اعادوا المرأة للسجن وجوا كلموني وقلت ليهم في الجمعة راح يكون في حديث.. مشينا صلينا الجمعة في جامع رفاعة وكانت في خطبة بعد الصلاة.. الموضوع دا بطبيعة الحال حساس ونحن قدرنا نلمسه.. فالناس خرجوا من المسجد، مشوا للسجن طوالي فكوا المرأة، وملوا السجن.. المفتش يومه داك - وهو مفتش رفاعة والحصاحيصا – قعد في الحصاحيصا.. في نائب مأمور اتصل بيهو وقال ليهو الجماعة ديل عملوا وعملوا وقال ليهو سيب المرأة وسيبهم يمشوا خلاص.. هو قال ليهو الناس ملوا المركز وقالوا يقعدوا هم بدل المرأة والمرأة تقعد في بيتها ما تجي.. وهو قال ليهو الناس يمشوا والمرأة تسيبوها.. دا كان يوم الجمعة العصر.. الناس مشوا.. برضو اتشاور مع المدير.. المدير قال ليهو المرأة تاخدوها نص الليل وتعدوها الحصاحيصا وتجيبوها لينا نحن هنا في مدني.. فكان ليلة السبت عملوا العملية دي.. المرأة في الليل جوا كلموا أخوها وقالوا ليهو: الناس ديل بورطوك ويورطوا اختك بس، نحن بنفتكر أنو البنت دي لابد تقضى مدة السجن ومن المصلحة ليكم انتو في بيتكم لأنها تقضيها وتمرق.. فجيبها لينا، نحن عربيتنا بتكون واقفة في المحلة الفلانية.. مشو زى السرقوها كدة، طلعوها من جنب بيتها وبعدين العربية دورت ومشت بيها وعدوها في الليل.. في الصباح بدري جوني الناس في الديم.. قالوا أنو البنت أخدوها في الليل.. أخدها العمدة بتعليمات من المفتش والمدير.. نحن مشينا للسوق وحركنا المدارس انهم يمشوا الحصاحيصا وكان الفيضان الشاذ بتاع سنة 46.. المفتش سحب المراكب من البر البقابلنا نحن للبر الغربي اللي بيلي الحصاحيصا.. الناس مشوا المشرع ما لقوا مراكب، جوا تلاتة أربعة بى عربية للديم – المحلة النحن قاعدين فيها القلت ضاحية لو أنها من رفاعة – في مشرعها في مراكب، فقاموا الناس طلقوا المراكب دي وخلوها عايمة في البحر لغاية ماجات في الحصاحيصا ]رفاعة[ قبضوها الناس العندهم مهارة في الموضوع دا.. وركبوا فيها الناس وعدوا بى هناك وحاصروا المركز.. فيهو المفتش.. المفتش كان بتصل بالمدير، أنو الناس وصلوا ومصرين على أنو المرأة ترجع وفى هياج كبير.. نائب المدير – هو روس بيرز أخد كمندان البوليس وجاء ومعاهم عدد من البوليس بعصيهم والدرق بتاعة السعف دي، بعدين لقوا عدد كبير بالمرة.. حتى الحاجة السمعناها أنو روس بيرز قال للكمندان أنو يضرب الناس.. قال ليهو أنا ما عندي قوة كافية لأضرب الناس، ولحسن التوفيق ما كانت في القنابل المسيلة للدموع، فحكاية عصيهم ودرقهم بتاع السعف ما ينفع بي حاجة، وكونه عايز يضرب لازم يضرب في المليان بالرصاص، فخالف أمره.. بعدين الناس حاصروا المركز والمكتب الفيهو المدير والكمندان والمفتش – بقوا التلاتة جوه – بعدين نحن جينا ودخلنا عليهم.. فكان حاولوا يتجنبوني أنا في الكلام، عارفين الحكاية، حتى يعنى عمى ووالد زوجتي – شيخ لطفي عليه رحمة الله – ف روس بيرز قال لي خلى نسيبك يتكلم قلت ليه سيب المسألة دي – هو كان في عدد كبير من الشياب، كان بيفتكر أنو بقدر يؤثر على الشياب بأنه يرجعوا الناس وهم يشوفوا لغاية ما ينظروا في الاستئناف أو – يعنى كلام ما قالو لكن كانت في نيته أنو يستطيع أن يتكلم معاهم بالصورة دي – نحن بطبيعة الحال شعرنا أنو راح يفشل اجتماع الناس فتصعد الحماس طوالي بكلمة مننا من هنا وكلمة من هنا.. لمن الساعة اتنين جات وهو كان برضو عنده أمل في الموضوع دا وكان يطلب موية الموية يحموها اياه - يحجزوها منه - يشربوها الناس، جات جبنة، حموها اياه – شربوها الناس.. بعدين اتوتر، بعد شوية الناس ملخوا فروع الشجر وبدوا يضربوا في الشبابيك والأبواب والقزاز والدواليب وبقت هيجة عجيبة.. في اللحظة ديك هو عرف أنو الموضوع دا لازم ينهيهَ فتناول التلفون وكلم السجن، قال لضابط السجن تجيب البنت انت بنفسك وتجي.. زى الساعة اتنين ونص أو تلاتة بعد الضهر جابوا البنت وسلموها لناس رفاعة ورجعوا بيها.. دا كان يوم السبت.. في الوكت داك هو طلب قوة من الجيش تقوم من الخرطوم، تجي تحيط رفاعة كلها، وقوة من البوليس ليقضى علينا نحن.. حضّر ليهو قايمة من 12
12 كلهم اختارهم من الشبان الصغار ومن الناس بتاعين القهاوي الا أربعة خمسة.. عشان هو كان في نيته أن يقول دا شغب – شغب رفاعة..
