خطأ في الفكر وفي التطبيق
ان الدعوة الوهابية دعوة منحرفة، في الفكر، وفي التطبيق، وهي قد تأسست علي مفارقة بينة للنهج الاسلامي، فمن الاخطاء الشنيعة التي وقعت فيها (الدعوة الوهابية) في فهمها للاسلام، ان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله يمكن ان يشهر فيها السيف في وجه الفرق الاسلامية الاخري، التي هي ايضا لها وجهة نظرها، ولها فهمها للإسلام، ولها رأي في دعوة الوهابية .. ولقد انحط حال المسلمين منذ أمد بعيد مما أدي الي تعدد الفرق واختلاف المذاهب ولكن ليس السبيل الي الخروج من هذه الفرقة الفكرية، والتشتت المذهبي بين المسلمين، هو ان ترفع هذه الفرق السيف في وجه بعضها بعضا، وانما السبيل هو المحاجة، والمجادلة بالتي هي أحسن، وضرب المثل الحسن في السلوك والأخلاق الاسلامية – وهذا ما فارقه مؤسس (الوهابية) من الوهلة الاولي فاباح لنفسه فرض الوصاية علي باقي المسلمين حتي اشهر السيف في وجوههم، واستباح دماءهم، وأموالهم وجعلها غنائم للأمراء والجند الذين من أعوانه، كما رأينا في اتفاقه مع الأمير محمد بن سعود، أمير (الدرعية) – وقد قاد هذا الخطأ الفكري الي خطأ في التطبيق، حيث ناقض نفسه، وناقض الشريعة عندما لم ير بأسا في اقرار (أمارة) الأمير، وولايته علي الناس سواء في (عيينة) أم في (الدرعية)، ومع أنها ولاية لم تقم علي الشريعة، وانما قامت بحد السيف، وبالوراثة، بل لقد مني الأميرين بفتح البلاد الأخري، وتمليكها، وتمليك أعرابها لهما، ان هما آزراه!!
ان هذا الخطأ الذي وقع فيه مؤسس (الوهابية) لا يعدله خطأ آخر من الأخطاء، والبدع التي يزعمها، وينسبها للمسلمين من تعلق بالاولياء، واقامة القباب علي القبور، اذ ليست هناك بدعة هي أبعد عن السنة، وأخطر علي الناس في دينهم ودنياهم، من بدعة حكم الناس عنوة وبالوراثة، وهو ما عليه الأمراء، والملوك الذين أقرهم مؤسس (الوهابية)، واستعان بهم علي فرض دعوته علي الناس بالسيف، ولا يزال هذا اللبس الذي تورط فيه قائما في وجه أتباعه (الوهابيين) – انصار السنة – يحجب عنهم الرؤية، ويجعلهم يوغلون في التوائهم حتي ليصدق عليهم قول السيد المسيح للمنافق الذي يقع في الكبائر، ويغفل عنها، ثم هو يرصد الصغائر عند الآخرين، فقد قال لأحدهم: (يا منافق!! تري القذي في عين أخيك، ولا تحس بالعود في عينك؟ .. أخرج العود من عينك أولا، ثم انظر الي عين أخيك) .. فهؤلاء (الوهابيون) يستطيلون علي خلق الله، بل علي أقربهم اليه تعالي، ويوسعونهم اتهاما بمفارقة (الكتاب) و(السنة)، بينما هم لا يستحيون من المفارقة الغليظة التي وقع فيها مؤسس (الدعوة) وأوغلوا فيها من بعده، من تعظيم للملوك، واجازة لهم في حكم الناس باسم الاسلام!