جرى الكأس ساقي القوم في حضرة القدس ولاحت نجوم الأنس في حضرة الشمس
وأُسكرت الأرواح من قبل ما بدت بها صور الأشباح في عالم الحس
فهامت بمن تهوى وفازت بوصله بغير رقيب العقل أو حاسد النفس
فماهي من حبات عنقود كرمة تخامرها بالعصر يوما يد اللمس
ولا هي جسم قام من جزع عنصر ولاهي من نوع ولاهي من جنس
ولا اختزنت في دن دير ولم تكن ولاية رهبان عليها ولا قس
وليست تراها العين لطفا وانما تذاق بلا طعم وتعنوا عن اللمس
ولكنها الراح التي هي روح من تناهي به بحر الفنا عن الطمس
فتشتاقها الأرواح والنور ساطع وفي وصفها أهل الفصاحة كالخرس
ويعبق في الاكوان من طيب نشرها عبير به تحي الرمائم في الرمس
ويعذب في الأسماع مورد لفظه ويجري به ريق المداد على الطرس
عسى يظفر القولي منها بنهلة تكون له أحلى من الملك والكرسي
وفير من حظه في وصفها أن شعره مكرره يحلو فيحفظ كالدرس
فياربي زدنا منك فضلا ونعمة وكل غد نلقاه خير من الأمس
وصلي على الهادي البشير مسلما سلاما حين نصبح أو نمسي