إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الأستاذ محمود في الذكرى الثانية والعشرين
محاولة للتعريف بأساسيات دعوته (٧)

خالد الحاج عبد المحمود


الأستاذ محمود محمد طه في الذكرى الثانية والعشرين
محاولة للتعريف بأساسيات دعوته


الأخلاق والمجتمع:-


الأخلاق هى موضوع الدين الأساسى ، وإلى ذلك الإشارة بقول المعصوم "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" .. وقوله الآخر "الدين المعاملة".. والعبادة معاملة.. هى معاملة مع الرب من أعلى ، بإقامة الصلة به تعالى، ومعاملة مع الخلق من أسفل ، بإقامة الصلة بهم - صلة رحم العبودية للمعبود الواحد - وقيمة العبادة للفرد العابد ، فهى وسيلة لتحقيق إنسانيته وتحقيق كمال حياته، وكذلك المعاملة هى للفرد المعامل.. هذا فى المكان الأول ، ثم هى لفائدة الجماعة فى المكان الثانى.. فالله تعالى غنى عن العالمين، فهو ليس فى حاجة إلى عبادتنا، ولا إلى عبوديتنا.. (فالعبادة مدرسة فيها نتلقى الطاقة التى بها نخلص لخدمة الناس، ونجعل المجتمع وسيطاً فيه نتحرك لنطبق محصول العبادة .. وبين تحصيل الطاقة والمعرفة بخدمة الناس وبين تطبيق هذه الطاقة ، وهذه المعرفة فى واقع حياتنا ، وفى مجتمعنا ، ننتظر من الله ثواب عبادتنا .. وهو ثواب ناجز وحاضر، وفورى ، نجده فى عقولنا بصفاء الفكر ، وفى قلوبنا بسلامة الطوية ، وفى أجسادنا بصحة الحواس والجوارح ..) - تعلموا كيف تصلون - والحد الأدنى فى المعاملة ، وهو نفسه الحد الأدنى فى الأخلاق ، هو كف الأذى ، لا بفعل ، ولا بقول ، ولا بخاطر.. والمطلوب الأساسى هو تنقية الخواطر من الشر ، وما المراحل السابقة إلا وسيلة لذلك ، ففى قوله تعالى مثلاً "وذروا ظاهر الإثم وباطنه" إنما جاء الأمر بترك ظاهر الإثم فى مكان الوسيلة ، وجاء الأمر بترك باطن الإثم فى مكان الغاية.. ولا يدخل الإنسان مرحلة إنسانيته إلا بترك ظاهر الإثم وباطنه معاً .. وكل المراحل حتى مرحلة ترك باطن الإثم ، هى الجانب السلبى للأخلاق - جانب الترك - أما الجانب الإيجابى ، جانب الأخلاق الإنسانية ، فهو يبدأ بتوصيل الخير .. وتوصيل الخير يقتضى معرفة الخير أولاً ثم المعرفة بطرق توصيله والمقدرة على توصيله.. وهذه هى المرحلة الثانية من الحرية ، والتى ذكرنا أن عمل المعامل فيها يكون كله خيراً وبراً بالأحياء والأشياء .. يقول الأستاذ محمود: (قمة الصلاة أن تكون صلة بينك ، وبين الله، حتى تكون معه كما هو معك .. وهيهات .. وقمة المعاملة ان تنشأ الصلة ، بينك ، وبين الأشياء والأحياء ، فتتصرف فيها وانت تتوخى الحكمة التى ترضى خالقها ، فى تصريفها وهذه دائماً ممكنة ، فى مستوى من المستويات ، للعارفين الذين تبلغ بهم المعرفة منازل المحبة - محبة الأحياء ، والأشياء .. وبالمحبة نتحرر من الخوف ، ونتخلص من الحجب ، التى رسبها الخوف، فى صور عقد نفسية) - تعلموا كيف تصلون -