إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
بسم الله الرحمن الرحيم
خلص الدكتور خالد المبارك فيما تكرمت صحيفتكم صباح يوم الإثنين 18 نوفمبر 2002 بنشره في باب "مفكرة سودانية بريطانية" في مقاله جيد المبنى والأسلوب بعنوان "محمود محمد طه .. وأنصاف الحقائق"، إلى أن: (صفوة القول إن ظاهرة إضفاء ثقل و مكانة ووزن شيوخ الطرق الصوفية على الزعماء السياسيين تشمل الأستاذ محمود محمد طه وغيره، وهيّ تتجذر وتستمر طالما واصلنا الحديث عن القادة بانتقاء يسلط الضوء على الإيجابيات فحسب ويضلل الشباب لأنه ينطلق من أنصاف الحقائق ويغذي "جينات" النزعة الصوفية المتاصلة في أفئدة السودانيين.) ذلكم ما أنتهى إليه الدكتور وهو بسبيل مما ورد في استهلال مقاله الذي استدل عليه بما استحضره من كيف أن طيب الذكر المرحوم عبدالخالق محجوب قد حًظيّ من بعض أعضاء حزبه بولاء صوفي، وهو، وبشهادة الراحل صلاح أحمد إبراهيم، قد طالما هيمن بمقلتيه على محدثيه كما مرّد عليه شيوخ طرق لا يجرؤ أتباعهم على النظر اليهم عيناَ لعين. وذكر الدكتور، استدلالاَ آخرعلى طرحه، نحيب من ثكلنّ هزيمة الترابي في انتخابات 1986، ومثله من إضفاء القدسية عليه من الجماعة التابعة له حتى أنه في عام 1994 صرح الترابي لصحفي أنه يخشيّ أن تقام عليه قبة بعد وفاته، مستوحياَ ومستثمراَ الإيحاءات الصوفية المتجذرة في السودانيين. فلم يفلح من تمرد "عبدالخالق و الترابي" على الأطر والعلاقات التقليدية الني تكبل الحزبين الكبيرين، (أو قِل يا دكتور بقول الأستاذ محمود: "الطائفية"، التي له الباع الطويل في تصفيتها بمواجهتها سياسياَ وبدعوته سائر شيوخ الطرق الصوفية لطريق محمد، لتتوحد بذلك المشيخة في الشيخ الأوحد الذي لا يملك مسلم أن يتبع سواه). لم يفلحوا، يميناَ ولا يساراَ، إلا في أن حلوا محل شيوخ الطرق وحازوا ولاء من بوأهم تلك المكانة، حسب طرح الدكتور خالد المبارك.
ثم إن الدكتور قد ساق مثلاَ صارخاََ، دالاَ على طرحه، ما استمع إليه من تسجيل "فيديو" لحفل تقديم مجلدات " الوثائق البريطانية عن سودان 1940-1956 " إذ نعى أحدهم للمشاركين في الحفل خلو المجلدات من أي ذكر لنضال الأستاذ محمود محمد طه ضد الإستعمار سيما أنه قد قاد إنتفاضة رفاعة، كما تفضل الدكتور بتسميتها، التي بلغ إنزعاج الإدارة البريطانية لها أن هدأت غضبة الجمهور الثائر بأن استجابت بمكر الدهاة لمطلبهم فأطلقت سراح الجدة والداية اللتان حوكمتا وفق ما أصطكته السلطات البريطانية من قانون منع مزاولة الخفاض الفرعوني، ثم عادت ليلاَ في حماية فرقة عسكرية لإعتقال الأستاذ محمود وبعض رفاقه من سكان ديم القريداب برفاعة. وقبل أن أنتقل من هذه الفقرة أحب أن أعرف القراء الكرام والدكتور بأنيّ هو من أُغفل ذكره في قول الدكتور "أحدهم"، مع إنه قد سمع اسمي ورأى رسمي فيما نقله إلبه تسجبل الفيديو الذي سرد على القراء فلقد منّ الله عليّ أن أكون ذلك المتحدث، فعلميّ بأمر الإحتفال بمجلدات الوثائق البريطانية قد كان قبل ساعة من إفتتاحية الإحتفال الذي أمه جمع غفير من الأكاديميين والمهتمين. ولقد