الشيخ الأمين داؤود مرد على التحريف
والشيخ الدكتور يقول: نسوّي بين الرجل، والمرأة، في الميراث والشهادة، والقوّامة، والطلاق، وننسخ المهر.. ونحن لم نقل بمساواة المرأة مع الرجل في القوامة لأنه ليس في القوامة مساواة، وإنما هي قوامة رشيد على قاصر، كما أننا لم نقل بمساواة المرأة مع الرجل في الميراث، لأن الميراث إنما قام لتفتيت الثروة، في نظام الزكاة الصغرى، التي قامت على آيات الفروع، والأصل في المال شيوعه بين الناس لأنه مال الله، وليس لأحد منه الاّ حاجة لحظته، وبذلك تطالب آية الزكاة الكبرى: ((ويسألونك ماذا ينفقون.. قل العفو)).. وقد عاش هذا المستوى النبي الكريم فكانت زكاته الاّ يدّخر ما زاد عن حاجة لحظته الحاضرة، ولكن طاقة الأمة كانت دون هذا المستوى، وكلفت حسب مستواها، وقامت شريعتها على آية الفرع – آية الزكاة الصغرى – ((خذ من أموالهم صدقة تطهّرهم وتزكيهم بها))
ولحرص الإسلام على اشراك الناس في خيرات الأرض، فإنه، حتى في المرحلة التي شرع فيها تشريعه الحكيم، وأقرّ ملكية وسائل الإنتاج، فقد جاء بالميراث لتفتيت الملكية، والثروة حتى يكون المسلمين أقرب الناس إلى الإشتراكية حين يجيء وقتها.. ولذلك فالمطلوب الآن ليس هو مساواة المرأة والرجل في الميراث وإنما المطلوب الإنتقال من آية الفرع إلى آية الأصل: ((ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو)).. وعلى قاعدة هذه الآية ستقوم الإشتراكية، حيث يصبح لكل مواطن ومواطنة حق في الدخل.. والملكية هنا ملكية إرتفاق، وانتفاع، وليست ملكية عين، ولذلك كان النبي الكريم لا يورّث، لأنه الوحيد الذي كان يعيش في هذا المستوى.. والشيخ قد قرأ رأينا في الإشتراكية وأورد جزءا منه.. ولكنه مع ذلك يقول أننا نسوّي بين الرجل والمرأة في الميراث، ليموّه القضية، ويظهرنا بمظهر من يعدّل نصوص القرآن بمزاجه، ويسوّي بين الذكر والأنثى في الميراث.. وهكذا يحاول أن يطفيء نور الله بفيه، فلا يفلّح، إلاّ في إظهار سذاجته وفجور خصومته.. ونحن نقول بمساواة المرأة والرجل في الحقوق الأساسية، ولكن ليس هذا في شريعتنا الجديدة كما يعبّر الشيخ، وانما هو في شريعة القرآن التي تقوم على الأصول.. وحق الطلاق في الأصل حق المرأة كما هو حق الرجل، ولكن لقصورها وضع في يد الرجل ((كمال القصّر)) ليرده إليها حين تستأهله.. ومن هذا الأصل صحّ في الشريعة أن تصبح العصمة بيدها، كما هي بيده، في أمر التفويض المعروف في المذاهب المختلفة.. والأصل في الإسلام أن مهر المرأة إنما هو زوجها، كله لها، كما هي كلها له، إذ هما نفس واحدة وقد فتحت الشريعة الباب لذلك، إذ المهر فيها ليس شرط صحة في الزواج، ورغبت في تقليل المهر لصور إسمية. كما أشار الدين إلى هذا الأصل حين زوّج النبي الكريم بدون مهر كما روى أبو داؤد، وحين زوّج بالمهر المعنوي وهو آيات من القرآن.. وكل هذه سوابق فردية تشير إلى الأصل الذي حين يأتي الوقت لتطبيقه ينتقل المهر إلى المهر المعنوي.
شهادة المرأة
ونقص شهادة المرأة من شهادة الرجل قد ذكره القرآن معلّلا ((واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين، فرجل وامرأتان، ممّن ترضون من الشهداء، أن تضلّ احداهما فتذّكر احداهما الأخرى)) فحين كانت المرأة حريما، وقليلة التجربة، إذ هي قعيدة بيتها، إحتاجت أن تعزّز شهادتها بشهادة أخرى تذّكرها ((أن تضلّ احداهما فتذّكر احداهما الأخرى)) أما الآن فقد تعلّمت المرأة حسب العرف الصالح، ونضجت وتأهلت حتى اصبحت قاضية تفحص شهادات الشهود فلم يعد مقبولا، دينا، ولا عقلا، أن نقول: أن شهادتها هي نصف شهادة حاجب محكمتها، وذلك لأنها إمرأة.. إن هذا ليس من الدين في شيء، وإنما هو أمر يعكس تخلّف رجال الدين الذين لم تنبههم هذه التناقضات الصارخة ليميّزوا بين تشاريع الإسلام الأساسية وتشاريعه المرحلية.