بسم الله الرحمن الرحيم
((يا أيها الذين آمنوا: استعينوا بالصبر والصلاة .. ان الله مع الصابرين ..))
صدق الله العظيم
مدخل:
ان العبادات ، في الاسلام ، هي منهاج وفقه تراض ، وتساس ، النفس البشرية لتحقيق الكمالات الانسانية ، ولتفجر الطاقات الكامنة والمودعة فيها .. وسنخصص منشورنا هذا للحديث عن عبادة الصيام ، عن معناه وقيمته ، وعن كيفيته ، وعن آدابه ، وعن علاقته بالصلاة ، خاصة صلاة القيام .. وغرضنا من هذا المنشور هو أن نرد للصيام بعض ما يستحقه من الاعتبار ، حتي يقبل عليه الناس بعقول متفتحة ، ونفوس مطمئنة ..
معني الصيام:
ان الصيام ليس هو الامساك عن شهوتي البطن والفرج فحسب ، وانما الصوم التزام بمحاربة العادات ، وانتصار للفكر ، بدوام الحضور ، حتي ليصبح الصائم حاضرا مع الله ، ومتخليا عن كل ما سوي الله .. وكل هذه أمور تحتاج للذكاء المميز وللارادة المنفذة ولذلك فان الصيام انما هو حظ الروح ، فهو يشحذ الذكاء ، ويعطيه نفاذا ومضيا .. ومعلوم أن "البطنة" تنيم "الفطنة" .. والصيام انما يشحذ الذكاء لأنه يؤثر علي الدم ، فينقيه ، ويقلله ، ويحد بذلك من طيش واندفاعات الشهوة .. وقد جاء في حديث المعصوم:
((ان الشيطان يجري من أحدكم مجري الدم .. فضيقوا مجاريه بالصوم
)) .. ويقول الله تعالي:
((يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر ، والصلاة .. ان الله مع الصابرين ..
)) وفي الآية عبر عن
((الصوم
)) ((بالصبر
)) ، لأن الصوم رياضة تطالب بالصبر عن دواعي الجبلة ، وغرضها ، في ذلك تقوية الفكر .. والصبر فضيلة ، في السالك ، يحتاجها في جميع مقامات العبادة .. وليست في صفات العباد صفة تعادلها .. ولذلك فانه قد قال:
((انما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
)) ..
وقت الصيام:
أول ما ينبغي الحديث عنه هو وقت الصوم .. ومعلوم أن الله قد جعل لكل عبادة وقتها .. وجوهر الحكمة في أن للعبادات أوقاتا محددة تؤدي فيها هو محاولة تحرير الدين لنا من استعباد
((الزمن
)) ايانا ، لأن الزمن هو أكبر عنصر له علينا أكبر سلطان .. ووقت الصيام تحكيه الآيات الكريمات التاليات:
((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام ، كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون* اياما معدودات فمن كان منكم مريضا ، أو علي سفر ، فعدة من أيام أخر .. وعلي الذين يطيقونه فدية ، طعام مسكين .. فمن تطوع خيرا فهو خير له ، وان تصوموا خير لكم ، ان كنتم تعلمون* شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ، هدي للناس ، وبينات من الهدي والفرقان* فمن شهد منكم الشهر فليصمه .. ومن كان منكم مريضا أو علي سفر ، فعدة من أيام أخر .. يريد الله بكم اليسر .. ولا يريد بكم العسر .. ولتكملوا العدة ولتكبروا الله علي ما هداكم .. ولعلكم تشكرون
)) ..
ثم هو ، في داخل شهر رمضان ، له وقت .. من طلوع الفجر ، الي غروب الشمس .. قال تعالي:
((وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الأبيض ، من الخيط الأسود ، من الفجر ، ثم أتموا الصيام الي الليل ..
))