الوهابية بعث متشدد لمذهب ابن تيمية
ومنشيء (الوهابية) هو محمد بن عبد الوهاب النجدي المتوفي سنة 1787م (وقد درس مؤلفات ابن تيمية فراقت في نظره وتعمق فيها واخرجها من حيز النظر الي حيز العمل، وانهم في الحقيقة لم يزيدوا بالنسبة للعقائد شيئا عما جاء به ابن تيمية ولكنهم شددوا فيها اكثر مما تشدد ورتبوا امورا عملية لم يكن قد تعرض لها ابن تيمية لأنها لم تشتهر في عهده) ومن الأمثلة لذلك:
(ان الوهابية لم تفتقر علي الدعوة المجردة، بل عمدت الي حمل السيف لمحاربة المخالفين لهم باعتبار أنهم يحاربون البدع وهي منكر تجب محاربته ويجب الأخذ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك لتحقيق قوله تعالي (كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله، ولو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم) -253-254 تاريخ المذاهب الاسلامية-
(انهم توسعوا في معني البدعة توسعا غريبا حتي انهم ليزعمون ان وضع ستائر علي الروضة الشريفة أمر بدعي، ولذلك منعوا تجديد الستائر التي عليها حتي صارت اسمالا بالية تقذي الأعين، لولا النور الذي يضفي علي من يكون في حضرة النبي صلي الله عليه وسلم، أو يحس أنه في هذا المكان كان منزل الوحي علي سيد المرسلين..
وانا لنجد فوق ذلك منهم من يعد قول المسلم: (سيدنا محمد) بدعة لا تجوز ويغلون في ذلك غلوا شديدا، وفي سبيل دعوتهم يعنفون في القول حتي ان أكثر الناس لينفرون منهم أشد النفور..
وفي الحق، ان (الوهابية) قد حققوا آراء ابن تيمية، وتحمسوا لها تحمسا شديدا، ما شرحناه من رأي ابن تيمية عند الكلام علي مذهب الذين سموا أنفسهم سلفيين قد أخذوا به، ولكنهم توسعوا في معني البدعة، فتوهموا أمورا لا صلة لها بالعبادات بدعا، مع ان البدع علي التحقيق هي الأمور التي يفعلها العباد علي انها من العبادات، ويتقربون بها الي الله تعالي، ولم يجيء بها أصل ديني، فوضع ستائر علي الروضة الشريفة مثلا، لم يقل أحد ان ذلك فيه عبادة بأي نوع من أنواعها انما يفعلون ذلك تزيينا لها لتسر الناظرين رؤيتها، كالشأن في زخارف المسجد النبوي، فكان غريبا أن يستنكروا تلك الستائر، ولا يستنكروا تلك الزخارف، لأن هذا تفريق بين المتماثلين.
وأنه يلاحظ أن علماء الوهابية يفرضون في آرئهم الصواب الذي لا يقبل الخطأ، وفي آراء غيرهم الخطأ الذي لا يقبل التصويب، بل أنهم يعتبرون ما عليه غيرهم من اقامة الاضرحة، والطواف حولها، قريبا من الوثنية، وهم في هذا يقاربون الخوارج الذين كانوا يكفرون مخالفيهم ويقاتلونهم) (تاريخ المذاهب الاسلامية ص 255-256)