إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الأخوان الجمهوريون في
جريدة الأخبار المصرية

الأخوان الجمهوريون من هم.. وماذا يريدون؟


نشرت الصحف المصرية مؤخرا عدة مقالات وبيانات حول: ((الأخوان الجمهوريون)) الجماعة الدينية التي ظهرت في السودان والتي تمارس نشاطها منذ عدة سنوات، وقد رأينا أنه من المفيد أن نضع أمام أعين الناس صورة موجزة عن زعيم الجماعة والمباديء التي يدعو إليها والأفكار التي يروّجها.
إن زعيم هذه الجماعة مهندس اسمه "محمود محمد طه" إدّعى الرسالة وزعم أنه أرسل ليطوّر الشريعة الإسلامية بما يناسب القرن العشرين وينسخ الشريعة التي جاءت في القرن السابع لأنها لا تساير هذا الزمان. وترك وظيفته الأساسية التي كان يرتزق منها وانقطع لنشر هذه الأوهام! وألف كتبا عديدة في ذلك منها كتابه "الرسالة الثانية من الإسلام" الذي ضمنّه أهم ما يدعو إليه وجاء في مقدمته ما نصه: ((من الخطأ أن يظن إنسان أن الشريعة الإسلامية في القرن السابع تصلح بكل تفاصيلها للتطبيق في القرن العشرين)).
كما إدّعى أن هذه الصلاة التي يصليها المسلمون سقطت عنه لأنه صاحب شريعة جديدة جعلته لا يصلح له أن يقلد النبي صلى الله عليه وسلّم في هذه الصلاة وأخرج كتابا في ذلك سمّاه: "رسالة الصلاة"
وزعم أن شريعته الجديدة تسوّي بين الرجل والمرأة في كل شيء.. في الميراث والشهادة والقوامة، والطلاق.. ونسخت شريعته المهر فلا يدفع الرجل عند الزواج مهرا وذكر أن المرأة حظها مبخوس في الشريعة المحمدية!
وأدّعى أن الجهاد ليس أصلا في الإسلام وكذلك الزكاة والحجاب وذكر في كتابه " الرسالة الثانية من الإسلام" ((والأصل في الإسلام السفور)) وبنى قاعدته تلك على أن آدم وحواء نزلا من الجنة عاريين.. ثم طفقا يخصفان على سوآتهما من ورق التين فكان الحجاب طارئا.. ص 141 من الرسالة الثانية.

عقوبة للقصّر


ثم ذكر في كتابه "الرسالة الثانية" ص 142 أن الحجاب قد فرض على الأوائل ((الصحابة ومن بعدهم، عقوبة لهم لأنهم كانوا قصّرا لا ينهضون بتحمّل مسئولية السفور وإنما ينهض بها أتباعه الذين ألقى في أفهامهم أنهم خير من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم.
ويفسر القرآن تفسيرا غريبا يتمّشى مع أهوائه ومزاعمه فيقول في كتابه "الرسالة الثانية" ص 123 في قوله تعالى: ((وإن تتوّلوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم، قال ما نصّه: فيه إشارة لطيفة جدا إلى أن المسلمين الذين يجيئون بعد المؤمنين يكونون خيرا منهم)).
ويدّعي أن المسلمين هم أتباعه فقط. وأن الأمة من عهد النبي صلى الله عليه وسلّم إلى يومنا هذا ليست مسلمة وإنما هي مؤمنة وأنه هو الذي أرسل بالإسلام.. قال في كتابه الرسالة الثانية ص 149: ((المسلمون كأمة لم يجيئوا بعد ولقد تنبأ المعصوم بمجيئهم في آخر الزمان وذلك حين يبلغ الكتاب أجله))
وقال في ص 111 من هذا الكتاب: ((أمة البعث الأول اسمها المؤمنون لدي الدقة وإنما أخذت اسم المسلمين الذي ينطلق عليها عادة من الإسلام الأول وليس على التحقيق من الإسلام الأخير. وأنت حين تقرأ قوله تعالى: ((إن الدين عند الله الإسلام)) يجب أن تفهم أن المقصود الإسلام الأخير وليس على التحقيق الإسلام الأول وذلك لأن الإسلام الأول ليس به عبرة ويقول في كتابه رسالة الصلاة ص 24: ((إن المجتمع المسلم لم يدخل في الوجود بعد وسيجيء في مستقبل الأيام القريبة إن شاء الله))
وفي رسالته: "الغرابة في الدعوة الإسلامية الجديدة الذي طبع في سبتمبر سنة 1975، يذكر أن الناس لم يحققوا إسلاما إلاّ في هذه الدعوة التي يدعو إليها محمود محمد طه ثم أنهم لن يجدوا عنها منصرفا.
ثم ان زعيم هذه الجماعة يتبنى اتهام المستشرقين للإسلام وادعاءاتهم إنتشار الإسلام بالسيف وأمر الرق وتقرير الجزية على أهل الكتاب!! ونحن قد عرضنا الظروف التي أملت عليه هذا الكلام في كتبنا ومحاضراتنا وبيّنا أخطاءها.
هذه الأفكار وغيرها التي تعتبر أكبر خطر على الإسلام لم يسكت عليها علماء الدين في السودان – فقد رفعنا قضية بهذه الأفكار المخرّبة إلى المحكمة العليا الشرعية بالخرطوم فأصدرت حكما عليه بأنه مرتد عن دين الإسلام وذلك في يوم الإثنين الموافق 18 من نوفمبر سنة 1968 وقد نشر هذا الحكم في الصحف السودانية.. نشر في جريدة الصحافة والأيام في 19/11/1968 وفي جريدة الرأي العام بتاريخ 20/11/1968م