عجبت كيف أن الدكتور ذكرعني ما عرفتُ به الحاضرين من كوني أستاذ بكلية علوم البيئة بجامعة أمدرمان الأهلية ثم لا يذكر اسميّ، وظني أنه يذكرني من أوائل الثمانينات حين كنت أصله بمكتبه بمطبوعات الإخوان الجمهوريين، هو والبروفسير الراحل علي المك والدكتور عبدالله علي إبراهيم بمكاتبهم بدار جامعة الخرطوم للنشر حيث أدرت معهم حوارات عدة حول تلك الإصدارات. وكنت وقتها، بُعيد غياب أستاذي البروفسير مهدي أمين التوم في مهمة أنتدب لها رئيساَ لفريق إعداد الأطلس العربي، أحاضر بجامعة الخرطوم في علوم المناخ والمياه طلاب معهد الدراسات البيئية وطلاب الصف الرابع والثاني بقسم الجغرافيا بكلية الآداب التي كان ينتمي إليها الدكتور حينئذ.
وبعد! إن الدكتور قريب من الحقيقة فيما رفعني كنموذج صارخ لتأصل النزعة الصوفية في السودانيين، فقد عشت عام 1967 نكسة الأيام الستة ببريطانيا وشهدتها وكأني في الخطوط الأمامية في سيناء، مع اللواء عبدالمنعم مرتجى مستسلمَا ومعه ثلاثة ألف مقاتل!؛ وحينها وفي ذيل تلك الحسرة أحمد لله أني كنت محتوشاً بمناقب الشيخ أحمد الطيب ود البشير التي خطها في "أزاهير الرياض" يراع حفيده الشيخ عبد المحمود نورالدائم، وبديوان الأخير "شرب االكأس"، وبديوان الشيخ قريب الله "رشفات المدام" إلي جانب أرتال من الكتب العربية لحمد أمين وطه حسين وعلى رأسها مجموعة كاملة لكتابات الأستاذ سيد قطب ترتفع بمقدار ذراع إن صفت وحدها فوق بعضها، كيف لا؟! وفيها سبعة أجزاء كتابه "في ظلال القرآن"!. من كل ذلك حمدت للسادة السمانية، أن مؤلفاتهم هيأتني، في حيرتتي تلك، لاستقبال كتيب وحيد من إثنين وعشرين صفحة فقط، هو الأول الذي أقرأه للأستاذ محمود محمد طه "طريق محمد"، وقد كان فيه غناء عن تلك الكتب جميعها؛ إذ وحد الأمة علي مشيخة المصطفى وهو من زكاه العلي القدير "وإنك لعلى خلق عظيم"، وهو قد جدد دينها بتعرُفه على الثنائية (تماماَ كما جدد التعرُف علي ثنائية المادة والطاقة علم الفيزياء، أم العلوم[1]) التي إتسم بها الإسلام بين شريعة نافذة لوقتها، وأفق أعلى في السنة النبوية يُلتمس فيه التحديث حسب حكم الوقت، مراعاة للعرف الطيب حيث كان "خذ العفوّ وأأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين"، فذلك، اي العرف، الذي إجتمعت عليه البشرية بعد طول عراك ومعاناة، واليوم هو وحده الذي يفسح مخرجاَ لأمة الإسلام قاطبةَ، مما زربتهم فيه أمريكا: زريبة محاربة الإرهاب، "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هيّ أحسن، إن ربك هو أعلم بمن ضلّ عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين" فلا سبيل لأمريكا على من كان ذلك سمت وأسلوب ومحتوى دعوته، سيما وهو يرعى حقوق الإنسان لدرجة أن المزكى المصطفى يخاطب بأن ليس له سلطان على أحد "فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" و لذلك هو، أي النبي، يخرج في مقدمة الصفوف في سبع وعشرين غزوة يُعرض نفسه للموت ثم لا يقتل! فما عرف عنه أنه قتل في غزوة إلا مقتل الشقي أبّي بن خلف إذ أصر أن يلقى النبي فرداَ لفرد.
