خاتمة
إن الجمهوريين حينما يقدمون الإنشاد العرفاني، في أدائه، وفي لحنه الجديدين، إنما يضيفون بذلك أداة جديدة من أدوات "الثورة الثقافية" و"الثورة الفكرية" اللّتين يعملون لهما، ويجئ الإنشاد، الآن، توسيعاً لقاعدتهما، وتصعيداً لقمتهما.. ذلك بأن الإنشاد العرفاني أداة من أدوات "الدعوة الإسلامية الجديدة" التي تبعث الإسلام، وتجدد طرائق بعثه، وترقى أساليب الدعوة إليه، والترغيب فيه.
ويسرنا أن نقدم اليوم للقارئ الكريم هذا الكتاب التعريفي عن الإنشاد، وندفع به إلى يده، ونحن على أبواب مؤتمرنا الميداني، في عيد الفطر المقبل، حيث نفتتح "الثورة الثقافية" في دورة جديدة، تعميقاً لمفهومها، وتوسيعاً لتطبيقها، بما يوعي الشعب، وبما يؤمن مسيرة تطوره من الإنتكاس، والإرتداد إلى أحضان الطائفية.. وسنتخذ ممارسة "الثورة الثقافية" في المؤتمر المقبل أشكالاً أربعة هي:-
حملة الكتب
أول هذه الأشكال هو حملة توزيع الكتاب، ويقوم بذلك أتيام الأخوان وأتيام الأخوات، من الجمهوريين، حيث يلتقون بأفراد الشعب في الميادين العامة، عارضين عليهم فكرهم، وداعينهم إلى الوعي الديني، والبعث الإسلامي الصحيح..
المعارض المتنقلة
وثاني أشكال "الثورة الثقافية" هو المعارض الميدانية المتنقلة التي تتكون من لوحات مخطوطة بخط جميل.. وهي تحمل مقتطفات من كتب الجمهوريين ومقالاتهم.
وستنتقل هذه المعارض المبسطة في الأماكن، والميادين العامة حيث يشاهدها الجمهور على الطبيعة، وستتخذ اللوحات سيقان الشجر وفروعه، وعيدان القنا، متعلقاً لها.. كما سيصحب المعرض إنشاد عرفاني.
الإنشاد العرفاني
و ثالث الأشكال التي ستتمثل فيها "الثورة الثقافية" هو "الإنشاد العرفاني" الذي أخذ يقدمه الجمهوريون، بلحن، وأداء جديدين.. فسيحمل الجمهوريون مسجلاتهم، في الميادين العامة، وفي الأندية، يُسمِعون الناس هذا الإنشاد العرفاني الذي تحمل قصائده ثمرة تجربة كبار مشائخ الصوفية، ومعرفتهم بالله في صياغة معطرة بالمحبة الإلهية، زاخرة بأدب الدين، وبطرق السلوك..
المنابر الحرة
و الشكل الرابع الذي تقوم عليه "الثورة الثقافية" هو حملة الدعوة الميدانية، حيث يدار الحوار في حلقات تنشأ حول أتيام الأخوان والأخوات، عند إلتقائهم بالجمهور، في الميادين العامة، ويجري الحديث فيها حول "الدعوة الإسلامية الجديدة".. ولقد ثبت من الممارسة في المؤتمرات العديدة السابقة نجاح هذه الحلقات، وإنضباطها بفضل القيادة الحكيمة التي يتمتع بها كل تيم من الأتيام.. كما أن نجاح هذه التجربة في بث الوعي الديني لا شك فيه، وهي تجربة تصلح أن تكون نواة للمنابر الحرة التي ندعوا إلى الإهتمام بأمرها وتوفير إمكانات قيامها، وإنتشارها، لتنتظم الميادين العامة في كل مدينة وقرية، وعلى مدى الأيام.. ذلك بأن المنابر الحرة ضرورة من ضرورات "الثورة الثقافية" ولازمة من لوازم التوعية الشعبية..
الثورة الثقافية لا معدى عنها
إن الثورة الثقافية إنما هي تفاعل بين الفكر وبين الناس، مما يغير واقعهم إلى الأفضل، ويزيد الحياة سعة، وعمقاً و"الثورة الثقافية" عندنا إنما تبدأ من داخل كل فرد فتغيره، ثم تزحف لتغيير الواقع خارجه، وهي بهذا المفهوم مارسها الجمهوريون في أنفسهم، وفيما حولهم من المجتمع، وقد ابرزوا بها نواة المجتمع الجديد - المجتمع العارف بالله - المضمخة أرجاؤه بالمحبة الإلهية وبالمحبة النبوية، المرفرفة على أفراده ألوية الإستقرار والسلام.. ذلك المجتمع الذي تحلم البشرية بتحقيقه، وتتهيأ الأرض لمجيئه..
ويجب أن يكون واضحاً، ومقرراً، أن الثورة الثقافية عندنا ليست عملاً موسمياً، ينفض عنه الغبار حيناً بعد حين، وإنما هي جهد متصل، وإنجاز مجود ومتجدد، في الفكر، وفي القول، وفي العمل، ينتظم كل مناشط الحياة، من إقتصادية، وسياسية، وإجتماعية.. وهذا هو عمل الجمهوريين، ولن ينفك، صعداً في سبيل ترقية الفرد، وتطوير المجتمع..
وبعد، فإن الثورة الثقافية لا معدى عنها، ولا بديل لها.. فلينهض بها المواطنون جميعاً، وفي مقدمتهم المثقفون، ليعيدوا بها صياغة أنفسهم ويحرروها من نقائصها ويقيموا بها دعائم المجتمع الراسخة..
والله نسأل أن يهدينا سواء السبيل ويثبتنا بالقول الثابت.