الطفل والأسْرة
الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع، وهي المدرسة الأساسية، التي يتلقى فيها الطفل تكوينه وتربيته.. والأسرة إنما تبدأ بالعلاقة الزوجية، بين الرجل والمرأة، وعلى هذه العلاقة تتوقف حياة الأطفال، الذين هم ثمرتها.. فإذا قامت هذه العلاقة، على أساس متين، لوحظت فيه اعتبارات السن، والنضج العقلي، والتوافق في الأمزجة، مع الاعتبارات الصحية للزوجين، وثم اختيارهما لبعض، على أساس من المحبة، وبوعي وفهم عميق لبعضهما، ولطبيعة العلاقة الزوجية، ومقتضياتها – فإن ذلك يعين، أكبر الاعانة على تنشئة الأطفال، تنشئة سوية.. وفي خلاف ذلك، فإن كل خطأ وكل مشكلة، تصحب العلاقة الزوجية، تترك آثاراً سيئة على الأطفال، مما يجعل قضايا الطفولة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بقانون الأحوال الشخصية.. فمثلاً الطلاق وتعدد الزوجات يتركان آثار خطيرة على الأطفال.. وكما ذكرنا فإن الطفل، يأخذ تكوينه الأساسي، من أمه.. فإذا كانت الأم، مضطهدة، ومهضومة الحقوق، ضعيفة الشخصية، جاهلة، فإن لكل ذلك سود العواقب على الأطفال.. والإهتمام بالطفولة يقتضي توعية الآباء والأمهات، وتعريفهم بواجباتهم تجاه أطفالهم، وتعريفهم بمراحل تكوين الطفل، في الرحم، وبعد أن يخرج، ويتنقّل في أطوار نموه المختلفة، وتعريفهم بخصائص كل مرحلة من هذه المراحل، وما يناسبها من أساليب التغذية، والتربية والتعليم..
ويدخل ضمن قضايا الأسرة موضوع تنظيم النسل، ومدى أهميته بالنسبة لتربية الأطفال، والأساليب العلمية التي تستعمل فيه، وإلى أي حد يتعارض، أو لا يتعارض مع الدين!!
وحول الأطفال في الأسرة، تنشأ العلائق الإنسانية الرفيعة، ابتداء من العلاقة الزوجية، وعلائق الأبوة، والأمومة، والأخوة..
وهي علائق تخصب الحياة الوجدانية، وتنمي المحبة، ويمكن تنميتها، وإشاعتها في المجتمع الكبير، حتى يرى كل الكبار في الصغار أبناءً، ويرى كل الصغار في الكبار أباءً وأمهات، وينظر المتقاربون في السن لبعضهم نظرة أخوة.. وهذا ما يؤكد الدور الهام للأسرة في بناء المجتمع الصالح، ذلك الدور الذي فشلت الماركسية في أن تراه فسعت إلى هدم الأسرة، وتربية الأطفال تربية خاطئة، تحت رعاية الدولة في دور الحضانة..
