إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

هل هذا هو الإسلام؟
هل هذه هي مصر؟

الدين ورجال الدين


وقد آن الأوان ليميزالمثقفون خاصة، والمسلمون عامة، بين الدين و((رجال الدين)) فالدين موجود ومحفوظ في القرآن، أما فهم ((رجال الدين)) ومواقف ((رجال الدين))، فإنها تخصهم هم، فقد حان الحين لتمزيق أقنعة القداسة الكاذبة، حتى يتم التمييز والفصل بين الدين و((رجال الدين)) بصورة حاسمة، تضع تخلّف وقصور أولئك الرجال أمام عتبة دارهم وتبرىء الدين مما ينسبونه اليه جهلاً وتخلفً، فيمكنك أن تنتقد الأزهر ومشائخته، وأن تصفيه، وأنت مؤمن، ومتدّين، بل إن الدين لن يعود الى الحياة، الا بتقويم تلك المؤسسات السلفية، ونقدها وتصفيتها، حتى ينفتح الباب للحوار الموضوعي، العلمي، وتلك المؤسسات تخشى هذا الحوار وتحظره، لأنه يفضح مستوياتها، وانحرافاتها، وقصورها، وقامتها الصغيرة المتخلّفة، التي كانت تسترها بالقداسة الكاذبة، ومثل هذا الحوار لن يضر الإسلام بل يبرز ميز الإسلام، ومزاياه، على كل المذاهب والأديان..

دور المثقفين وواجبهم


نحن نعرف أن المثقفين المصريين يعرفون عن الأزهر وعن مشائخته، أكثر مما نعرف، ويدينون مفهومه المتخلّف، وأساليبه العقيمة، ولكنهم لا يقوون على مواجهته، لأسباب أهمها، وأقواها، أن المثقفين يجهلون حقائق الإسلام، وأنت في شعوب مسلمة لا يمكنك أن تواجه الفهم الديني المتخلّف ((بالعلمانية)) ولكن يمكنك وبنجاح أكيد، أن تواجه الفهم الديني المتخلّف بالفهم الديني المستنير، وذلك ما فعلناه نحن الجمهوريين في السودان، فأمكننا أن نناجز القوى السلفية هنا، وأن نكشف زيفها، وأن نجرها الى ميدان الحوار، والموضوعية، لتكون القيمة لمحتوى ما يقال، لا للقب من قال، وليكون القول مربوطا بالمحكات العملية، بمشاكل الناس، وبمطالبهم اليومية، وحتى لا تجد تلك القوى فرصة التعميم وتمويع القضايا.
وقد كان رفض المثقفين المصريين للفهم السلفي، رفضاً سلبياً، تمثّل في ابتعادهم عن الدين، مما أخلى المسرح للقوى المتخلّفة، كما انهم يشعرون بالحاجة للدين، أو بالحاجة لمفهوم جديد للدين، يوفق بين الدين وبين طموحهم، ولذلك يبحثون عن التوفيق بين الاشتراكية والإسلام كما يحدثنا السيد خالد محي الدين في جريدة أخبار اليوم المصرية فيقول: ((ولكنا نهدف مع مجموعة مفكرين الى فهم صحيح للإسلام، وتفسير علمي، عصري له، تحقيقاً لمطالب عصرنا في الثورة الوطنية الاجتماعية ولا نسكت عن الصلح الانتهازي بين الرأسمالية والدين لأنه في نظرنا هو الأخطر على مكتسباتنا الوطنية والإجتماعية)) ولكن كيف يقوم ((فهم صحيح للإسلام، وتفسير علمي، عصري له)) والمثقفون بالصحف لا يتحملّون مجرد مسئولية إدارة الحوار، واصطراع الأفكار، حتى نصل الى الفهم الصحيح للإسلام؟!

والمثقفون السودانيون


إن المثقفين السودانيين إدانتهم أكبر لأن مراجع ((الدعوة الإسلامية الجديدة)) التي يعرفون أصالتها وعراقتها بين أيديهم فلم يثيروا حولها دراسات مع أنها تعرضت لأخطر القضايا فكانت ثورة في الفكر الديني بحق. كما أن السلفيين هنا قد اتجهوا لمحاربتها اتجاهات فاجرة هبطت لمستوى الجرائم. فلم يتحرك المثقفون عامة لإدانة هذا الأسلوب المتخلّف الذي واجهه الجمهوريون بحزم، وصلابة، كما أن مشكلة المشاكل في هذه البلد هي الطائفية، وهي التي تستغل المواطنين باسم الفهم السلفى لتحقيق طموح زعمائها، فتسوقهم بالعقيدة، والطاعة العمياء، ليموتوا في سبيل أن تحكم هي، وأن تتسلط، وكل ذلك لم يثر اهتمام المثقفين الكافي بالفكر الديني البديل "الدعوة الإسلامية الجديدة".