السلطة التنفيذية تأمر النائب العام
بالانسحاب من قضية بورتسودان
لقد كان واضحا عندنا أن موقف النائب العام من قضية بورتسودان مناقض لموقف السلطة السياسية.. ذلك ان السلطة السياسية لا ترى في الجمهوريين أعداء لها، ولا هي تعتبرهم قد أثاروا القضية ضدها.. ولا هم يخططون لنحو من ذلك.. والسلطة السياسية تفهم أيضا أن الصراع بين الجمهوريين وبين من كانوا يسمون "بالقضاة الشرعيين"، إنما هو صراع فكري يتعلق باختلافات مبدئية.. ولا يمكن أن تكون الدولة طرفا في هذا النزاع، بأي حال من الأحوال... من أجل هذا فإن الزج بالدولة في قضية بورتسودان بالصورة التي أرادها النائب العام يجعل السلطة السياسية تحارب أصدقاءها لمصلحة أعدائها من السلفيين، والرجعيين، وأعداء التقدم..
ومن جانبنا نحن فإنه لم يكن من أهدافنا ان تتدخل السلطة السياسية لحمايتنا لأن هذا لا يتفق مع مثلنا، كما أننا لسنا في حاجة لذلك، إذا ان حقنا شديد الوضوح.. وبالرغم من هذا فإننا قد أجرينا اتصالات بالمسئولين في قمة السلطة السياسية، والتنفيذية، وكشفنا لهم عن موقف النائب العام المتناقض مع الخط المعروف لسياسة الدولة..
على إثر هذه الاتصالات تفّهم المسئولون في القمة خطأ موقف النائب العام، وما يترتب على ذلك من آثار سياسية وخيمة... على هذا الأساس صدر الأمر للنائب العام بأن ينسحب من قضية بورتسودان وبالفعل انصاع النائب العام وأنسحب من قضية بورتسودان، بموجب خطاب أرسله لوكيل نيابة البحر الأحمر أفاده فيه بأن تدّخلهم في هذه القضية قد كان عن طريق الخطأ، وعليه يجب أن يسحب نفسه من تمثيل الاتهام..
وهكذا أسدل الستار على مرحلة هامة من مراحل هذه القضية الفريدة.. ولا شك أن كثيرا من أصدقائنا القراء قد تابعوا النقد المركز الذي وجهه الأخوان الجمهوريون للنائب العام السابق لموقفه من قضية بورتسودان، وكيف انه في هذا الموقف مستغل لمصلحة القوى المتخّلفة، شعر بذلك، أم لم يشعر.. والجدير بالذكر أننا كنا بصدد إصدار كتاب ثالث نطالب فيه إعفاء النائب العام من منصبه لأنه، بهذا المستوى الذي ظهر فيه في قضية بورتسودان، وقد برهن على عدم جدارته لتولي مثل هذا المنصب الحساس... أكثر من هذا!! انه معوّق قد استغل منصبه الرسمي لتحقيق أهداف الطائفيين، والسلفيين..
ولكن ذلك الكتاب لم يصدر إذ أن النائب العام السابق السيد عبد المجيد إمام قد تم إعفاؤه من منصبه، وذلك لورود اسمه ضمن المتآمرين في حركة سبتمبر الفاشلة، وهو لا زال يظن به التآمر ضد الدولة التي وثقت فيه، وأوكلت اليه تصريف أحد مناصبها الخطيرة..