هذا، هذا من قُرب الدكتور من الصحة في وصفي أنيّ ذو تجذر صوفي. ولقد نوهت بذلك الفضل الصوفي عليّ للدكتور حسن الفاتح قريب الله، حين لقيته مطولاَ كما لم يتح لي لقاؤه من قبل، في الإحتفال السنوي بالسيد أحمد بن إدريس ليلة السابع والعشرين من رجب الماضي، ثم إني نعيت للدكتور حسن إنقطاع أهل الطرق عن سنة جبل عليها سلفهم، في إلتماس كل منهم التأييد لسلوكه بأخذ الطريق على من تظهر نفحته من القوم السالكين. وذكرت له شأن اليعقوباب بقيادة الشيخ التوم ود بانقا في مبايعتهم الشيخ الطيب ود البشير، وكذلك فعل الصادقاب، ولقد سبق أن سجلت للدكتور حسن ذلك في كراسة للإنطباعات حرص أحد الطلاب من تابعيه أن أسجل إنطباعي عليها فهو مطلوب إذ يعكس لشيخ الطريقة أثر المعرض الذي أقاموه بجامعة أمدرمان الأهلية قبل حين. ولقد عرفت الدكتور حسن بأن نشأتي في بيئة سمانية واطلاعي على تراث السادة السمانية مهد لي الدخول في سلك السالكين "طريق محمد" بمجرد اطلاعي على أول كتاب للأستاذ محمود ولذلك شبه بتحول الشيخ التوم ومشايخ الصادقاب عن القادرية ليسلكوا الطريقة السمانية. وأنهم اليوم مرجوون لإحياء تلك السنة بالتعرف على صاحب النفحة الظاهرة (الأستاذ محمود) ويتوحدوا عليه وسردت له علامات النفحة والفيض المديد فيما قدمه الأستاذ محمود طوال سني رعايته الحزب الجمهوري، ثم ذكرته بما أشار إليه الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي في كتابه "عنقاء مغرب في وصف خاتم الأولياء وشمس المغرب " ذلك الكتاب الذي أعادت جماعة سودانية طباعته حاذفة منه ما ظنته مؤشرات لجهة طالما صرفوا الناس عنها. ولقد عرفت الدكتور حسن أن التماس الأرض المشتركة بين أهل التصوف والأستاذ قمين بأن يجمعهم على محجة بيضاء وكلهم يرتجى له الظفر بها وهي التي بشر بها أبن عربي في أشعاره العرفانية إذ يقول في بعض منها:
لو أن النور يشرق من سناه على الجسد المغيب في اللحود[2]
لأصبح عالماَ حياَ كريماَ طليق الوجه يرفل في البرود
فذاك الأقدسي إمام نفسه يسمى و هو حيُ بالشهيد2
وحيد العصر ليس له نظير فريد الذات من بيت فريد
هذه بشارة (ووصف) قد يشارك فيها الأستاذ محمود بل وينافسه عليها الحلاج، أو قل إبن عربي نفسه ممن قتلوا جوراَ شهداءَ على رؤوس الأشهاد؛ لكن إبن العربي يصف من يعرفه بالذات المحمدية في ديوانه المحقق:
يا أهل يثرب لا مقام لعارف ورث النبيّ الهاشميّ محمدا
عم المقامات الجسام عروجه وبذاك أصبح في القيامة سيدا
صلى عليه الله من رحموته ومن أجله الروح المطهر أسجد
لأبيه آدم والحوادث نُومٌ عن قولنا وعن انشقاق قد هدى
فجوامع الكلم التي أسماؤها في آدم هيّ للمقرب أحمد
جمع الإناث إلى الذكور كلامه[3] بأخص آيات الثناء وقيد
إن الأنوثة عارضٌ متحققُ مثل الذكورة لا تكن متردداَ
الحد يجمعنا إذا أنصفتني هن الشقائق لا تجب من فند
لا تحجبن بالإنفعال فإنه قد كان عيسى قبلها فتأيد
قولي وعيسى لايشك بأنه روح الإله مقدساَ ومؤيداَ
الله يعلم صدق ما قد قلته لايصلح العطار ما قد أفسد
أدباَ مع الله العظيم جلاله فالدهر للذات النزيهة كالردى
الكاف في التشبيه يعمل حكمها وتكون زائدة إذا أمر بدا
مثل الذي قد جاء ليس كمثله من سورة الشورى وخاب من إعتدى
فهذا وصفٌ محددٌ لم يبق إبن عربي منه‘ إلا ذكر اسم الأستاذ محمود صراحة!!!
