إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

الحــــوار العجيـــــب

د. عمر القراي


الحــــوار العجيـــــب


د. عمر القراى

(فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثاً) صدق الله العظيم.

اطلعت على حوار في صحيفة «الصحافة» الغراء العدد «4802» بتاريخ 19 اكتوبر 2006م، اجراه الصحافي صلاح شعيب، مع شخص قال عنه (الدكتور محمد وقيع الله استاذ جامعي يدرس في الولايات المتحدة وهو مفكر اسلامي وباحث يساهم في الحياة العامة باوراق ودراسات معمقة وكتابات سياسية وفكرية في القضايا المعاصرة والشؤون السيايسة) على ان هذا الحوار لم يعكس شيئاً مما ذكره الصحافي في مقدمته تلك. بل قدم لنا شهادة رجل، على نفسه، بأنه يؤمن بفكر الحركة الاسلامية، ولا ينتمي لها تنظيمياً، لأنه سريع الغضب، ويصادم كل من يخالفه الرأي!! ثم هو يرى ان الحركة الاسلامية السودانية، الآن صاحبة الشأن الاعلى، وانها لم تحد عن مسارها، وان مشروعها الحضاري، مازال قائماً!! فلما سئل عن ما حققه المشروع الحضاري في الواقع، تذرع بغيابه عن البلاد، سبباً لعدم معرفته بما يجري!! وهو يرى ايضاً ان الحركة الاسلامية ليست لها كيانات تنظيمية، كما كانت في الماضي، وانها ذابت في السلطة، بل يرى المسلمين جميعاً خرجوا من حلبة الحضارة والتاريخ!! ثم هو يترك مفارقة المسلمين جانباً، ليحدثنا عن عظمة اميركا وديمقراطيتها، وحريتها، ومع كل اعجابه بالحرية والديمقراطية، ودعوته لنا، لنستلهمها من الغرب، لا ينسى ان يكفِّر الاستاذ محمود محمد طه ويقول بأنه شخص غير مسلم ومرتد، دون ان يورد من كتب الفكرة ما نسبه اليها!! هذا بالرغم من انه قد سئل عن دراسة كان قد كتبها حول الفكر الجمهوري.

انتماؤه للحركة الاسلامية ورأيه فيها:


