خاتمة
تمر هذه الدعوة الجديدة الى "الإسلام" اليوم، بمرحلة هامة، من مراحل تطورها، وتفتح دورة جديدة، من دورات انتصارها بفضل الله، وبفيض عنايته.. فما انسد أمامها باب، الا وانفتح باب أوسع منه.. وما عارضها معارض، ولا تآمر عليها متآمر الا وكان ذلك دفعا جديدا لها، نستثمره استثمارا يجعل المعارضة، والتآمر، وقودا للانفتاح أكثر، والانطلاق أكثر.. فليس لهذه الدعوة من معوقين، وليس لها من أعداء، الا أعداء في ظاهر الأمر فقط، ولكنهم، في باطنه، أعوان لها، من حيث لا يحتسبون.. ففي الحق أن مطلق انسان إنما يعمل من أجل انتصارها ذلك لأنها إنما تتمم صرح الدين، الذي شاركت وتشارك في أقامته الحياة بجميع صورها – الحياة العنصرية، والحياة الجسدية، والحياة العقلية.. وما ذاك الا لأنها دعوة الى "لا إله الا الله" في قمتها.. وعن "لا إله الا الله" قال النبي الكريم: ((خير ما جئت به أنا والنبيون من قبلي، لا إله الا الله)) فهي بذلك خلاصة الدين كله، من لدن آدم والي يوم الناس هذا.. هي ثمرة جهود الأنبياء، والصالحين، والمصلحين، من عباد الله، وعلى رأسهم سيدهم، وأمامهم: محمد بن عبد الله، عليه أفضل الصلاة، وأتم التسليم.. فهي دعوة تقوم على آيات الأصول من القرآن.. والقرآن قد حوى قيم التراث البشري كله، أوائله، وأواخره.. فالقرآن مهيمن على كل شيء.. قال تعالى: ((وأنزلنا اليك الكتاب بالحق، مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه)).. ثم هي، فوق ذلك دعوة الى المرحلة العلمية من الإسلام، تلك المرحلة التي تتسامى على المرحلة العقيدية التي هي سمة الأديان المختلفة، وقصاراها.. الإسلام، في مرحلته الأولى، ((عقيدي)) – آيات الفروع.. الإسلام، في مرحلته الثانية علمي – آيات الأصول.. دعوتنا هي الى هذه المرحلة.. هي الى المرحلة العلمية – المرحلة المعنية بقولنا: الإسلام دين الفطرة.. والفطرة هي القلب والعقل.. ((فاقم وجهك للدين حنيف، فطرة الله التي فطر الناس عليها.. لا تبديل لخلق الله، ذلك الدين القيم.. ولكن أكثر الناس لا يعلمون)).. على هذه الفطرة جميع البشر يلتقون.. الفطرة البشرية حيث وجدت فهي بشرية.. قال المعصوم ((كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه، أو يمجسانه، أو ينصرانه)).. علمية الإسلام هي هذه الفطرة.. ولقد انطمست هذه الفطرة.. ((كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون)) فجاء الإسلام في مرحلتيه العقيدية والعلمية بالمنهاج الذي يخلص هذه الفطرة من ((الرين)) ويعيدها سليمة كما كانت.. تصبح فطرة المسلم سليمة بفضل إسلامه.. والفطرة السليمة هي سلامة القلب وصفاء العقل.. هذه هي القيمة التي يؤديها الإسلام والقرآن للبشرية إذا ما مارست أدب شريعته وأدب حقيقته المرصودة في قرآنه المترجمة في الدم واللحم بحضرة النبي الكريم.. نحن دعاة الى هذا المستوى: القلب السليم والعقل الصافي بواسطة المنهاج النبوي في العبادة وفي العادة.. هذه هي دعوتنا وعمدتنا آيات أصول القرآن ودليلنا "حياة محمد" المرصودة في "سنته"
ان هذه الدعوة الغريبة للدين هي البينة، وهي النبأ العظيم الذي اختلف فيه الناس، وعجبوا منه، وقد بلغ النبي الكريم استغراب الناس له فقال ((بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدا، فطوبى للغرباء، قالوا: من الغرباء يا رسول الله؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها)) فدعوتنا هذه الغريبة على الناس، إنما هي الى السنة النبوية، وما برحنا ندعو لها بتفصيل واف باسم ((الرسالة الثانية من الإسلام)).. ونجد اليوم أننا مفهومون في دعوتنا هذه الى حد كبير، عند رجل الشارع العادي، وعند المثقفين، والمتعلمين.. ولكنا لا نجد أنفستا مفهومين من قبل من يسمون برجال الدين، وهذا أمر غير مستغرب عندنا، فهم ضحايا تعليم خاطيء، أورثهم التعصب، وأبعدهم عن سعة الصدر، وسعة الفهم، ولكن ما نستغربه حقا هو اصرارهم على النقل المخل، وعلى التشويه المتواصل لآرائنا، رغم تنبيهنا لهم لايقاف هذا السلوك السيء، ورغم دعوتنا لهم الى منابر الحوار الموضوعي والأمين..
لا بد لنا في هذه الخاتمة من أن نختم كلامنا هذا الموجز ونحيل من يريد ان يفهم تفصيل حديثنا هذا عن دعوتنا أن يرجع الى كتبنا فإنا قد فصلنا القول فيها تفصيلا..
نحب أن يكون هذا الأمر واضحا لكل الناس أن هذه الدعوة هي الدين وليس هناك غيرها دين في الأرض منذ اليوم فمن الخير أن يأخذوها مأخذ الجد التام وأن يبادروا آجالهم بالتصحيح فانهم مسئولون عن دينهم.
ونحب لأخواننا "العلماء" في السودان وفي الأزهر وفي غيرهما من بلاد الإسلام أن نقول استقبلوا هذا الأمر بالصدق وبالخلق الذي يليق بالعلماء وأتركوا هذا التشويه الذي تستقبلونه به اليوم وأحذروا أن ينطبق عليكم قوله تعالى: ((ومن أظلم ممن أفترى على الله الكذب وهو يدعى الى الإسلام؟؟ والله لا يهدي القوم الظالمين..))
هذا وعند الله نلتمس التسديد
الأخوان الجمهوريون
أم درمان