موقفنا من الأحزاب انت سألت منو.. موقفنا من الأحزاب في الحقيقة من الأول كان موقف المعارضة.. أنه أحزابنا أحزاب انضوت تحت الطائفية.. هي مرعية من زعماء الطائفة.. الزعيم السياسي حريص على إرضاء زعيم الطائفة، ونحن بنعتقد آفة البلد دا كله من الطائفية.. الحركة الوطنية إذن ولا مواجهة في حماس ولا دارسة لمواضيع ومذهبيات وبرامج.. فنحن ضد الأحزاب من بداية نشأتها، ودايما بنتكلم عن دا وبنقول أنه "قد يجلو الاستعمار بكرة ثم لا نجد أنفسنا أحرارا ولا مستقلين وإنما متخبطين في فوضى لا قرار لها، لأننا أحزاب بدون فلسفات وبدون مناهج وبدون برامج".. فالجملة دي كانت تقريبا بتمثل موقفنا من الأحزاب..
بطبيعة الحال نحن بنتكلم الكلام دا وفي نفس الوقت بنعرف أنه الناس في المرحلة دي ياها دي فرصهم.. فرصهم أنهم يمشوا مع زعماء الطائفية ليواجهوا بسند الطائفية الشعبي الاستعمار، لأنه الاستعمار كان بقول انتو ما بتتكلموا باسم السودانيين، يتكلموا زعماء الطائفة، يتكلموا زعماء العشائر، زعماء العشائر الى حد كبير منضوين تحت الطائفية برضو. إذا كان مشيت لجانب مثلا ناس سنار كانوا ختمية، جهة الغرب منعم منصور وغيره من الجماعة ديل ماشين مع الأنصار.. فبتلقى زعماء العشائر ماشين مع الطائفية.. ففكروا الأفندية في الوقت داك اللي هم الخريجين أنه يواجهوا الإنجليز بوحدة مع زعماء الطائفة وزعماء العشائر لتنقطع حجتهم.. نحن عارفين أنه المرحلة دي كانت ضرورية لكن بننعيها عليهم ليكون في حركة شوية في الدراسة وفي الرفض وفي التبويب وفي التوجه لتوعية الشعب.. مع معرفتنا لضرورة المرحلة في أنهم يكونوا طائفيين لكن برضو ما كنا بنعطف على مسألة الطائفية لأن لابد من كفاح الطائفية نفسها.. ودا كان موقفنا في الموضوع دا معاهم.. معارضة لكن تحت تحت نحن بنعرف إنهم بمثلوا دور ما يقدر بمثله أحسن منهم في الوقت داك.. لمن جات الانتخابات لأول حكومة نحن ما اشتركنا فيها، لكن من المؤكد عارفين نوع الاتجاه الماشي ليشترك في الانتخابات لتكون أول برلمان سوداني ماشي في اتجاه تصفية الاستعمار وممارسة الحكم الذاتي في الفترة بتاعة اتفاقية القاهرة بتاعة فبراير سنة سنة 52 [53]..
س: داير أعرف الطريقة الكان بيمول بيها الحزب بعدين الصورة الكان بيتم بيها تكوين المكتب السياسي للحزب؟
الحزب كان كأنه ثابت في مسألة رئاسته وسكرتاريته ما فيش انتخابات بتمارس. يعني أنا من انتخبت رئيس تاني ما عرضت على أي تغيير.. السكرتيرين اتغيروا. لكن اتغيروا لأنهم كانوا بينقلوا. عبد القادر المرضي كان أول سكرتير، نقل للأبيض. جاء بعده أمين صديق. أمين صديق لما نقل لمدني، جاء غيره. فالطريقة اللي بتنشأ بيها المناصب في الحزب كانت صورة واحدة مستديمة. الحزب تمويله كان دايما – هو تمويله بسيط – يعني عندنا مكتب كان بخمسة جنيه. نحن كلنا بنشتغل، مافيش زول متفرغ وبندفع التمويل البسيط دا من بيناتنا. حتى لمن طبعنا مثلا كتيب زي "أسس دستور السودان" جمعنا تبرعاتنا وطبعناه وبعناه بسعر رمزي بس. فالحزب كان دايما بيعتمد على أعضاءه في تمويله وهو تمويل زهيد وبسيط. حتى لمن أنشأنا صحيفة اسمها "الجمهورية" ما عاشت كثير، أرهقتنا وقفناها.