ما أحب أن يفهم من كلمتي أنهم اختاروا من الشبان الصغار وبتاعين القهاوي تحقير من الزملاء اللي كانوا معانا في الحركة دي.. ما كان فيها الا كل انسان كريم وغيور.. لكن قصدت أقول إنه اتجنب أن يذكر الشياب في كشفه عشان الناس يقولوا إنهم كلهم أحداث وصغار ومنفعلين ولذلك هم أقرب الى الشغب منهم الى الاحتجاج الرشيد.. تمت الاعتقالات في صبحية السبت داك – في أغسطس من عام 46.. بعدين بدت محاكمات، كان واضح عندنا أنها جاهزة، فكان نصيبي أنا فيها سنتين، بعدى أظن سنة، تسعة شهور، ستة شهور في، لكن أنا كان نصيبي سنتين..
بدأ السجن في مدني.. ويلاحظ برضو أنو المحكمة كانت زى سجنتني في الدرجة التالتة، ما ذكرت معاملة خاصة.. في مدة الاحتجاز قبل السجن كنت بعامل كسجين درجة تانية.. لكن المحكمة ما ذكرت التمييز دا فكان الاتجاه انو أكون سجين درجة تالتة.. بديت بطبيعة الحال بنفس الاسلوب بتاعي اللي هو الصيام الصمدي فكان سبعة أيام ما فيها أكل ولا شراب لا بالليل ولا بالنهار.. وكانوا بجيبوا الأكل بتاعهم يختوهَ وبعدين يشيلوهَ ويجيبوا الوجبة البعدها والاخوان من برة يتكلموا عن الاضراب عن الطعام لسوء المعاملة - هم الاخوان الجمهوريين عارفين أنه صيام.. بدت الحركة التانية بالصورة دي بعد السبعة يوم في اليوم التامن عدلوا السجن الى الدرجة الثانية.. استمريت زى تلاتة شهور في سجن مدني، ما فيهو مكان لمساجين الدرجة التانية، فكان في مكاتبات دائرة بين السلطات في سجن كوبر وسجن مدني.. ناس كوبر ما عايزني للتجربة الماضية.. ناس مدني ما عنده م فرصة لي لأنهم ما عندهم قسم للسجن درجة تانية، أنا برضو كنت بخلى المسائل صعبة ليهم، بطالب بحمام درجة تانية وبطالب بأشياء زى دي.. فتقرر في الآخر أنى أجي كوبر فجيت كوبر وسرت السيرة الأولانية ديك، كانت زى أربعين يوم.. أطلع ليلة واحدة في الصبحية يودوني الزنزانة مرة تانية استمرت السلسلة بتاعتها زى أربعين يوم بعدين كانت التوصية من المديرين الاتنين اللي قبيلك ذكرتهم أنو أحسن حاجة يسيبوني منعزل في محل براي، ما اختلط بالمساجين التانيين، وما يتعرضوا لي هم بأن أقوم أو أن أعمل العمل المفروض على مساجين الدرجة التانية.. هنا بديت التفرغ فعلا للعبادة ولو أنها هي من السجن الأولاني كانت في..
العبادة في حقيقتها بدت من قبل كدة، يعنى من قبل السجن، لكن في السجن كان في تفرغ كبير ليها.. السجن سنتين معناه 18 شهر لأنه هم في العادة بيعفو ربع المدة، يعنى سنة السجن تسعة شهور.. لكن حصلت بعض المخالفات لأوامرهم وحصل أنو مسجون من مساجين الدرجة التالتة، وكانوا بجوني كتير، لعله بياخدوا الأكل البيجي بالنهار، لأنه أنا كنت صايم طوالي، باكل العشاء بس، الفطور والغداء هم بياخدوهو والشاي، فواحد منهم ممن نشأت بيني وبينه علاقة وبيجي ينضف الأودة الأنا فيها وبياكل البتاع دا، حصل ليهو سوء معاملة معينة من السجانين أنا ناصرته بأن كتبت لرئيس القضاء برة.. فمدير السجن استاء – مدير عام السجون – استاء من الحكاية دي وبرضو نوّه لي عن عملي دا، أنه ما بجيب نتيجة، لكن انت لازم تعرف أنك انت مسجون درجة تانية، مسجون عادى وبتخالف أوامر السجن.. بكرة إذا ما أطعت أوامر السجن أنا باخد منك ربع المدة في السنة الأولانية – تلاتة شهور.. وطبعا ما كانت في طاعة للأوامر فأخد تلاتة شهور من المدة بقت السنتين يعنى 21 شهر.. بعد شوية كتبت تاني مذكرة لرئيس القضاء لأنه ما رد على ديك وتمشى بواسطة السجن بطبيعة الحال فناداني تاني مرة وقال لي بكرة إذا ما طلعت من تنفيذ الأوامر أنا باخد التلاتة شهور التانية.. فالشاهد أنو السنتين بقن 24 شهر تماما..
في الأثناء دا، الحزب الجمهوري.. بعد ما هم - أيام الزنزانة اللي كانت بتتوالى طوالي في أوائل الحركة كان الجمهوريين نشاط جدا في إثارة الموضوع في الخارج من سوء المعاملة والإضراب عن الطعام والصحف كانت تكتب – بعد ما هم فكروا أنو يسيبوني في سبيلي ويخلوا المسألة تهدأ، زى الجمهوريين هدأوا برضو.. وكان عبد الله رجب كتب عن الحزب الجمهوري قال "وهو حزب نام ولم يمت".. فمرت الأربعة وعشرين شهر، بعدين خرجت في سنة 48.. اعتكفت برضو تلاتة سنين في رفاعة، بعدها لما خرجت كان المؤتمر الفيهو البيان اللي قلناه سنة 51 – اكتوبر 51..