حوار مجلة الوادي مع الأستاذ محمود محمد طه
المرشد العام للجمهوريين للــوادي:
إسرائيل ستصبح دولة مسلمة !!
الشريعة القديمة لا تناسب عصرنا !!
أجري الحوار: جمال الدين حسين - تصوير صلاح أحمد
مجلة الوادي: مجلة شهرية سودانية مصرية تصدر عن مؤسسة روز اليوسف -
القاهرة - دار الصحافة - الخرطوم -
السنة الرابعة - العدد 47 - مارس 1983م
بسم الله الرحمن الرحيم
لا يمر يوم إلا ويخرج الأخوة الجمهوريين بفتوى جديدة ، في الدين ، وفي الحياة. وآخر ما خرجوا به علينا هو ما قالوه لمجلة الوادي ، في حوار مثير جرى بيننا وبين المرشد العام لهم محمود محمد طه ، في منزله بمدينة المهدية بأم درمان.
كان علينا أن نعرف كيف يفكرون ، وإلي ماذا يدعون ، ومن هم أنصارهم ومن هم أعداؤهم، فإذا بنا نخرج بآراء وأفكار مثيرة علي لسانهم .. من هذه الآراء :
أن إسرائيل ستصبح دولة مسلمة.
وأن مصلحة السوفيت ألا يكون في الشرق الأوسط حرب ولا سلام.
وأن كل الحكام العرب سيأتون في النهاية ويصافحون إسرائيل.
ومن هذه الأراء أيضا :
أن الديمقراطية الليبرالية لم تعد صالحة لعصرنا ، وكذلك ديمقراطية البروليتاريا.
ومن هذه الأراء أيضا :
أن الإسلام في حاجة لبعث جديد.
وأن الشريعة التي قامت في القرن السابع زمن الرسول ، لا تناسب وقتنا الحاضر.
وفيما يلي نص الحوار بين الوادي و المرشد العام للجمهوريين ، والذي نتوقع أن يقيم الدنيا ولا يقعدها ، ويفجر من حولنا ألغاما كانت ساكنة حتى نشر هذا الحوار.
بعث لا إله إلا الله (الإسلام في حاجة لبعث جديد)
الوادي: ما هي المرتكزات الأساسية لفكر الأخوان الجمهوريين ؟
محمود محمد طه: نشأ الفكر الجمهوري في منتصف الأربعينات وبالتحديد في أكتوبر 1945م .. كانت تلك الفترة بداية نشؤ الأحزاب الوطنية .. الحركة الوطنية كانت قبلا ممثلة في مؤتمر الخريجين الذي نشأ في عام 1938م و انضممنا إليه كأفراد وكشباب ناشئ ومتحمس لوطنه ..
وفي أوائل الحرب العالمية الثانية طالب الخريجون بإعتبارهم طليعة الحركة الوطنية . حكومة الإنجليز في السودان أن تبدى إستعدادها لأن تعطي السودانيين حق تقرير المصير وكما جاء في "وثيقة الأطلنطي" .. ولكن سلطات الإحتلال البريطاني ردت بأن الخريجين ليس من حقهم أن يتحدثوا بإسم السودان ..؟؟؟ هم زعماء الطائفية وزعماء العشائر .. فبدأت الحركة الوطنية تخرج من مؤتمر الخريجين لتكون الأحزاب ..
ما قيل من أن أحزاب السودان نشأت في أحضان الطائفية حق .. وبالتحديد طائفتان .. طائفة الأنصار .. وطائفة الختمية .. طائفة الختمية إتحادية وميولها مع مصر و طائفة الأنصار إستقلالية وميولها مع الإنجليز .. نشأت أحزاب عديدة من الخريجين وتبلورت في حزبين هما الإستقلالي و الإتحادي .. حزب الأمة والحزب الوطني الإتحادي.
