إن الرجل الحر حرية فردية مطلقة هو ذلك الرجل الذي يفكر كما يريد، ويقول كما يفكر، ويعمل كما يقول، على شرط واحد هو أن يكون كل عمله خيرا، وبرا، واخلاصا، وسلاما، مع الناس..

الأستاذ محمود محمد طه - كتاب (لا إله إلا الله)

menu search

المنشور الأول بمناسبة: عَام الطِّفْل العَالَمي
عام ١٩٧٦

بسم الله الرحمن الرحيم
((ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال، والنساء، والولدان، الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً)).
صدق الله العظيم


المقدمة


لقد ظللنا دائماً، نؤكد، ان أفضل السبل لتقديم الإسلام، هي ان يقدم، من خلال، حل مشاكل الناس.. وبالصورة التي تقنع العقول، بجدوى ممارسته، وتبرز فضائله، على كل فكر، يتصدى لحل تلك المشاكل.. وظللنا نعمل على هذا الأساس.. فنتصدى للقضايا المختلفة، ونقدم الحلول، العلمية، والعملية لها، من أصول الإسلام.. ونحن في عملنا هذا، لبعث أصول الإسلام، ننطلق من رؤية، واضحة، تميز، بين الوسائل والغايات.. فالإنسان – في أي طور من أطواره، وفي أي مستوى من مستوياته – هو الغاية.. وعلى هذا الأساس يجب أن يعامل كل إنسان.. كما يجب أن توظف كل الوسائل، لتفضي لهذه الغاية، من خلق الإنسات الحر، السليم، المعافى، الذي يجد كل الفرص الممكنة، لتنمية مواهبه، وتحقيق ذاتيته..
ونحن في عملنا هذا.. من أجل بعث أصول الإسلام، وإقامة مدنية جديدة، على هداها، إنما نقدم الفكر الذي يرث، ويستوعب، ويوجه، ويتوج التراث البشري، والمجهود البشري، منذ أن كان البشر.. وليفضي إلى الغاية المنشودة من حركة التطوّر.. من إقامة مجتمع السلام، والرخاء، والمحبة على هذه الأرض.. هذه الغاية الكبيرة، التي دفعت البشرية في سبيلها الكثير، من الماء، والدموع، والمعاناة..
ولقد ظل المجهود البشري، في تاريخه الطويل، يستهدف: إنصاف المصتضعفين، والمظلومين على الأرض.. بالقضاء على أسباب الفرقة، والتناحر.. وإقامة علائق الناس، على أساس من العدل، والمحبة.. واهتمامنا نحن، الشديد، لنصرة المستضعفين، إنما هو، بسبيل، من تتويج، هذا المجهود البشري.. وقبل ذلك، هو إستجابة لداعي الله، حيث قال تبارك وتعالى: ((ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله، والمستضعفين من الرجال، والنساء، والولدان الذين يقولون: ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها، وأجعل لنا من لدنك ولياً، وأجعل لنا من لدنك نصيراً..)).. وقد ثار المستضعفون، من أجل حقوقهم، فكانت ثورة الأرقّاء، وثورة الفقراء، ثم أتت مؤخراً ثورة النساء..