لعل الدكتور يعلم الآن، أني لم أُطرٍ على الأستاذ محمود في حديثي الذي عاب الدكتور عليّ فيه أني قد أطريت عليه (الأستاذ محمود) وحزبه بلا تحفظ، بما يؤيد طرحه "القائد السياسي كشيخ طريقة مرة أخرى" ذلك أن أبن عربي في بيته العرفاني الأخير أعلاه، مشيراً إلى نص الآية "ليس كمثله شيئ، وهو السميع البصير" لم يترك مجالاً للتحفظ إلا بقدر ما تترك العبارة "بل كنت " في الحديث القدسي حيث يقول المصطفى على لسان رب العزة جلّ وعلا: "ما تقرب إليّ عبدي بأحبّ إليّ مما أفترضه عليه وما يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإن أحببته صرت لسانه الذي بنطق به ويده التي يبطش بها، وسمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به،... بل كنته "، أو كما قال المصطفى.
وبعد! لا يترك هذا مزيداَ لمستزيد في متابعة تفنيد ما ذهب إليه الدكتور من أن الأستاذ محمود "قد كان آدمياَ إبن أنثى وقائداَ سياسياَ أخطأ وأصاب ". أم هل كان؟!
وبعد! إني أكتفي، لما تقدم في الفقرة الأخيرة من هذه العجالة، بأسئلة بسيطة للدكتور، ولا أنتظر إجابته عليها فهي مساقة إليه بسبيل من المؤشرات للقارئ الذكي، وشخص الدكتور أهل لذلك بجدارة أغبطه عليها، ليستكمل بقية التعرف على "محمود محمد طه..الحقيقة الكاملة"! فإلى الأسئلة:
ألا يدل بعد النظر الأسطوري والبصيرة السياسية الفريدة التي شهد الدكتور بها للأستاذ في معالجة مشكلة الشرق الأوسط "مشكلة الشرق الأوسط .. إستقراء تاريخي وتحليل علمي وحل سياسي" ماخوذا في آن مع شجاعة فذة في الصدع بالحق بان صاحبهما يأوي إلى حصن توحيد آمن، يتخطف الناس من حوله؟؟ سيما أن هاتين السمتين، أي بعد النظر والشجاعة الفذة، قد لازمتا كل عمل الأستاذ: في التعريف بثنائية الرسالة المحمدية الأحمدية؟؟، وفي تقديم حل لمشكلة الجنوب قبل أن تتفجر كأزمة ثم حرب، في كتيب "أسس دستور السودان الدائم .. لقيام جمهورية، فيدرالية، ديموقراطية إشتراكية" بين يدي تمرد الجنوب في توريت عام 1955؟؟ وفي معالجة قضايا الأسرة في: "خطوة نحو الزواج في الإسلام" عام 1971 وفي عدة كتيبات أخرى صدرت خلال عام المرأة العالمي 1976؟؟ وفي المواجهة الصارمة للقضاة الشرعيين والنائب العام، بُعيد محكمة الردة سنة 1968 وفيما بعد على مدى أعوام خلال قضية بورتسودان الشهيرة؟؟ وفيما يجري وراءه الدكتور ويشغف به، حتى وإن إستغله البريطانيون لإظهار السودان بمظهر المتخلف الذي لابد من فرض الوصاية عليه، من معالجة تحديثية جريئة لأمر الخفاض الفرعوني في كتيب الإخوان الجمهوريين "الخفاض الفرعوني" علما بأن إنتفاضة رفاعة حقيقةًَ قد كانت دفاعاَ عن حق السودانيين في الإنعتاق من التخلف والعادات الضارة بإرادتهم وبنتاج التوعية والتعليم لا قهراً بسطوة القانون ؟؟ وفي التأييد المثابر عليه لنظام نميري، في وجه معارضيه، حتي بعد أن سفه النظام رأي الأستاذ في المصالحة الوطنية سنة 1977 ومواجهته غير الهيابة للأسلمة التي زُعم أنها أساس تلك المصالحة في كتابه "الصلح خير" وعدة كتيبات أخرى واجهت زحف وقوانين الأسلمة المزعومة؟؟ وأخيراَ في المواجه الحاسمة للنائب الأول عمر محمد الطيب فيما أقترفه من تواطؤ مع العالم المصري الشيخ المطيعي في إهدار دم الجمهوريين من علي منبر مسجد التقوى الملحق جواراً بمنزل عمر؟؟ ثم ختماَ ألا يفضُل بالدكتور أن يجد تصديقاً للأستاذ محمود فيمن لزم الحزب الجمهوري من جيل الأستاذ وأعجبوا بالأستاذ و شجعوه ولم ينفضوا عنه بل التصقوا به أكثر عندما أدركوا أنه ذو قدرات معينة منتظرة طوال فترة إنتظار المسلمين لبشارة النبي الصادق المصدوق "لو لم يبق من عمر الدهر غير ساعة لأمد الله فيها حتى يبعث رجلاً من أهل بيتي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً"؟؟ وهم كثر على قيد الحياة أذكر منهم الأساتيذ: ميرغني حمزة النصري التربوي ذو الثلاث والتسعين، يداوم يلا نظارة على قراءة كتب الأستاذ و الصحيحين، ومعلمي بمدرسة مصلحة الأرصاد الجوية إبراهيم أحمد نصار، والنقابيون من عمال السكة الحديدية: طه عبد العزيز الحسن، وعابدين حمزة أحمد ملك وعلي أحمد بشير الذين إلتصقوا بالأستاذ لطول ما داوموا عليه من رؤية تحقيق ما أرتجوا مذ عرفوه إلى أن صدع بآخر صيحة في دعوته من على مقصلة الفداء العظيم، مصداقاَ لقول ظل يسمعهم إياه أن صاحب ذاك المقام لا يقول "أنا" إلا أنه يوم يتحقق له مقامه كل العالم يسمع به، كانت تلك الصيحة المشهودة المتلفزة ضحى الثامن عشر من يناير 1985 ولم يعقبها من الإخوان الجمهوريين إلا أصداءَ لها بسبيل من توضيح "الكيد السياسي والمحكمة المهزلة" علّ هذا الشعب أن يبرئ ذمته من جريمة قتل أرتكبت على رؤوس الأشهاد .. فأشركوا فيها قهراَ، أدناهم مشاركةً بالصمت عنها حتى الآن؟؟!
أنظر يا دكتور للمتلئ من كوب الإنسان.. محمود محمد طه!! فإني لا أري الكوب ممتلئاَ فحسب، بل إنه لا تقطر منه قطرة وقد جعل أسفله أعلاه!!!
______________________
عبدالمطلب بلة زهران،
أستاذ مساعد بكلية علوم وتقانة البيئة،
جامعة أمدرمان الأهلية.