((١١))
سائل: الحقيقة أنا عاوز أسأل سؤال بسيط في توضيح مفهوم الحرية. يقول واحد من دعاة الإسلام: "ليست الحرية بمفهوم حديث، إنما الحديث إجراءات حمايتها في الأوضاع الدستورية الغربية. وأما معناها، فقديم قدم الحياة الاجتماعية". دا تفسيره لمفهوم الحرية، فهل لي أن أفهم، أو أعرف ما هو تفسير الثقافة العامة لمفهوم الحرية عند الأستاذ محمود؟
الأستاذ: النقطة دي وردت في مقال أنحنا إتعرضنا ليها فعلاً. مقالة ظهرت في الصحافة، ونحن كان ردنا برضو في الموضوع دا في الصحافة. مفهوم الحرية مش مفهوم واحد، ممكنك إنت أنه تعرف إنه الحرية، زي ما قلنا قبيلك، بدأت من قانون الغابة، كأنه كان حظها قليل جداً، بعدين بدت تتسع وهي ماشة للإطلاق، الحرية ماشة لأن تكون مطلقة. الحرية المطلقة مابديك ياها القانون، بديك أن، بديك الحرية المطلقة الفرصة في الحرية المطلقة أن يكون قانونك الأخلاق مش القانون. هنا، عندنا نحنا، الأخلاق كأنها قمة القانون. إذا كان إتصورت شكل هرمي، قمته الأخلاق وقاعدته القانون. القانون هو الحد الادنى المطلوب من المجتمع أن يسلك في مستواه. إذا كان إنت زدت منه، أحسنتَ، لكن إذا كان الواحد نزل دونه بيؤخذ بالقانون، بتصادر حريته. فمجالات الحرية الفردية أن يرتفع الإنسان من القاعدة الإجبارية دي، لأن يعيش في مستويات الخلق. تجي العبارة بتاعة مثلاً، نحنا عندنا في العبادة، دا حرام ودا حلال، دا المطلوب من المسلم العادي. بعدين المسلم المجود لمن يتورع بالصورة دي، ويجتهد في عمله، يبقى ورع. الورع قالوا يترك سبعين باب من الحلال خوف الحرام. أها هنا مش أصبح، بقى مقيد بالشريعة بس، هو يعرف أنه دا حلال شرعاً، لكنه عنده [قطع في التسجيل]....... رحم الله العبد صهيب، لو لم يخف الله، لم يعصيه. بقت طاعته لي الله، مسالة في مسألة المحبة والقرب، مش مسألة العذاب بالنار، مسألة أنه يبعد من حبيبه بالمعصية. أها هنا، الحرية إذن تتفاوت في درجات لغاية ما تمشي تبقى عند الله في إطلاقه. دي النحن بنقول عنها القرآن بودي ليها، الحرية الفردية المطلقة بالصورة دي.. لكن تعريف الحرية هو شنو؟ الحرية هي أنك إنت تعمل ما شئتَ بشرط ألا تتعدى على حريات الآخرين. حريتك تنتهي حيث تبتدي حرية جارك. يعنى زي مثلاً أنا عندي فرصة هسع أمد إيدي على مداها، لأنه ما عندي جار هنا، حرية عندها طلاقة بالصورة دي، لكن إنت جارك الجنبك دا، لو مديت إيدك بالصورة دي تضربه، يبقى حريتك تنتهي هنا، حريتك تنتهي حيث تبتدي حرية جارك، دا التعريف عنها. بعدين التعريف الإسلامي ليها، التعريف الإسلامي للحرية أنه هي، أو دي تجي من التوحيد، الحر هو الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط أنه عمله لا يتعدى على حريات الغير، دا الشرط.. قيد الحرية هو القانون الدستوري، للهو أنك إنت تمارس ما شئت من العمل، بشرط أنه عملك ما يضر غيرك، بعدين دا في مستوى الشريعة في الحقيقة، ودا في قمة، في تفكير الإسلام النحنا بنتكلم عنو هسع في معناه دا هو مقيد. مقيد، لكن مقيد بالقانون، والقانون في الإسلام بيشترط فيهو أنه يكون قانون دستوري. القانون الدستوري عندهم، هو القانون الما بيهدر حق الفرد في سبيل الجماعة، ولا يدي الجماعة حق على حساب الفرد، ينسق بين الإتنين. ودا في الحقيقة كمال الإسلام بالصورة دي، كل القوانين التانية تعجز عن التنسيق بين الفرد والجماعة. القانون الدستوري في الإسلام هو القانون البنسق بين حق الفرد وحق الجماعة، لا يهدر حق الفرد في سبيل الجماعة ولا يضحي بحق الجماعة في سبيل الفرد. ومثال ليهو الحدود، مثال ليهو القصاص، ديل أمثلة ظاهرة، لكن كل شريعته بالصورة دي. أها دي، الحرية في المستوى