إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

ألحان و معاني الإنشاد العرفاني
يُمهدان للبعث الديني

الإنشاد والموسيقى


ويرى بعض المستمعين لإنشادنا أن ندخل عليه الآلات الموسيقية مصاحبة له.. وهو رأي مقدر عندنا، ومشكور غير أننا نقصد أن نبريء الإنشاد، في هذه المرحلة من كل ما يخرج به عن أداء رسالته الأساسية إلى مجالات أقل من هذا المستوى، مهما كانت أهميتها. والموسيقى قد عرفت، في مجالات الغناء، كوسيلة، مثل الغناء، للهو، وتزجية وقت الفراغ.. والغفلة بها عن الله أكبر من الحضرة.. وستدخل الموسيقى حتماً في الإنشاد العرفاني، ولكن ذلك في مقبل الوقت بعد إستقامة الأمر، وعودة الناس إلى جادة الدين، وتصحيح ما قرَّ في الأخلاد عن دور الموسيقى، والتي ستغدو، يومئذ، موسلة الي الله، جامعة عليه، مبشرة به..

الإنشاد والنهضة الدينية


والإنشاد من أفعل الأدوات في إحداث النهضة الدينية، ذلك بأنه يتخذ أنجع الوسائل لتوصيل المعرفة الدينية إلى كافة أفراد الشعب.. وهي وسيلة اللحن.. فاللَّحن الشجي تيار عاطفي لا يقاوم، وهو أقرب المداخل على القلوب.
والإنشاد مزاوجة بين اللحن والكلمة، ومن ثم فهو يخاطب العاطفة كما يخاطب الفكر، وإن كان خطابه للعاطفة أكبر.. وفي الحق، إن الدين، بالمنشأ اعتمال عاطفي، عميق العاطفية، فهو على الإيمان يقوم، وبالإيمان تنال مقاماته الكبرى.. فالإنشاد بكل اولئك، باعث من بواعث النهضة الدينية، لا مندوحة عنه، بل هو طليعتها، على الإطلاق..
وقد علق أحد المستمعين إلى إنشاد الجمهوريين بأن له فعله الذي لا يقاوم في الترغيب في الشعائر الدينية.. وهذا أمر حق، ذلك بأن الإنشاد، بالمقومات التي عليها أقامه الأخوان الجمهوريون، يضفي على النفوس من الطلاوة، والطلاقة والعذوبة ما يخرج بالممارسات الدينية، جميعاً، من هذا الجفاف الذي يصيبها الآن.. والإنشاد، كما أسلفنا القول، وسيلة لتوصيل المعاني الرفيعة إلى عامة الشعب، ولإشاعتها فيما بينهم.. ولسوف نتجه إلى الشرح المطوَّل المصاحب له، والذي يبسط تلك المعاني تبسيطاً يجعلها ثقافة مشاعة بعد أن ظلت، لأمد بعيد، حكراً على الصفوة والعارفين.. وذلك إنما صار ممكناً بفضل الله ثم بفضل حكم الوقت المتمثل في إرتفاع كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" إلى قمة جديدة تستوجب بعث الدين في قامة جديدة، كما تستوجب مخاطبة الناس في مستوى جديد..