في الإجابة على السؤال (ما هى علاقتك بالحركة الاسلامية...) يقول د. وقيع الله (علاقتي بالحركة الاسلامية ثقافية وليست تنظيمية.. وفي هذا السياق كنت ومازلت ارى نفسي موجوداً في داخل الحركة الاسلامية، وفي ذات الوقت ارى نفسي خارجها)!! وحين سأل الاستاذ صلاح شعيب (هذا الحديث يعطي انطباعاً بانك غير منظم داخل الحركة الاسلامية، ونحن نعرف ان المنتمي للحركة الاسلامية هو منظم فيها، هل نفهم انك تجمع خصوصية الانتماء واللا إنتماء للحركة؟) أجاب (أنا لست منظماً في داخل الحركة الاسلامية، وانني ايضاً غير منتظم في أي إطار آخر اجتماعي رسمي أو غير رسمي، وحياتي محورها النشاط والعمل والانتاج الدائم الدائب. وانا اؤمن بالانتاج فقط ولا اؤمن بالاطر الاجرائية.. وفي حالتي الخاصة الاجراءات الضيقة معوقة لعملي ايما تعويق، لذلك اصطدم بالناس الذين يعملون معي. ودائماً ما اعمل عملاً انفرادياً، ولا احب ان التقي في تعاون أو تنظيم او تنسيق مع أي شخص. وهذه ميزة يعرفها كل من يعرفني).
نحن هنا، امام رجل، يظن انه يتفق مع الحركة الاسلامية فكرياً، ولكنه يرفض فكرة ان ينتظم داخلها، ولا يدرك ان هذا في حد ذاته، خلاف فكري بينه وبينها. ذلك ان الحركة الاسلامية تعتمد على مرجعية دينية، قررت بناءً عليها انشاء التنظيم الذي يقوم على العمل الجماعي، قال تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) فاذا كان د. وقيع الله لا يؤمن بالاطار التنظيمي، كما قال فهذا خلاف فكري واضح بينه وبين الحركة الاسلامية وان لم يشعر به. ثم ان صاحبنا يقول (لا أحب ان التقي في تعاون او تنظيم او تنسيق مع أي شخص وهذه ميزة) فأين يذهب به ذلك عن قوله تعالى (وتعانوا على البر والتقوى)؟! وهل حقاً ان نفوره من التعاون والتنسيق والعمل الجماعي المنظم ميزة ام انها مشكلة؟! ليس من حيث مفارقتها الدينية فحسب، بل من حيث بعدها عن الاسلوب العلمي في المجال الاكاديمي الذي قال إن فيه جل نشاطه (الدائم الدائب)؟!
ولماذا لا يريد هذا الدكتور ان يعمل مع مجموعة في تنسيق او تنظيم؟! اسمعه يقول في تبرير هذا السلوك العجيب (وانا سريع الاحتدام والاصطدام مع الشخص الذي يختلف معي في الفكر والرأي.. لذلك احب ان اعمل دائماً على انفراد كامل حتى في مجال عملي المهني وهو التدريس) اليست هذه حماقة، شهد بها وقيع الله على نفسه دون موجب؟! ألم يسمع بالقول (ان اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية)؟! وما ذنب هؤلاء الطلاب، الذين تقتضي دراستهم ان يعملوا في شكل مجموعات، وفرق ويفرض عليهم المنهج العلمي نفسه ان يختلفوا مع بعضهم ومع استاذهم؟! ما ذنبهم ان يكون استاذهم من الضيق، بحيث يصادمهم، ان هم اختلفوا معه في الرأي؟!
إن د. محمد وقيع الله يعاني من مشكلة خطيرة وعصية على العلاج، وهو لن يتجاوزها اذا ظل مشغولاً عنها بنقد الآخرين، ولو انه يقبل منا مساعدة لاقترحنا عليه ان يتبع المنهاج النبوي في ترويض النفس والسيطرة على بداواة الطبع، حتى يتقبل الرأي المعارض في محبة وسعة.
يقول وقيع الله عن الحركة الاسلامية (وفي الوقت الحالي اعتقد ان الحركة الاسلامية اصبحت تضع الاجندة والمبادرات للعمل السياسي السوداني عامة، هذا الامر يجري منذ عقد ونصف من الزمان تقريباً، فالحركة الاسلامية السودانية هى صاحبة الشأن الاعلى والجميع يصدرون عن ردود فعل لما تفعله الحركة الاسلامية)!!
ولم يخبرنا عن أية حركة اسلامية يتكلم. هل يقصد المؤتمر الشعبي ام المؤتمر الوطني؟ فإن كان يقصد المؤتمر الشعبي فهو بعيد عن السلطة ولا يتولى المبادرات، وإنما ركز عمله على نقد الجناح الآخر من الحركة الاسلامية الذي يسيطر على الحكومة، واعتبره المسؤول عن الفشل والفساد والصراعات الاقليمية!! وان كان وقيع الله يقصد المؤتمر الوطني الذي يقود الحكومة، فإنه يواجه مشاكل عديدة في الداخل والخارج، وتعوزه الحيلة في ان يقدم مبادرة تخرج البلاد مما ورطها فيه.. ثم هو أيضاً يعاني الآن من انقسامات وصراعات لمحاور قوى تمنعه من أية مبادرة نافعة.. ألا يكفي هذه الحركة الاسلامية مفارقة لجوهر الاسلام، ان يصف مرشدها تلاميذه بالفساد والانحراف عن قيم الدين والانشغال بالكراسي؟! لا يكفيها مفارقة ان يصف التلاميذ مرشدهم وشيخهم بالكفر والمروق؟!