تدبير.. مبيّت


واني قد ألفت كتابا بعنوان "نقض مفتريات محمود محمد طه، عام 1968 بيّنت فيه خطأ أفكاره وجهله وخطورة هذه الأفكار على الإسلام. وفي عام 1975 أخرجت كتابا بعنوان "إتصالات مريبة لمحمود محمد طه". ذكرت فيه أساليب أعداء الإسلام الحديثة وتسخيرهم بعض المنتسبين إليه لمحاربة الدعوة الإسلامية باسم الإسلام وتحت ستار الحرص عليه والعمل على نشره. وعلماء السودان قد كتبوا نشرات وقّع عليها زهاء خمسين عالما نيابة عن اخوانهم بيّنوا فيها أغراضه الخبيثة والتدبير المبيّت لمحاربة الإسلام في السودان وقد وزعت هذه النشرات على أئمة المساجد والوّعاظ على مستوى الجمهورية لبيان حقيقة وخطوزة أفكاره التي يدعو اليها باسم الإسلام، كما بيّنوا حكم الشريعة فيه وفي أتباعه.

إلغاء المؤسسات الإسلامية


ومحمود محمد طه قد استحوّذ على الذين خلت عقولهم من الثقافة الإسلامية وهو يطالب بإلغاء كل المؤسسات الإسلامية التي تقوم على حفظ ونشر رسالة الإسلام مثل الجامعة الإسلامية والمعاهد الدينية ووزارة الشئون الدينية والأوقاف وغيرها في كل بلاد العالم، وله كتب في ذلك مثل "الدين ورجال الدين عبر السنين" و"وزارة الشئون الدينية ومحمود محمد طه في الميزان" و"القضاة الشرعيون أكبر عقبة أمام عودة الدين" يقصد الدين الذي أرسل به هو.
وعلّل محاربته لها بأنها تقوم على الشريعة المرحلية أي الشريعة الأولى التي جاء بها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم، أو الشريعة السلفية التي نسختها شريعته الجديدة.. ويسمي علماء الدين بالسلفيين أي الرجعيين.
وقد وقع كتاب "الرسالة الثانية" لمحمود محمد طه في يدي لجنة الفتوى بالأزهر وقد أرسل فضيلة الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية كتابا إلى وزارة الشئون الدينية والأوقاف بالسودان بتاريخ 5/6/1972 ينبه إلى خطورة ذلك الفكر الملحد الهدّام للدين الإسلامي بعد الإطّلاع على كتاب "الرسالة الثانية"
ونحن على يقين من أن هذا الضلال سيزول قريبا وسينقطع أثره لأن الباطل ضعيف الصوت قصير الأجل ((ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين.. ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون)).
ولد صدق الله العظيم حيث قال: ((إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون)).

د. الأمين داود محمد
استاذ الشريعة بجامعة ام درمان الإسلامية