دا حرية مقيدة بالقانون الدستوري، دا بيشترط فيه.. لكن يمكنك أن تسير للحرية المطلقة بأن تتربى بالصورة اللي ترتفع فوق مناولة القانون، فوق مستوى القانون. يبقى برضو، الحر حرية فردية مطلقة هو الحر الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط أنه عمله لا ينتج منه إلا الخير والبر بالناس، لأنه هو متسامي وموكل بالخير والبر بالناس. زي مثلاً، ينفقونَ. زي "يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة". أها الشريعة في الزكاة، البيجحد الزكاة في حد الشريعة، اتعدى على حرية الغير، تعدى على حرية الفقير، لأنه الزكاة في مال الغني ما حق الغني، حق الفقير. البمنع الزكاة، يبقى اتعدى على حرية الفقير، لكن البينفق زيادة، "يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة"، مش إتقيد بالشريعة، ارتفع لمستويات الأخلاق، لأنه عايز ما عند الله. أها دا كسب حريته بي أخلاقه، والحرية في الإسلام بتجي في الوحدة، وحدة البنية، الفكر والقول والعمل، لأنه ربنا يقول: "يا أيها الذين آمنوا، لما تقولون مالا تفعلون، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون". يبقى في آخر الأمر، الحر هو الما منقسم على نفسو، مش المنافق، يفكر بي حاجة، ويقول حاجة، ويعمل تالتة. أها دا صورة المنافق. الحر هو الأحدث الوحدة في بنيته، وحدة الفكر ووحدة القول ووحدة العمل. ودا تلقاه إتحرر من الطمع ومن الخوف، وما عنده توجه إلا لي الله. فالحرية إذنً، لا يمكن أن تكون مفهوم واحد. هو في الحقيقة الإتطور حتى لمن وسايل حمايتها في التشريع الغربي جدت، معناهو الحرية جدت. شوف مسألتنا نحنا، في الديمقراطية المارسناها، كان في دستورنا الأولاني، بعض الناس قالوا قانون الانتخابات حقو يقوم على إنه ناس المدينة ليهم امتياز على ناس الريف، لأنه الاستقلال دا في الحقيقة جابوهو الناس الواعيين، فالزول الواعي ما يمكن أن يكون زي الإنسان العادي، ثم إنه هم أصحاب المصلحة الحقيقية في البلد دا، فيبقى الدايرة في المدينة تكون زي تلاتين ألف، والدايرة في الريف تكون ستين أو سبعين ألف. الانتخابات مشت بالصورة دي في الانتخابات الأولى. كأنه في وصاية من زول المدينة على زول الريف، كأنه عندنا نائبين في المدينة مقابل نائب في الريف، كأنه بتاع الريف على النصف من بتاع المدينة. أها بعدين جات لي قدام، بعد ثورة أكتوبر قيل، وقبل ثورة أكتوبر في الحقيقة، في الانتخابات الثانية بتاعة سنة سبعة وخمسين، جاء إنه كل مواطن ليهو صوت، سواء كان في الريف أو في المدينة، اتسعت قاعدة الحرية بالصورة دي. لأنه ناس المدينة إذا جعلوا أوصياء على ناس الريف، بتلقاهم يتجهوا لتعمير المدن وتخريب الأرياف، ما ممكن يكونوا أوصياء رشيدين على ناس الريف. وحيث دخلت الوصاية في الديمقراطية تلقى في نقص، فتوسيع القاعدة أحسن، في ضرر لمن إنت تساوي الما عارف، في المعنى المدني، الما عارف بالعارف، في ضرر، لكن الضرر أكبر لمن تجعل الإنسان الفي المدينة، أو المتعلم وصي على الجاهل، لأنه ما بينصفه. اتسعت قاعدة الحرية بالصورة القالوا كل مواطن ليه حق. جاءت ثورة أكتوبر، ثورة أكتوبر جابوها، جابا الشعب كله. دور النساء كان فيها بارز، دور الطلبة كان فيها بارز. جات القاعدة إتوسعت لسع، قالوا كل مواطن ومواطنة بلغ من العمر ١٨ سنة ليهو الحق. مواطن ومواطنة، لأول مرة دخلت المواطنة، ولأول مرة انخفضت سن الحق في الانتخاب من واحد وعشرين لي ١٨. أها دا، في حياتنا نحنا القصيرة بيتطور وبتغيير، يبقى أن يقول واحد مفهوم الحرية شيء واحد يبقى خطأه كبير جداً. فالحرية إذن، على التعريفات النحنا قلناها، وباستمرار تتغير، باستمرار تتغير.