وبعد كل هذا نسأل وقيع الله هل حادت الحركة الاسلامية عن مسارها فيجيب (لا لم يحدث ذلك.. مضت الحركة الاسلامية في مسارها القديم قدماً)!! هل كان مسارها القديم مليئاً بكل هذه الانقسامات والخلافات الحاضرة، أم ان وقيع الله يضحي بالتزام الصدق ليخفي واقع الحركة الاسلامية المزري؟!
ومع إعجاب د. وقيع الله بالحركة الاسلامية وظنه انها اكثر فعالية من كل التنظيمات الاخرى، وانها لم تحد عن مسارها، يرى انها لا تملك كيانات تنظيمية!! ويجري الحوار هكذا:
(س: وهل قدمت مشروعاً نقدياً للحركة الاسلامية يبين قصورها مثلاً؟
ج: هذا لم يحدث، ولا اعتقد ان لدى الحركة الاسلامية السودانية كيانات تنظيمية كما كانت في الماضي.
س: كيف؟
ج: عدم وجود الشيء لا يحتاج الى برهان، والشيء الموجود هو الذي يحتاج الى برهان، فاذا كان تنظيمهم معدوماً او غير موجود او غير مشاهد فهذا لا يحتاج الى برهان، ولا اعتقد ان لديهم مثل تلك التنظيمات الفاعلة في الماضي، انهم مشغولون بالدولة اكثر من أي شيء آخر).
فوقيع الله اذاً لم ينقد الحركة الاسلامية لأنها ليست لديها كيانات تنظيمية، وما دام تنظيم الحركة الاسلامية معدوماً او غير موجود فهذا امر لا يحتاج الي برهان، وهو لهذا السبب- حسب رأي وقيع الله- لا يستحق ان ينقد لعدم وجود التنظيمات الفاعلة في الماضي، ولأن اعضاء الحركة الاسلامية اصبحوا مشغولين بالدولة اكثر من أي شيء آخر.
إن هذه العبارة مليئة بالتناقضات لدرجة ان القاريء ليظن ان المحاور شخصان لا شخص واحد. واول الاسئلة التي تواجه هذا التناقض، كيف لا يكون للحركة كيان تنظيمي ويكون تنظيمها معدوماً، ثم تكون اكثر الحركات فعالية في الساحة؟! واذا كانت الحركة لا تملك تنظيماً فلماذا لم يدفع وقيع الله بذلك حين سئل عن انضمامه للحركة الاسلامية؟! لماذا لم يقل انه لم يدخل في تنظيم الحركة الاسلامية لأن الحركة لا تنظيم لها؟!
ولقد كان السؤال اساساً عن نقد وقيع الله للحركة الاسلامية، فهل كونها ليست لديها كيانات تنظيمية عذر لعدم نقدها، ام انه سبب كافٍ لنقدها؟! وحين سُئل وقيع الله هل حادت الحركة الاسلامية عن مسارها نفى ذلك بشدة، وقال انها مازالت على نفس مسارها القديم ولقد اخبرنا وقيع الله نفسه ان الحركة الاسلامية كانت لديها (التنظيمات الفاعلة في الماضي) فهل حقاً لم يحيدوا عن مسارهم حين تخلوا عن كل ذلك واصبح (تنظيمهم معدوماً او غير موجود أو غير مشاهد) كما قال؟!
وبعد كل هذا سئل وقيع الله (هل لا تزال الحركة الاسلامية على ثوابتها؟) فأجاب (نعم)!! وحين سُئل هل مازال المشروع الحضاري للدولة السودانية قائماً أجاب (نعم مازال قائماً ومتقدماً للامام..)!! وحين سُئل عن الذي حققه المشروع الحضاري اجاب بقوله (انا لست موجوداً في السودان منذ ستة عشر عاماً حتى اقدم اجابة علمية صحيحة)، فاذا كان غياب وقيع الله عن البلد لا يمكنه من الحكم على ما حققه المشروع الحضاري، فكيف استطاع رغم هذا الغياب ان يقرر ان نفس هذا المشروع (مازال قائماً ومتقدماً للامام)؟!
ولأن وقيع الله وافق على بعض مثالب الحركة الاسلامية وقال عنها (ولكن يمكن القول ان الكثير من افرادها قد تنكبت بهم السبل وضلوا سواء السبيل).. وإن كان قد تناقض مع تقريره هذا وقال (وارى ان معظم أعضاء الحركة الاسلامية يستصحبون قيمهم الدينية الاسلامية وان كان القليلون قد اهملوا هذا الامر) فإن الصحافي المحاور سأله سؤالاً مباشراً ومحدداً هو (ما دور القيم الاسلامية في مكافحة هذه المثالب والعيوب؟) فكانت اجابة الدكتور (لست ادري ان كنت استطيع ان اجيب على هذا السؤال)!!
فاذا كان وقيع الله لا يعرف دور القيم الاسلامية، في معالجة عيوب السلوك ومفارقات الاخلاق، فماذا يعرف عن الاسلام؟! وهل جهله بقيم الاسلام واثرها على تقويم سلوك الافراد يمنحه القدرة على تقييم الحركات الاسلامية ومدى مفارقتها حتى يثني عليها كما فعل في هذا المقال؟! وهل من اعترف بجهله بدور الاسلام في تقويم الاخلاق يستطيع ان ينصب نفسه ناقداً لفكرة عميقة ومؤسسة كالفكرة الجمهورية لو كان صادقاً حين قال عن نفسه (لا اريد ان القي الكلام على عواهنة واكون مسؤولاً عنه امام الله سبحانه وتعالى)؟!

