الذي يواجه العرب اليوم هو نصيبهم من التحدي الذي تواجه به البيئة الحاضرة البشرية التي تسكن على هذا الكوكب، وهو تحدٍّ يتطلب وحدة فكرية توائم بها البشرية بين حياتها وبين بيئتها هذه التي أصبحت وحدة مكانية تامة، بفضل الله، ثم بفضل سرعة المواصلات الحديثة، التي جاء بها تقدم العلم المادي، التجريبي المعاصر. وقلنا أن الوحدة الفكرية لا تجيء إلا عن طريق نظام يعطى مكانة الشرف فيه لحرية الفكر، وحسبكم ان تعلموا ان جماع التكليف في الاسلام هو التفكير - التفكير فريضة اسلامية تلتقي عندها جميع فرائضه، اسمعوا قول الله تعالى ((وأنزلنا اليك الذكر، لتبين للناس ما نُزِّلَ اليهم، ولعلهم يتفكرون)).
هذا هو الاسلام الذي يجب على العرب ان يعودوا الى بعثه في صدورهم بعد ان مات فيها، وذلك لكي يحرزوا البقاء، ولكي يحرزوا من وراء ذلك للانسانية المدنية التي تصفي في جهازها الكتلة الشرقية، والكتلة الغربية، ويتحقق بها على الارض السلام. هذا، ولتفاصيل هذه المدنية وكيفية بعثها نشير الى كتب الحزب الجمهوري الثلاثة وهي: "الرسالة الثانية من الاسلام" و "طريق محمد" و "رسالة الصلاة".