مضى هذان الحزبان في إتجاه الإستقلال و الإتحاد .. الإستقلاليون كانوا أصدقاء للإنجليز وكانوا يرفعون شعار "السودان للسودانيين" الإستقلاليون كانوا يريدون التخلص من المصريين والإتفاق مع الإنجليز علي خطوات نحو الحكم الذاتي .. وربما كانوا يطمعون في أن ينصب الإنجليز السيد عبد الرحمن المهدي ملكا علي السودان .. أما الإتحاديون فكانوا يرون الإتحاد مع مصر تحت تاج الملك فاروق.
اما نحن كجمهوريين فكنا نرى ان الزمن قد تجاوز نظام الملكيات و الامبرطوريات خصوصا بعد ان اطاح هتلر بعروش اوربا فتهاوت .. كان الاتجاه فى تلك الفترة الى ان تحكم الشعوب نفسها على اسس جمهورية ديمقراطية ,, نحن اول حزب نادى بالحكم الجمهوري وقلنا: لاتاج بريطانيا ولاتاج فاروق.. وانما يعود الامر للشعب ويكون الحكم جمهوريا ينتخب فيه الشعب رئيس الجمهورية على اسس ديمقراطية .
المرتكز الآخر لفكرنا اننا نرى ضرورة بعث الاسلام من جديد .. والاسلام الذي نقصده ليس إسلام الأزهر ولا إسلام المعهد العلمي عندنا .. وليس إسلام القضاة الشرعيين .. جوهر الأمر في رأينا بعث لا إله إلا الله جديدة خلاقة في صدور الرجال والنساء كما كانت في القرن السابع في شعاب مكة .. يجب أن يكون هناك بعث جديد ، ثورة ترفع شعار لا إله إلا الله .
الوادي : كيف يتحقق هذا البعث الإسلامي ؟
محمود محمد طه: البشارة النبوية تقول :"بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء .. قالوا: من الغرباء يا رسول الله ؟ فقال : الذين يحيون سنتي بعد إندثارها" ..
و المرتكز الأساسي للدعوة الجمهورية هي بعث السنة النبوية ، و نمارسها نحن في انفسنا .. السنة هي عمل النبي في خاصة نفسه .. سيدنا محمد كان نبيا و رسولا .. رسالته تأتي من نبوته لتناسب الناس .. و القرآن جاء بالإثنين .. القرآن جاء قرآنا مكيا ونزل لمدة ثلاثة عشر عاما .. و دعا إلي سنة النبي في خاصة نفسه والناس لم يطيقوها ..
كانت هناك مؤامرة لإغتيال الرسول ثم أمر الله رسوله بالهجرة فهاجر .. و بدأ القرآن المدني ينزل ، و كأنما القرآن المدني تنزل من مستوى القرآن المكي لعامة الناس في القرن السابع وعليه قام الجهاد .. في مكة كان منهيا عن الجهاد .. و لكن عندما هاجر النبي وبدأ القرآن المدني ينزل بدأ الجهاد .. و لذلك قال الرسول في المدينة "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويحجوا البيت ويصوموا الشهر ، فإذا فعلوا عصموا مني أموالهم و دماءهم إلا بحقها و أمرهم إلي الله" .. وبدأ الجهاد في واقعة بدر الكبرى و بدأت الغزوات وبدأ التحول الكبير نحو الإسلام في العشر سنوات الأخيرة من عمر النبي.
قامت الشريعة الإسلامية علي القرآن المدني ، الشريعة قامت لتناسب مجتمع القرن السابع .. وهي بكل صورها لا تناسب وقتنا الحاضر !! .. الشريعة فيها ثلاثة مرافق أو مواضيع : الإقتصاد والسياسة والإجتماع .. نزلت لتناسب القرن السابع و لكنها لا تناسب القرن العشرين!! .
الدعوة أساسا عندنا في بعث الدين ليواجه مشكلة الإنسان المعاصر و يحلها .. مشكلة الإنسان أو الفرد في القرن العشرين و المجتمع في القرن العشرين.