إعجابه بأميركا:


وفي اجابة على سؤال الصحافي المحاور (ولماذا بعد هذه السنين الطويلة منذ مجيء الاسلام تظل احوال المسلمين متخلفة على مستوى البنية الاجتماعية والسياسية؟) اجاب وقيع الله (المسلمون خرجوا من حلبة الحضارة والتاريخ منذ زمن مديد، وبتعبير الدكتور محمد اقبال رحمه الله، فإنهم سقطوا من مكان عال جداً، والذي يسقط من مكان عالٍ لا ينهض إلا بعد زمن طويل يداوي فيه كسوره والجراح..) ولقد نسي وقيع الله في غمرة حماسه ونقده للمسلمين انه كان قد حدثنا قبل قليل، عن عظمة الحركة الاسلامية السودانية وثباتها على مبادئها وتأثيرها الكبير الذي ما نشاط الآخرين إلا ردة فعل له. فهل هذه الحركة جزء من هؤلاء المسلمين الذين سقطوا من علٍ؟!
وحين سأله المحاور بناءً على حديثه السابق (هل نحن محتاجون الى استيراد قيم سياسوية؟) اجاب بقوله (لا اعتقد.. من جانب آخر اعتقد ان دراسة وتمثل الموروث الشوري الاسلامي القديم وفهمه بنضج متقدم يكفي في حد ذاته).. ولعله قبل ان يسجل الصحافي هذا الاجابة الواضحة التي فحواها اننا لا نحتاج لاستيراد الديمقراطية من الغرب، وانما يجب ان نتمثل الشورى القديمة ونتفهمها، اذا بوقيع الله يفاجئه بقوله (لكن لا مانع من الاستزادة بالتجارب الديمقراطية العظيمة المتطورة في الغرب، خاصة الولايات المتحدة الاميركية.. وهذه البلاد تمارس فيها الديمقراطية ممارسة حقيقية حية وقوية وناضجة وشريفة..)!!
نحن هنا امام جهل مزودج، جهل بالفرق بين الديمقراطية والشورى من ناحية، وجهل بتزييف الولايات المتحدة الاميركية للديمقراطية من ناحية اخرى. فوقيع الله يظن انه يمكن ان يطبق الشورى ثم يزيد عليها الديمقراطية الغربية في نفس الوقت.
والحق ان الشورى والديمقراطية نقيضان.. (فالشورى ليست نظام حكم، وانما هى ميكانيكية مساعدة لنظام الخلافة، تلطفه، وتهذبه حتى لا يصبح دكتاتورية سافرة، بل يكون نظام وصاية الفرد الرشيد على القصر.. فالخليفة الحاكم يختار مجموعة ممن حوله سماها الفقهاء مؤخراً (أهل الحل والعقد) يشاورهم في امور الدولة فيستأنس برأيهم، ولكنه يملك ان يخالفهم، فليست المشاورة بملزمة.. فبالرغم من الشورى يظل نظام الخلافة حكم فرد، وهو لهذا يتناقض تماماً مع الديمقراطية.. وآية الشورى من الكتاب قوله تعالى «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله ان الله يحب المتوكلين» جاء في تفسير هذه الآية (يعني فتجاوز يا محمد عن اتباعك واصحابك من المؤمنين بك وبما جئت به من عندي، ما نالك من اذاهم ومكروه في نفسك، واستغفر لهم وادع ربك لهم بالمغفرة.. وقوله وشاورهم في الامر فاذا عزمت فتوكل على الله، امر الله عزَّ وجلَّ نبيه صلى الله عليه وسلم ان يشاور اصحابه في الامور، وهو يأتيه الوحي من السماء لأنه اطيب لانفس القوم.. حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن اسحق وشاورهم في الامر أي لتريهم انك تسمع منهم وتستعين بهم، وان كنت عنهم غنياً تؤلفهم بذلك على دينهم.. وأما قوله فإذا عزمت فتوكل على الله فإنه يعني اذا صح عزمك تثبيتنا اياك وتسديدنا لك في ما نابك وحزبك من امر دينك ودنياك، فامض لما امرناك به على ما امرناك به، وافق ذلك آراء اصحابك وما اشاروا به عليك او خالفها، وتوكل في ما تأتي من امورك وتدع وتحاور او تزاول على ربك فثق به في كل ذلك، وارض بقضائه في جميعه دون آراء سائر خلقه ومعونتهم..).