س: الحقيقة الأخ جعفر ال*** استعجل شوية في السؤال وتخطينا سؤالنا عن حديثنا عن تنظيم بناء الحزب كله لأنه دي من الأشياء البهتم بيها الأخ الهسه الحضر الأطروحة بتاعته في البناء بتاع الحزب والتكوينات بتاعته. فنرجيء السؤال بعدين عشان نجيه ونربطه بالتغييرات الحاصلة في الحزب. أنا عايز أربط النقطة دي الأولى بحكاية موقفكم من الأحزاب التانية بموقف الأحزاب من حادثة رفاعة. يعني هل اتخذوها كشيء كدة ممكن ينسبوهو لقدام. اقتصرت على الحزب الجمهوري بس. كأنه الحزب الجمهوري اقتصرت المسألة على الأستاذ محمود بس؟ هل على ناس رفاعة براهم؟ على البلد كلها؟ فداير أعرف رد الفعل في المسألة دي؟
شوف بقى موضوع حادث رفاعة اتعرض ولا يزال يتعرض لسوء فهم شديد. في كثير من الناس بيعتقد أننا نحن بندافع عن الخفاض الفرعوني. مع أنه بياناتنا المكتوبة والبنقولها دائما واضحة، وأنه نحن ما بندافع عن الخفاض الفرعوني. لكن أحسن طريقة نعملها كدعوة قومية حساسة لتوعية الناس ولفّّهم حول مقاومة الاستعمار كانت هي. نحن ما بندافع عن الخفاض الفرعوني لكن بندافع عن أن تكون العادات يشهر بيها وتحارب بالقانون ويدخل البوليس ليعتقل الأم اللي خفضت بنتها خفاض فرعوني. ودا وجدناه أحسن شيء يلهب الحماس وفعلا حصل. آ هنا كثير من الأحزاب السياسية، لنظرة سطحية، قد لايفتكروا أنه الحزب الجمهوري كان بيعمل عمل سياسي وطني لمن كان بدافع عن فتاة رفاعة. في تعاطف كتير كان وجات تلغرافات كثيرة لكن من عامة الشعب أكتر من أنها. يعني ما جاء من زعيم سياسي واحد كلام في تشجيع ناس رفاعة والا العطف عليهم في الحركة دي.
س: في الفترة القام فيها بعد الجمعية التأسيسية البرلمان الأول 53 ونحن ماشين ظهرت الحركة بتاعة السودنة، في حديث كثير حولها إنها استعجلت، إنها تقدمت، إنها تأخرت، إنها كانت سبب أضاف لمشكلة الجنوب. لو ممكن تدينا رأيك فيها؟
مسألة السودنة، نحن كنا برضو بنقول، أنه كان تاريخ البلد اتغير تماما لو كانوا الاستقلاليين – حزب الأمة – هم الفازوا في الانتخابات الأولى وكونوا الحكومة. نحن بنعتقد إنه السودنة هي الاستقلال الحقيقي. ومارسوه ناس، هم الاتحاديين، صفوا تصفية تامة الاستعمار. وكنا بنعتقد أنه لو كان ناس حزب الأمة هم الكانت الحكومة المسئولة في الوقت داك، لعله كان تركوا عدد كبير جدا من الموظفين البريطانيين موجود، لأنه كان في كلام يقال إنه تصفية الموظفين البريطانيين بتخفض مستوى الأداء في البلد، وتحصل فوضى في الخدمة المدنية، وأننا نحن المحتاجين لتدريب شوية. فإذن كان في شعور بأنه بعض الموظفين البريطانيين حقو يبقوا. ونحن مع السودنة كما حصلت. نحن بنفتكر أنها أحسن عمل أنجز – السودنة..
س: ننتقل بعد كدة للفترة بتاعة ما بعد الاستقلال، قبل ما نمشي ليها السؤال البنسأله دايما، هل بتفتكر إنه في أي شيء قبل الفترة دي عندك فيه رأي محدد حتى بعد داك ننتقل لفترة ما بعد الاستقلال.
