إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..
كتب سعد أحمد سعد في صحيفة "الانتباهة" بتاريخ الأحد 23 ربيع الثاني 1435ه الموافق 23 فبراير 2014م تحت عنوان: محمود محمد طه أهو رسول الرسالة الثانية !؟ ما يلي:
"قلنا إنه من المستحيل أن تكون هناك رسالة ثانية، لأن الرسالة تستوجب رسولا والرسالات قد ختمت بمحمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن محمود محمد طه يخالف الأمة على ختم الرسالة فيقول إن النبوة قد ختمت ولكن الرسالة لم تختم، فأعجب كيف يصح أن يكون هناك رسول وهو ليس نبيا في ذات الوقت إلا إذا كان الذي نبأه هو الشيطان.." انتهى..
وقد قال الأستاذ محمود محمد طه في كتاب "الرسالة الثانية من الإسلام" ص 17 الطبعة الخامسة: "إن محمدا رسول الرسالة الأولى وهو رسول الرسالة الثانية.. وهو قد فصل الرسالة الأولى تفصيلا، وأجمل الرسالة الثانية إجمالا، ولا يقتضي تفصيلها إلا فهما جديدا للقرآن، وهو ما يقوم عليه هذا الكتاب الذي بين يدي القراء..
إن هذا الكتاب يهدي الطريق، ولكنه لا يمكن من نفسه إلا الذين يقبلون عليه بأذهان مفتوحة.." انتهى..
وجاء في نفس المصدر في صفحتي 10 و 11 تحت عنوان من المأذون؟ ما يلي:
" ولكن رسول الله قد التحق بالرفيق الأعلى وترك ما هو منسوخ منسوخا ، وما هو محكم محكما.. فهل هناك أحد مأذون له في أن يغير هذا التغيير الأساسي، الجوهري، فيبعث ما كان منسوخا، وينسخ ما كان محكما ؟؟ هذا سؤال يقوم ببال القارئ لما سلف من القول.. والحق أن كثيراً ممن يعترضون على دعوتنا إلى الرسالة الثانية من الإسلام لا يعترضون على محتوى هذه الدعوة، بل إنهم قد لا يعيرون محتوى الدعوة كبير اعتبار.. وإنما هم يعترضون على الشكل.. هم يعترضون على أن تكون هناك رسالة، تقتضي رسولا، يقتضي نبـوة، وقد ختمت النبـوة، بصريح نص، لا مرية فيه.. وإنه لحق أن النبـوة قد ختمت، ولكنه ليس حـقا أن الرسالة قد ختمت : ((ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ، ولكن رسول الله ، وخاتم النبيين .. وكان الله بكل شئ عليما )).. ومعلوم أن كل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا.. ولكن النبوة ما هي ؟؟ النبـوة هي أن يكون الرجل منبأ عن الله، ومنبئاً عن الله.. أي متلقياً المعارف عن الله بواسطة الوحي، وملقيا المعارف عن الله إلى الناس، على وفق ما تلقى، وبحسب ما يطيق الناس.. فبمرتبة التلقي عن الله يكون الرجل نبياً، وبوظيفة الإلقاء إلى الناس يكون رسولا.. هذا هو مألوف ما عليه علم الناس.. ولكن هناك شيئا قد جد في الأمر كله، ذلك هو معرفة الحكمة وراء ختم النبوة بمعناها المألوف.. لماذا ختمت النبوة ؟؟
أول ما تجب الإشارة إليه هو أن النبـوة لم تختم حتى استقر، في الأرض، كل ما أرادت السماء أن توحيه، إلى أهل الأرض، من الأمر.. وقد ظل هذا الأمر يتنزل على أقساط، بحسب حكم الوقت، من لدن آدم وإلى محمد.. ذلك الأمر هو القرآن.. واستقراره في الأرض هو السبب في ختم النبوة.. وأما الحكمة في ختم النبوة فهي أن يتلقى الناس من الله من غير واسطة الملك ، جبريل - أن يتلقوا عن الله كفاحا - ذلك أمر يبدو غريبا ، للوهلة الأولى ، ولكنه الحق الذي تعطيه بدائه العقول ، ذلك بأن القرآن هو كلام الله، ونحن كلما نقرؤه إنما يكلمنا الله كفاحا ، ولكنا لا نعقل عنه.. السبب ؟ أننا عنـه مشغـولون.. قال تعالى في ذلك: ((كلا!! بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون * كلا!! إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )).. وإنما جاء القرآن بمنهاج شريعته، ومنهاج طريقته، وبأدبه في كليهما، ليرفع ذلك الريـن، حتى نستطيع أن نعقل عن الله ما يحدثنا في القرآن، فإذا وقع هذا الفهم لرجل فقد أصبح مأذوناً له في الحديث عن أسرار القـرآن، بالقدر الذي وعى عن الله..
من رسول الرسالة الثانية ؟؟
هو رجل آتاه الله الفهم عنه من القرآن، وأذن له في الكلام..
كيف نعرفه ؟؟
حسنا !! قالوا إن المسيح قد قال يوما لتلاميذه : ((احذروا الأنبياء الكذبة !! )) قالوا: ((كيف نعرفهم ؟؟ ..)) قال: ((بثمارهم تعرفونهم ..)).. انتهى..
ولو قرأ سعد هذا الكتاب بذهن مفتوح لناقش موضوع الحكمة من ختم النبوة، بالمعنى المألوف ولناقش فهم الأستاذ محمود لآيات الأصول والتي هي المطلوب الالتزام بها والعمل وفق توجيهاتها بالأصالة والتي ما نسخت بآيات الفروع إلا مراعاة لطاقة وحاجة الأمة المؤمنة في القرن السابع الميلادي.. ومن أمثلة آيات الأصول في الدعوة إلى الإسلام: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.." "وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" "فذكر إنما أنت مذكر.. لست عليهم بمسيطر"..
وأما أمثلة آيات الفروع في نفس مجال الدعوة: "وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله" " فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم، إن الله غفور رحيم"..
ولكن سعد لم يعر محتوى الكتاب شيئا من النظر، وإنما اكتفى بالشكل كحال الكثيرين ممن يعترضون كما أشار الأستاذ محمود أعلاه..