( ولقد كان النبي الكريم عليه افضل الصلاة واتم التسليم، يشاور اصحابه ثم يوافقهم كثيراً ويخالفهم احياناً، فقد نزل عند رأيهم في غزوة احد، وخالفهم حين قبل شروط صلح الحديبية، وكان في كل ذلك يربيهم تربية الاحرار، يشعرهم بقيمتهم وكرامتهم ويؤهلهم بقاعدة التربية الفردية للديمقراطية التي لم يحن حينها في ذلك الوقت.. ولقد حاول الاصحاب ما وسعهم الوسع ان يسيروا سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، فقامت الخلافة الراشدة كحكم فرد تدعمه سلطة دينية، وهو ما يعرف الآن بالنظام الثيوقراطي.. فلم يحدث ان تم لخليفة انتخاب.. فأبو بكر الصديق رضى الله عنه اختاروه يوم السقيفة على خلاف بين المهاجرين والانصار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد قدمه حين كان مريضاً فصلى بالناس فقال بعضهم (رضيه رسول الله لديننا افلا نرضاه نحن لدنيانا؟!).. ولم يشارك كل أهل المدينة في اختيار ابي بكر، ولم تشارك فيه الامصار، ومع ذلك بايع كثير من الناس ابا بكر بعد ان اصبح خليفة، ولقد مارس ابو بكر الشورى تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم، فشاور اصحابه في قتال مانعي الزكاة فأشاروا عليه بعدم القتال، فخالفهم وقال (والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه)!! ولو كان حاكم المسلمين ملزماً برأي الاغلبية لما قامت حروب الردة.. ولم يعط ابو بكر الناس الفرصة التي اعطاهم لها النبي صلى الله عليه وسلم، بل جعل عليهم عمر بن الخطاب وامرهم ان يسمعوا له ويطيعوا).
ولا شك في أن الولايات المتحدة الاميركية بها تجربة متقدمة في محاولة تطبيق الديمقراطية، ولكنها ليست (ممارسة حقيقية) كما قرر وقيع الله، وإنما هى ممارسة مزيفة، والسبب في ذلك هو ان الرأسمالية تجهض الديمقراطية، فما دام المال بيد قلة وان الكثرة تكدح، وتشقى لتزيد من ثراء هؤلاء الافراد المسيطرين على وسائل ومصادر الانتاج، فإن الشخص المتوهم بأنه حر، ليس كذلك وانما مستعبد للرأسمال. هنا تصبح الانتخابات والمؤسسات الديمقراطية جميعها بما في ذلك الاعلام أدوات في يد الرأسمالي ليدعم بها نفوذه وسيطرته. والرأسمالية لا تهتم بالإنسان وانما تهتم بالربح، ومن اجل ذلك تشيع الغلاء. وكأثر لذلك تضطر الى رفع الاجور ومن ثم تكلفة الانتاج ليتصاعد التخضم مرة اخرى، وتسعى الشركات الكبرى عابرة القارات الى تهريب رأس المال الى دول اخرى حيث العمالة رخيصة، مما يخلق المزيد من العطالة.. وهكذا يتأزم الوضع بصورة لا يمكن تجاوزها إلا بتحول الرأسمالية الى امبريالية بسيطرتها على دول اخرى واخذ مصادرها دون مقابل.. وفي وقتنا الحاضر اصبح مثل هذا النموذج ماثلاً.. فقد خاضت اميركا حرباً ضد العراق زعمت انها قامت بها كرد على عدوان الارهاب الذي استهدف مواطنيها، ولأن صدام حسين يملك اسلحة دمار شامل يهدد بها امنها.. وبعد ان انتهت الحرب، ومات الآلاف من العراقيين والمئات من الاميركيين والبريطانيين، صرح مسؤولون في قمة الادارة الاميركية بأن صدام حسين لا علاقة له باحداث سبتمبر 11، وانه لم يكن يملك اسلحة دمار شامل!! وواضح ان الغرض من حرب العراق هو مصالح الشركات الضخمة التي يملكها من يؤثرون في القرار، والتي تريد ان تحصل على البترول، بلا مقابل، وتمتلك عطاءات اعادة تعمير العراق بعد تحطيمه، وتحل الازمة الاقتصادية التي خلقتها الرأسمالية ولو بمخالفة مبادئ الديمقراطية.
وحين لاحظ الصحافي المحاور ان وقيع الله معجب اشد الاعجاب بتجربة الغرب، وانه اشاد باميركا وببريطانيا ودعانا الى ان ( نستهدي بآليات ترشيد العمل الديمقراطي كمراكز البحوث ونظام اللجان البرلمانية في الكونغرس او في مجلس العموم البريطاني)!! سأله (ولكن هذه القيم التي تتحدث عنها انت وفق مرجعية علمانية؟) فأجاب الدكتور (لا ليست علمانية، كما ان العلمانية ليست كلها ضرر)!! وهكذا يتحول د. محمد وقيع الله العالم الى المغالطة،. ويقرر دون تردد أن النظام الاميركي الذي يقوم على فصل الدين عن الدولة وعدم تدريس الدين في المدارس ويعتمد على المادية في سائر نظمه، ليس علمانياً!! ومعلوم ان العلمانية ليست كلها ضرر، ولكن ضررها اكبر من نفعها، وهذا ما تحاشى وقيع الله ان يقف عنده فيثبته، أو ينفيه.