ما أفتكر. في حاجة بتذكروها عن شيتا مهم؟
س: من الأشياء الأنا دايرك. لكن الفترة بتاعة الاعتقال دي بالذات هل كان ليها أثر كبير حسب ما تحسب يعني في بلورة حتى الفكر الجمهوري صورة واضحة. هل كلامنا دا بصح وبعداك عايزين تحصر الحكاية دي على تفكير الحزب الجمهوري بعد داك أو الفكر الجمهوري؟
شوف بقى هو الحقيقة دي فيها تحول كبير جدا كان. الحزب الجمهوري لمن كان متحمس في مواجهة الاستعمار، لعله يقول الواحد أنه مطّرف في مواجهة الاستعمار. كسب أرضية كبيرة جدا وكانت في عضوية من ناس كبار في السلك الوظيفي. كان فيهو دكاترة وبعض كبار الموظفين، في المرحلة السياسية – نحن بنسميها المرحلة السياسية - لأنه لمن كان ملء فراغ الحماس كان عمل سياسي. بعدين دا من سنة 45 لغاية سنة 51. منهم الخمسة سنين اللي قال عنهم عبد الله "نام ولم يمت". بعدين لمن انبعث تاني، انبعث في مستوى الفكرة الدينية، اتخلوا عنه كثير من أعضاؤه اللي كانوا بيفتكروا أنه نحن حقوا نكون حزب سياسي، وكحزب سياسي محترمين ومشهورين بنضافة شديدة جدا ويمكن إذا أن نجمع عضوية حولنا وأن نصل لمناصب في الحكم، إلا أنه نحن الفكرة الدينية عندنا هي الأصل بدت تظهر بعد سنة 51 اتمسكنا بيها واتخلوا عننا كثير جدا من أعضاءنا القدام ونشأت عضوية جديدة من شبان جدد جوا على أساس الفكرة البدت تنشر تفاصيلها قليل قليل. في المستوى دا الفكرة عندها منهاجها، ما يمكن بعض الاخوان أن يسموه، اللائحة الداخلية كانوا بسموه، اللي هو طريق محمد – التزام طريق محمد. نحن عايزين نبعث الدين، لازم نطبقه في أنفسنا. نبعثه في أنفسنا قبل ما ندعو الآخرين لبعثه. آ دا، الموضوع دا شق على الاخوان الكانوا قدام في الأمر دا وكان عندهم مواقف سياسية ومطامع في مناصب سياسية. فـ الحزب زي اتشل وفقد كثير من سمعته الحسنة ديك، واتهم بأنه دخل في مرحلة صوفية غامضة فأصبح ما مفهوم. وبعض الجماعة يقولوا: الأفكار الجمهورية انتحرت في عمارة ابن عوف سليمان. آ هنا جات الممارسة التانية اللي فيها التزام شديد وتطبيق ودا فعلا فيها مرحلة تربية جعلت الجمهوريين كأنهم مجتمع داخل المجتمع السوداني.
س: *** في كلام جاء في أنه الحزب انتحر في عمارة أبن عوف؟
عمارة ابن عوف سليمان هي العمارة اللي كان فيها مكتب الحزب الجمهوري بعد سنة 51. عندنا مكتب في الدور التاني فيها. مكتب بسيط ومتواضع، أجرته كانت 5 جنيه في الشهر استمرت لغاية مجيء ثورة مايو دي، المكتب دا كان عندنا. فـ الإخوان الإعتزلوا الحزب في الوقت داك كان بترد منهم عبارات زي دي، أنه الحزب دخل في متاهة، ودخل في أفكار صوفية وأصبح غامض والمبادئ ديك الثائرة بالصورة المعروفة في السياسة انتحرت.
س: إذا انتقلنا بعد كدة لفترة ما بعد الاستقلال بيجي سؤال دايما خطكم السياسي الالتزمتوه بعد الاستقلال طوالي شنو؟
الدعوة للفكرة الإسلامية الجديدة – الفهم الجديد للإسلام – ليكون هو منهاج تربية الأعضاء ومنهاج لف الجمهور حول الفكرة. بس الدعوة للمسألة دي. بعدين كل حادث سياسي يكون عندنا فيه رأي سياسي في مستواه، يعمل في منشور، يعمل في صحيفة، نحاضر – كنا بنحاضر كثير، وكنا بنتكلم من منبر الجامعة ومن المدارس الثانوية العليا وكدة باستمرار. الخط السياسي الأخدناه هو نشر الوعي بالفكر الإسلامي الجديد. ليلتفوا الناس حوله ويتربوا. ونشأت الفكرة أنه نحن كأنه عندنا ثلاثة دوائر: الدائرة الكبيرة الخارجية واقفين على حافاتها عامة الناس. بعدين البنقدر (...)
(ينتهى التسجيل هنا من غير أن يكتمل الحديث)
الثلاث نجوم *** تشير الى كلمة أو جملة يصعب تبينها من التسجيل