نقده للفكر الجمهوري:


سأل الصحافي (نشرت بحثاً قبل فترة عن الاستاذ محمود محمد طه ولكنه اثار جدلاً كبيراً) فقال وقيع الله (اعتقد ان محموداً كان من كبار المتأملين المفكرين في السودان، وكان يعيش احلاماً كبيرة وخطيرة، وهذه هى التي صنعت منه مفكراً كبيراً، اقول هذا رغم انني اختلف معه في كل شيء كتبه، فيما عدا حروف الجر والتسكين والنصب)!!
فهل حقاً يختلف د. محمد وقيع الله مع الاستاذ محمود في كل شيء كتبه ماعدا حروف الجر والتسكين والنصب، أم ان هذا ضرب من المبالغة المفارقة للصدق، والتي ان جازت في القصص والحكايات لا يمكن ان تقبل في النقد العلمي للافكار؟! وحتى يضع وقيع الله يده بنفسه على مبلغ الخلل في عبارته تلك، نورد له هنا نصاً من كتاب الرسالة الثانية من الاسلام، فقد جاء في صفحة «17» (عندما استعلن النور الالهي بمحمد الأمي من جبال مكة في القرن السابع الميلاد، اشرقت شمس مدينة جديدة، بها ارتفعت القيمة البشرية الى قمة لم يسبق لها ضريب في تاريخ البشرية. ولقد قامت تلك المدنية الانسانية الجديدة على انقاض المدنية المادية الرومانية في الغرب، وعلى انقاض المدنية المادية الفارسية في الشرق، ولقد بلغت هذه المدنية الانسانية الجديدة أوجها، من الناحية النظرية على الاقل غداة انزل الله تعالى على نبيه الآية التي صدرنا بها هذا السفر، وهى قوله تعالى (اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً)، فهل يختلف وقيع الله مع كل ما ورد في هذا النص أم يتفق مع بعض ما ورد فيه بخلاف حروف الجر والتسكين والنصب؟!
وحين سأله الصحافي المحاور (ولكن الا ترى ان تفكير محمود كان عميقاً في كتاب (الرسالة الثانية من الاسلام؟) أجاب بقوله (كان فكره عميقاً ولكنه كان متحاملاً على الاسلام الذي نعرفه ويعرفه سائر الناس. وأنا شخصياً أعد نفسي مدافعاً عن الاسلام واتحفز لمهاجمة من يهاجمونه اياً كانوا، ورسالتي الشخصية في الحياة هى الدعوة الى الاسلام، وانا حساس تجاه أي انسان يمس ثوابت الاسلام أو يعمل على تحريف الاسلام او يعادي الاسلام مهما يكن متفوقاً ثقافياً، ولا أقبل المساس بكلام الله سبحانه وتعالى او سنة نبيه صلى الله عليه وسلم)!
ولم يذكر لنا هذا الباحث الجامعي، كيف كان الاستاذ محمود متحاملاً او محرفاً، او معادياً للاسلام.. وانشغل عن ذلك- رغم القائه التهم جزافاً- ليحدثنا عن نفسه، وكيف انه متحفز وحساس، ومتأهب للدفاع عن الاسلام!! والحق ان الاسلام لا يحتاج الى من يدافع عنه، وإنما يحتاج المسلمون الى ان يفهموه لينصروه في انفسهم، ثم يبشروا به البشرية جمعاء، وهذا ما يجدر بوقيع الله ان يؤهل نفسه فيه إن كان هذا الامر يعنيه حقاً، وإلا فإن فاقد الشيء لا يعطيه!!
ولما رأى الصحافي المحاور أن وقيع الله متحامل دون موجب قال (لماذا لا تنظر لمحمود محمد طه كمجتهد اكثر من انه يمس ثوابت الاسلام؟) فأجاب وقيع الله (لا.. لم يكن محمود مجتهداً في اطار الاسلام، وانما اتى بشيء جديد مختلف عن الاسلام)!! وواصل قائلاً (محمود محمد طه بدأ اجتهاده بتقويض الصلاة وهى عمود الاسلام الاكبر. ورفض الحج، وانكر شرعية الزكاة، وغير شرع الاحوال الشخصية، ونادى بالغاء سلطة القرآن المدني لأنه مليء بالتشريعات، ودعا للاكتفاء بالقرآن المكي حيث تقل التشريعات، فهذا كله لا يمكن ان يعد تجديداً، وانما هو شيء يستهدف صميم الاسلام)!! ولقد حق للصحافي المحاور ان يستغرب لهذه الاكاذيب ويقول (هل كل ما ذكرت موجود في كتب «الرسالة الثانية»؟) فلم يتردد وقيع الله، بل تمادى في القاء القول على عواهنة قائلاً (نعم هذا هو اقل ما في كتاب الرسالة الثانية الذي يقوم على أي القرآن المكي فقط، ومحمود لم يعترف بالقرآن المدني، فهو بالتالي خارج عن الاسلام.. وهو في اعتقادي واعتقاد الكثيرين شخص غير مسلم)!!
فاذا كان الأستاذ محمود محمد طه قد اقام فكرته على رفض اركان الاسلام، وتقويض شرائعه ونبذ القرآن المدني، فلماذا وصفه وقيع الله بأنه مفكر عميق وكبير وذلك حيث قال (اعتقد ان محموداً كان من كبار المتأملين المفكرين في السودان، وكان يعيش احلاماً كبيرة وخطيرة، وهذه هى التي صنعت منه مفكراً كبيراً)؟!
إن ما ردده وقيع الله هنا من أكاذيب وجهالات لا تتعلق بالفكرة الجمهورية ولا تعتمد على مصادرها، وإنما هى شائعات كنا نسمعها من البسطاء والسذج، من رواد حلقات الوعظ، وكنا نعذرهم لعلمنا بأنهم مضللون، وانهم لا يستطيعون التأكد من مصادر الفكرة.. اما ان يكرر نفس هذه الاقاويل شخص يزعم بأنه مفكر، ومثقف وباحث واستاذ جامعي، يفترض ان يتثبت ويتحقق، فهو ما لا يقبل بأية حال من الاحوال.
إن وقيع الله يعاني من التناقض والازدواجية في التفكير، لأن في ذهنه مناطق متفرقة لاشياء كثيرة متنافرة.. فهو يعيش في اميركا ويعجب بديمقراطيتها ويدعونا لاستلهامها. وفي جانب آخر من عقله يعيش في جبة فقهاء القرون السالفة.. ولهذا لم يلتقط ان جوهر هذه الديمقراطية اعتبارها لحقوق الانسان، وان من اهم ما اتفقت عليه مواثيق حقوق الانسان حرية الاعتقاد، وإلا لكان قد شعر بمبلغ التناقض الذي يرزح تحته حين دعا للديمقراطية، ثم قال عن الاستاذ محمود (هو مرتد طبعاً هذه هى الردة بعينها)!!
ولو كان وقيع الله يفهم الاسلام، لعلم ان الاسلام في اصوله ليست فيه ردة، لأنه اعطى حرية الاعتقاد، قال تعالى (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)!! ولعلم ان الاسلام في هذا المستوى الرفيع يتفق مع مواثيق حقوق الانسان.. وان هذا هو المستوى الوحيد الذي يمكن ان تتحقق به الديمقراطية التي حدثنا عنها وهو لا يدرك كنهها؟!
وحين رأى الصحافي المحاور ان وقيع الله يكفر الاستاذ محمود، ولا يجرؤ على تكفير الترابي سأله (طيب انت قلت ان الترابي لا يستحق ان يقام عليه الحد، أليست هذه ازدواجية معايير ان محمود كان يفكر ويجتهد والترابي يفعل الشيء نفسه الآن؟) فأجاب (محمود لم يكن مجتهداً، والترابي نفسه في تجديفاته الاخيرة لا يعد مجتهداً، واكثر ما قاله اخيراً قالته الفرق الغالية قديماً، وبعضه موجود في تراث محمود محمد طه)!! فاذا سلمنا، جدلاً بأن ما قاله الترابي مأخوذ من تراث الأستاذ محمود، فلماذا لم يحكم عليه بما حكم به على الاستاذ محمود؟! الا يدل هذا الموقف الذي وصفه الصحافي الحصيف على عدم صدق، ومن ثم عدم الحرص على الاسلام؟!
ولقد كان الصحافي المحاور منصفاً حين سأل وقيع الله عن ايجابيات الاستاذ محمود، فاضطره ليقول (كان محمود ثابت الجأش في المحكمة وحتى في قتله كان ثابتاً) وحتى يقلل من هذه الايجابية التي اضطر اضطراراً لذكرها، واصل قائلاً (كثير من الخارجين على الاسلام بدوافع الجذب والشطح والايمان بالاشياء الغامضة، واجهوا مصيرهم بمثل هذا الثبات والابتسام.. والحلاج صلى ركعتين قبل قتله، وهناك آخرون صدقوا مع انفسهم ولكن الصدق لا يعني الصحة والصواب)!! ويكفي ان شهد وقيع الله للاستاذ محمود بالثبات على المبدأ حتى الموت، وبمواجهة الموت بالابتسامة وبالصدق مع نفسه.. وكلها صفات لن يجد لها اثراً في زعماء الحركة الاسلامية، التي يؤمن بها ويخشى ان يتنظم في تنظيمها حتى لا يتحمل مسؤولية فكره وعمله!!
وحين ذكر الصحافي ان هناك من يقول بأن محاكمة الاستاذ محمود كانت عملاً سياسياً اجاب وقيع الله (قد يكون.. لكن هو ايضاً لم يكن بريئاً من التآمر السياسي ضد خصومه. وقد تآمر مع حكومة نميري والشيوعيين ضد الانصار، وايد ببيانات كثيرة ضرب الانصار يوم ضربوا في الجزيرة ابا عام 1970م..) ولم يخبرنا وقيع الله كيف تآمر الاستاذ مع حكومة نميري ضد الانصار؟! او ماذا جاء في احد البيانات التي قال انها كثيرة؟! وهل اخراج البيانات وتوزيعها في الشارع سواء أكانت مؤيدة او معارضة لموقف من مواقف الحكومة يمكن ان يعتبر تآمراً؟!
وحين ذكر الصحافي أن هنالك من يقول بأن القضاة الذين حاكموا الاستاذ لم يكونوا مؤهلين، قال وقيع الله (القضاة الذين حاكموا محمود كانوا مؤهلين بلا شك، وبعضهم كانوا يحملون درجات اكاديمية عليا، والعلامة هنري رياض الذي راجع الحكم هو من كبار فقهاء القانون في السودان) وكل هذا تخطيط وتشويش لا يجوز في حق باحث يفترض ان يتأكد من كل ما يكتب قبل ان ينشره على الناس.
فالقضاة لم يكونوا مؤهلين، لأنهم لم يدرسوا القانون، وانما درس بعضهم الشريعة والفقه، ثم انهم عينوا سياسياً، وليس من قبل مجلس القضاء العالي. ولقد ذكر الاستاذ محمود ذلك في المحكمة وسجله القاضي بيده. ولم يكن هنري رياض عضواً في المحكمة الابتدائية التي حكمت على الاستاذ، وكان قاضيها المهلاوي، او محكمة الاستئناف التي ايدت الحكم عام 1985م وكان قاضيها المكاشفي، وانما كان عضواً في المحكمة العليا التي ابطلت ذلك الحكم في عام 1986م، ولقد اتفقت المحكمة العليا مع ما قرره الاستاذ من ان قضاة محكمة الموضوع كانوا غير مؤهلين ولهذا اتوا بحكم مخالف لكل قيم العدالة، جاء في قرار المحكمة العليا (ولعلنا لا نكون في حاجة الى الاستطراد كثيراً في وصف هذا الحكم، فقد تجاوز كل قيم العدالة، سواء ما كان منها موروثاً ومتعارفاً عليه، أو ما حرصت قوانين الاجراءات الجنائية المتعاقبة على النص عليه صراحة، او انطوى عليه دستور 1973م الملغي رغم ما يحيط به من جدل، ففي المقام الاول اخطأت محكمة الاستئناف فيما ذهبت اليه من ان المادة (3) من قانون اصول الاحكام لسنة 1983 كانت تبيح لها- او لاية محكمة اخرى- توجيه تهمة الردة)!!

خاتمة:


لقد كان من الممكن متابعة المزيد من مفارقات هذا الحوار العجيب، فهو لا يزال ينضح بالتناقض والتضارب.. ولكن فيما ذكر، ما يكفي لتأكيد ما اردت اظهاره، عن مستوى خصوم الفكرة الذي يتصدون لها بغير كفاءة. ولابد لي من الاشادة بالروح العالية والصبر الفريد الذي تحلى به الصحافي صلاح شعيب وهو يدير هذا الحوار العجيب، فلقد حاول جهده أن يجعل من محاوره شخصاً موضوعياً يبرر ما قدمه به من انه استاذ جامعي يدرس في اميركا!! ثم انه سعى باسئلة محددة، وشاملة للموضوعات التي اثارها حتى يضمن للقارئ عملاً ممتعاً ومتكاملاً، لولا ان محاوره قد هبط بمستوى الحوار بصورة مؤسفة، بل انه في اكثر من مرة لم يفهم مجرد السؤال!! فحين سأله الصحافي (حينما فكرت الانقاذ في ذلك- يعني الانقلاب- كانت تستند على مرجعية دينية، أم مرجعية ديمقراطية؟) اجاب (ماذا تعني بذلك؟!) وحين قال له الصحافي (لكن الآلية التي كان يعتمد عليها الصادق المهدي ديمقراطية) اجاب (ماذا تعني؟)!!
فاذا كان السؤال البسيط المباشر يحتاج الى ان يشرح لهذا العالم الباحث، فإن ذلك بطبيعة الحال، يجعل مهمة الصحافي المحاور شاقة ومرهقة، وما كان للأستاذ صلاح شعيب ان يحتملها ويساوق الاسئلة خلالها، لو لم يكن صحافياً متمرساً. والشكر موصول لصحيفة «الصحافة» الغراء التي نشرت هذا الحوار، فعرفنا من خلاله د. محمد وقيع الله، فقد قال السادة الصوفية (المرء مطوي تحت لسانه فتحدثوا تُعرفوا)!!

المصدر: موقع جريدة الصحافة